مذكرات تونى بلير تكشف أسرارا جديدة عن أميرة القلوب وغيرة ملكة بريطانيا من شهرة ديانا.. بلير: لو ماتت الملكة فلن يحزن عليها شعب بريطانيا مثلما حزن على ديانا

نقلا عن العدد اليومى...

فى الساعة الواحدة والنصف مساء، نهاية أغسطس 1997، استيقظ تونى بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، متفاجئًا بوجود شرطى داخل غرفة نومه، اعتذر الأخير عن اقتحامه لخصوصيته، ولكن الدافع وراء ذلك هو نبأ حادث الأميرة ديانا، وإصابتها بجروح خطرة.

ليلة عادية قضاها بلير برفقة أبنائه الثلاثة بعدما قص عليهم حكاياته المعتادة ليساعدهم على النوم، لكنه أفاق على خبر غير عادى، كان كفيلًا بأن يبدل حياته ومشاعره فى ثوان معدودة، كذّبه كثيرًا، وحاول التأكد منه بشتى الطرق، خاصة أن الأميرة كانت تتمتع بطاقة وحيوية وقاعدة شعبية عريضة بين الناس، بشكل يجعل من الصعب تصديق إصابتها بأى مكروه، ولكن بمجرد أن دقت عقارب الساعة الرابعة والنصف فجرًا، وصل النبأ اليقين بوفاة الأميرة ديانا فى حادث نفق جسر آلما، بباريس، برفقة صديقها المصرى عماد الفايد، الشهير بـ«دودى».

حالة من الحزن والأسى خيمت على بريطانيا بعد إعلان وفاة «أميرة الشعب»، كما أطلق عليها بلير، صعوبات كثيرة وتحديات قابلته كان عليه التعامل معها بذكاء تام بسبب حساسية منصبه.. «بدأنا فى اتخاذ الإجراءات اللازمة، من حيث التواصل مع السير مايكل جاى، السفير البريطانى فى باريس، لترتيب مراسم نقل الجثمان».. هكذا يتحدث بلير فى مذكراته «الرحلة» التى صنفت ضمن كتب الجرائم فى بريطانيا لما فيها من أسرار وخبايا، كشفها رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، مستخدمًا طريقته الساخرة والسلسة فى سردها.

تفاصيل اللقاء الأخير بين «بلير» و«ديانا»: كان بلير واحدًا من أكثر المعجبين بالأميرة ديانا، وشعر بأسف حقيقى بعد وفاتها تجاه أبنائها، كان يعلم جيدًا أن هذه الحادثة ستتحول إلى مناسبة قومية وعالمية كبرى، وأصبح فجأة أمام تحدٍ كبير، وهو إلى أى مدى سينجح أمام كم الحزن الذى يشعر به فى أن يُخرج بريطانيا من هذا المأزق، وينظم موجة الحزن العارمة والشعور بالخسارة الذى ينتاب الشعب تجاه الأميرة ديانا قدر استطاعته.

فى آخر لقاء جمع بين بلير وديانا فى شيكرز، منزل رئيس الوزراء الريفى، جاءت بصحبة الأمير ويليام.. يصف بلير الأجواء داخل المنزل بأنها كانت رائعة، وجميع العاملين كانوا متحمسين لقدوم الأميرة، حاولت «ديانا» فى اللقاء أن تتحدث بشكل أكثر رسمية، ناقشت ما يمكنها فعله تجاه البلاد بشكل حماسى، وتجنبت أن تتطرق لأى موضوعات تخص حياتها الشخصية.

لم تكن «ديانا» بالنسبة لرئيس الوزراء البريطانى الأسبق شخصًا عاديًا فى الأسرة المالكة، بل كانت سندًا وداعمًا له، يرجع إليها فى أمور عديدة للاستماع لمشورتها، «كانت شخصية رائعة وجميلة، تفهم جيدًا طبيعة الشخصيات التى تتعامل معها، بالإضافة لعلاقتها بالمرضى والمعاقين، والتى كانت تحمل فى طياتها كثيرًا من الصدق، بشكل جعلها الأقرب لأبناء تلك الفئة».. هكذا يصفها بلير الذى قال أيضًا فى مذكراته إن وفاة الملكة إليزابيث نفسها ستكون أقل تأثيرًا فى نفوس الشعب، مقارنة بوفاة «أميرة الشعب» ديانا.

