«هنا خطا رجال من كوكب الأرض أولى خطواتهم على القمر فى يوليو 1969، وقد جئنا بروح السلام للبشرية جمعاء».. كانت هذه الكلمات محفورة على لوحة تذكارية ضمن أشياء رمزية أخرى حملها رواد الفضاء الأمريكيين الثلاثة «نيل أرمسترونج» و«إدوين ألدرن» و«مايكل كولينز» إلى سطح القمر، فى أول رحلة قامت بها مركبة من صنع الإنسان وهى المركبة «النسر»، التى انتهى فصلها الأول فى الساعة الحادية عشرة و14 دقيقة بتوقيت القاهرة مساء 20 يوليو، مثل هذا اليوم، 1969، حسبما تذكر الأهرام، يوم 21 يوليو 2021، مؤكدة: «دخلت البشرية بهذا الحدث عصرا جديدا، وشد الحدث أنظار العالم بوصفه أعظم مغامرة فى القرن العشرين وأشدها إثارة».
كانت «الأهرام» شاهدة على هذا الحدث الفريد، حيث أوفدت محررها العلمى «صلاح جلال» إلى أمريكا، ومنذ يوم 14 يوليو 1969 وحتى يوم 23 يوليو 1969 كانت أخباره هى المانشيت الرئيسى للجريدة، وأبرزها، فى يوم 16 يوليو 1969 كتبت: «ساعات وتنطلق «أبوللو11» فى رحلتها التاريخية إلى القمر.. مليون شخص يتدفقون على قاعدة كيب كيندى يشهدون انطلاق السفينة بعد ظهر اليوم»..وكتبت فى يوم 17 يوليو: «انطلق الإنسان إلى القمر.. بدأت أبوللو11 أول وأخطر رحلة عرفتها البشرية للنزول فوق القمر».. وفى يوم 20 يوليو كتبت: «فى انتظار وصول الإنسان إلى القمر الليلة».. وفى يوم 21 يوليو كتبت: «ونزل الإنسان على القمر».. وفى يوم 23 يوليو كتبت: «أبوللو11 تشق طريقها إلى الأرض».
أكدت «الأهرام» أن هذه الرحلة التاريخية تستغرق 195 ساعة و20 دقيقة منذ لحظة الانطلاق وحتى الهبوط فوق القمر ثم العودة إلى الأرض مرة أخرى»، وهى فى خاتمة برنامج «أبوللو» الذى بدأ منذ ثمانى سنوات، وبلغت تكلفته 24 مليار دولار، وحشدت له أمريكا جيشا مؤلفا من 400 ألف عالم وفنى وخبير وعامل.
كان أكثر فصول الرحلة إثارة يوم 20 يوليو 1969 حين هبطت المركبة «النسر» على سطح القمر.. قالت الأهرام: «سيكون أول عمل يقوم به أرمسترونج حينما يهبط هو أن يجمع حفنة من تراب القمر، ويضعها فى أحد جيوب بدلته كتذكار علمى يحتفظ به فى حالة حدوث أى طارئ ينتج عنه إلغاء خطة التجول فوق سطح القمر، وسوف يقوم «أرمسترونج» وزميله بعد ذلك بجمع العينات وإجراء عدة تجارب علمية، وفى الوقت الذى يتجول فيه الرائدان فوق القمر، يقوم «أرمسترونج» بوصف كل ما تقع عليه عيناه من مشاهد فوق سطح القمر الموحش وينقله إلى الملايين الذين يتابعون الحدث على شاشات التليفزيونات».
حمل «أرمسترونج» أشياء رمزية وتذكارية لتركها فوق سطح القمر.. تذكر «الأهرام»: «قد تكون الأشياء المتروكة أول ما يوضع فى القمر منذ سبق السوفييت ووضعوا أشعارهم عام 1959 عن طريق «لوتا 2»، ولكن الأشياء الرمزية التى يضعها الرئدان اليوم هى أول الأشياء التى تضعها أيد بشرية، وهى لوحة محفورة كتب عليها: «هنا خطا أول رجال من كوكب الأرض أولى خطواتهم على القمر فى يوليو 1969، وقد جئنا بروح السلام للبشرية جمعاء».. كما كان بحوزة الرواد أسطوانة مبرمجة مليئة بأفلام ميكروفيلم وتضم تصريحات لأربعة رؤساء أمريكيين، وعلم أمريكى، ورسائل من رؤساء 73 دولة، وميداليات لرائدى الفضاء السوفييت الراحلين يورى جيجارين وفلاديمير كوماروف، وكان 12 إبريل 1961 هو اليوم الذى أرخ فيه الاتحاد السوفيتى بداية عصر رحلات الفضاء المأهولة التى بدأت بإطلاق أول رائد للفضاء هو «يورى جيجارين».
كان الحدث سبقا علميا فريدا اشتق منه أسئلة حملتها أذهان العامة ورددتها ألسنتهم وظلت تشغلهم لسنوات تالية، كسؤال: «هل توجد حياة على سطح القمر؟.. لكن على بساط البحث العلمى وقتها كانت هناك أسئلة جوهرية تبحث عن إجابات، وذكرتها الأهرام يوم 21 يوليو 1969 بقولها: «هذه الخطوة تبدو واضحة فى تحديد نظريات وأسئلة علمية كانت قد طرحت للبحث والمناقشة عن الجاذبية والكون وأصل الحياة، ومن هذه النظريات والأسئلة: نظرية أينشتاين فى النسبية عن الجاذبية الأرضية.. وهل الجاذبية فى الكون تقل تدريجيا بين الأجرام السماوية.. هل بدأت نظرية التطور على القمر قبل الأرض؟.. هل القمر كوكب خامل أم نشيط؟.. هل يضم باطن القمر ما يضمه باطن الأرض من معادن الحديد؟.. هل تتحرك قمارات الأرض فى نفس التوافق مع دورة الكون؟.. ما هى مكونات الغازات الخاملة القادمة من الشمس؟.. ماهى طبيعة دورة الأرض حول نفسها؟.. وهل يمكن التنبؤ باحتمالات حدوث زلازل ضخمة مثل زلزال ألاسكا؟
بعد كل هذه السنوات، ومع الإجابات عن العديد من الأسئلة السابقة، ومع الانفجارات العلمية التالية التى شهدتها البشرية حتى الآن، يبقى نزول الإنسان على سطح القمر هو الحدث المؤسس لكل تلك الانفجارات.