خلال اللقاء تعمد بلير أن يتحدث معها حول علاقتها بدودى الفايد. فى حديثه معها، حاول بلير أن يستمع أكثر من الكلام، محتفظًا بالصورة الذهنية المأخوذة عن رجل الأعمال المصرى عماد الفايد لديه، فبلير على الرغم من أنه يراه ابنًا صالحًا وشابًا لطيفًا، فإنه كان ينفر منه، ولا يشعر بأى ارتياح تجاهه، وهذا ليس للأسباب التقليدية المعروفة المتعلقة بجنسيته ودينه وخلفيته.. «كانت تشاركنى هذا الشعور مجموعة من أصدقاء ديانا المقربين». ثمة ارتباك وتخبط يسودان بين أفراد الأسرة الحاكمة داخل القصر، فكيف يمكنهم التعامل مع نبأ وفاة «ديانا» بشكل لا يثير فضول الرأى العام، ويظهر نوعًا من الترابط والتوحد، خاصة فى ظل الخلاف الذى نشب بينهم جميعًا قبل وفاة «ديانا» بفترة قليلة.. كانت هذه هى المشكلة الرئيسية التى تقابل بلير الذى حاول التواصل مع الملكة إليزابيث، ونجلها الأمير تشارلز أسبوعًا كاملًا قبل وصول الجثمان لبريطانيا، وبدء مراسم التأبين، ونصب المآتم، بضرورة الخروج للرأى العام، وإلقاء الخطب، وإذاعة الكلمات، تعبيرًا عن مدى حزنهم لفقدانهم الأميرة ديانا.

يقول بلير: «حاولت تقريب الصورة، ونقلها بشكل صحيح للرأى العام، بشكل يليق بالأميرة ديانا، نجحت فى ذلك خلال أسبوع كامل من التواصل مع العائلة، وإقناعها بإلقاء عظة وخطبة حتى تظهر بشكل واضح فى المشهد».

ورغم جهوده السابقة، فإن ملكة بريطانيا لم تستطع إخفاء مشاعرها الغاضبة تجاه «ديانا»، بسبب علاقة الأخيرة برجل الأعمال المصرى عماد الفايد.. يندهش بلير- وفقًا لما ذكره فى كتابه- من تصرف العائلة المالكة بعد ساعات قليلة من وفاة «ديانا»، وتجلى ذلك فى حضروهم قداس يوم الأحد كالعادة، دون الإشارة للحادثة المفجعة، إضافة إلى عدم تنكيس الأعلام بسبب هذا الحادث الجلل فى قصر «وندسور»، وأعلى برج لندن، وجميعها تصرفات حاولت فيها العائلة المالكة أن تظهر مدى تماسكها، ومحاولتها تسيير الأمور فى مسارها الطبيعى، ولكن هذا كله جاء مخالفًا لمشاعر الناس الذين لا يكترثون لما تنص عليه الأصول، ويكرهون هذه الأعراف فى واقع الأمر، لأنهم يعتقدون أنها هى التى تسببت فى موت «ديانا»، لذلك أصر الناس على أن تعترف الملكة بأنها تحكم بموافقة منهم، لذلك يجب أن تخضع لإصرارهم.

ولكن هذا فى حقيقة الأمر كان إشكالية أخرى، وفقًا لما يسرده بلير فى مذكراته، فاستجابة الأسرة الحاكمة لحالة الحزن والتعاطف التى غمرت الشعب وقتها، تعنى الخضوع لحركة تغيير، وفقدان الأسرة الحاكمة سلطتها على الشعب، وهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لهم.

ينظم القداس ويلقى كلمة عن «ديانا»: يقول بلير فى مذكراته: كانت عبارة «أميرة القلوب» على الرغم من أنها تبدو كلاسيكية، وبها نوع من المبالغة، فإنها كانت تصف طبيعة الأميرة ديانا فى علاقتها بشعبها، فعلى الرغم من مكانتها، وعلى الرغم من المشاكل والصعاب التى كانت تواجهها، وكأنها إنسانة عادية تمامًا، فإنها استطاعت التعامل مع مشكلات الناس وشفاء جروحهم.. فى الميدان الأخضر «تريمدون»، حيث توجد الكنيسة القديمة، ذهب بلير وألقى كلمته فى القداس كانت صغيرة للغاية، لكنه كان على يقين بأنها ستنال اهتمام وتغطية العالم أجمع.

وجاء فى الرسالة: يماثل شعورى اليوم شعور أى شخص آخر فى البلاد، أى الشعور بالصدمة الشديدة، إننا نتجه بأفكارنا وصلواتنا نحو عائلة الأميرة ديانا، خاصة ولديها، أن قلوبنا معهم.. إن أمتنا اليوم فى بريطانيا فى حالة صدمة وحداد وحزن مؤلم بالنسبة إلينا، كانت إنسانة رائعة ودافئة، وعلى الرغم من أنها تلقت فى حياتها مآسى محزنة، لأنها لامست حياة كثيرين من البريطانيين هنا، وفى أنحاء أخرى من العالم بفرح واطمئنان، كم من المرات سنتذكرها، وعلى الصعد كافة، كانت تواسى المرضى الأطفال والمحتاجين بمجرد نظرة أو إيماءة تعبر عن أشياء أكثر بكثير من الكلمات، كانت تكشف لنا جميعًا عن عمق تعاطفها، وعمق إنسانيتها، كيف لنا أن نعرف كم قست عليها الظروف بين وقت وآخر؟، لا يسعنا إلا أن نخمن فقط.. امتلك الناس فى كل مكان، وليس هنا فى بريطانيا فقط، الإيمان بالأميرة ديانا، وأحبوها، كما اعتبروها واحدة من الشعب، كانت أميرة الشعب، وهكذا ستبقى دائمًا فى قلوبنا، وفى ذكرياتنا إلى الأبد. صورة العائلة المالكة أمام الرأى العام لم تكن هى المهمة الوحيدة أمام تونى بلير لتتجاوز بريطانيا محنة وفاتها، لكنّ هناك تحديًا آخر أضيف إلى أعبائه، هو التعامل مع فضول وسائل الإعلام التى كانت ترى أن أخبار الأميرة ديانا مادة إعلامية دسمة، وصيد ثمين فى حياتها، وحتى بعد وفاتها، وعمدت إلى نشر أخبار تسىء لحياتها الشخصية، مستخدمة كلمات وإيحاءات غير لائقة. استطاع بلير أن يحقق تلك المعادلة الصعبة، ويتجاوز التحديات السابقة، ومع مرور الوقت تضاءلت حدة غضب الشعب تدريجيًا، وأدركوا أن العائلة المالكة أصبحت أكثر انفتاحًا وتواصلًا معهم، فيما أدركت الأسرة المالكة نفسها أن بإمكانها الانفتاح على الناس، وأن تظل ملكية فى الوقت نفسه.

«بلير» يطوى ذكرياته مع «ديانا» بحديثه عن تشارلز: أبى رئيس وزراء بريطانيا الأسبق أن يطوى هذا الفصل من مذكراته دون الإشارة إلى الأمير تشارلز، زوج الأميرة ديانا، بشىء أكثر تفصيلًا: «كان تشارلز شخصية مثيرة، مزجت بين التقليدى والمتطرف، يذكر بلير أن تشارلز سُئل ذات مرة بعد خطبته للأميرة ديانا بأيام قليلة إن كان يحبها، فكان رده: أجل، ولكن هذا هو الشخص نفسه الذى ربطته علاقة بسيدة أخرى تدعى كاميلا، ظلت الصحافة تطاردها لفترة، لتفسير ما يربطها بتشارلز.. كانت وجهة نظر بلير فى هذا الأمر، والتى دونها فى كتابه، إذا كانا يتحابان فلمَ لا يتزوجان، خاصة أنها كانت تحبه فوق كل شىء، وكانت على علم بأنها لن تصبح مثل ديانا، ولا تتظاهر بأنها كذلك.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;