خطوات ثابتة ومدروسة يخطوها رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة فى مجال الإعلام، تماما مثلما بدأ عمله فى مجال الحديد إحدى الصناعات الثقيلة، حيث يدرك جيدا قيمة التأسيس القوى والانطلاق من أرض ثابتة ليحقق أهدافا واضحة بعيدا عن نظرية "إضرب واجرى"، التى سادت لسنوات فى مجال الميديا، فأبو هشيمة هنا يأتى هنا برؤية رجل الصناعة الذى يفكر فى كل عناصر الإنتاج وليس فى صورة رجل التجارة أو المقاولات الذى يعمل بنظرية الصفقات السريعة.
أبو هشيمة الذى يملك اهتماما خاصا بالإعلام.. بدأ بمؤسسة انفراد (مطبوع وإلكترونى)، والتى انطلقت وتوسعت وتمكنت من الحصول على مقر جديد تم تزويده بأجهزة حديثة، وأصبحت صالة تحرير الجريدة تحاكى صالات التحرير الكبرى فى الجرائد العالمية، إضافة إلى إطلاق مواقع متخصصة من الموقع الرئيسى (برلمانى، فيديو7، فوتو 7، كايرو دار، كايرو بوست، كورة7، 7 tv).. هذه الطفرة جاءت بعد تحالف هذه الرؤية الصناعية الجادة مع منظومة مجلس تحرير "انفراد"، وهو ما يسعى أبو هشيمة لتكرار هذا النموذج من البناء فى الإعلام المصرى، خصوصا فى ظل التدهور الحاد فى المشهد الإعلامى المصرى، خلال السنوات الخمس الأخيرة، والنقاشات التى كانت تدور حول ضرورة ترتيب المشهد الإعلامى بكل اتجاهاته الثقافية والسياسية والرياضية، والعمل جديا على تطوير لغة الخطاب والعودة للمهنية، وهى المطالبات التى كان يتحدث عنها خبراء الإعلام والمسئولين فى كل المؤسسات الإعلامية الذين كانوا يضربون "أخماسا فى أسداسا" باحثين عن حل ومخرج لإعادة الاحترافية والمهنية للمشهد الإعلامى، فى ظل اعتراضات المشاهدين والمتابعين.
وانطلاقا من إيمانه ودوره كرجل صناعة لم يتردد لحظة فى أن يلعب دورا مهما فى إعادة صياغة المشهد الإعلامى وترتيب الأوراق لذلك قام بشراء قنوات "أون تى فى"، و"بريزنتيشن" ثم أخيرا وليس آخرا دخل فى شراكة مع المنتج كامل أبو على فى شركة مصر للسينما، حيث اشترى 50% من أسهمها ووضع نصب عينيه خطة طموحة للنهوض بالمحتوى الدرامى، لما تمثله من أهمية قصوى للنهوض بأى محتوى ولكى يملك القدرة كاملة، على اختيار محتوى متميز يعرض على قنوات "أون تى فى"، ففكر بمنطق رجل أعمال الصناعات الثقيلة، لذلك كانت خطوة شراكته مع المنتج كامل أبو على، من خلال مجموعة إعلام المصريين والتى أعلنت عن استحواذها على أسهم 50% من شركة مصر للسينما، حيث يقوم بإنتاج أعمال درامية متميزة بما يضمن له توافر محتوى قوى على شاشات "أون تى فى"، على رأسها الجزء الثانى من مسلسل الجماعة، ومن المؤكد أنه سينافس بقوة ويعيد للدراما المصرية ريادتها من خلال تقديم موضوعات جادة تمس شرائح متعددة من المجتمع المصرى، وهو نفس الحال بالنسبة لما سيقدمه فى السينما المصرية التى تعانى من مشاكل كبيرة بدءا من منظومة الإنتاج المختلة، وأزمات دور العرض، حيث يسعى أبو هشيمة لإعادة الريادة للسينما المصرية بتجارب جديدة ومختلفة عن السائد، والاهتمام بكل ما يتعلق بأساسيات الصناعة، من معامل واستوديوهات مجهزة وغيرها.
ويبدو أن أبو هشيمة سيعمل فى خطوط متوازية، حيث يسعى للنهوض بالمحتوى الرياضى، بعد الشراكة العملاقة التى تمت بين شركة "إعلام المصريين"، و"برزنتيشن سبورت"، والتى بموجبها حصلت شركة إعلام المصريين على 51% من أسهم شركة برزنتيشن، لتكوين كيان عملاق فى سوق صناعة الرياضة المصرية، والتى من المتوقع أن تشهد طفرة بعيدا عن "الهرتلة" التى يعانى منها الإعلام الرياضى، ولعل هذا التوسع يتطلب شركة إعلان قوية، وهو ما قد يستدعى، دخوله فى شراكة وتحالفات جديدة أو قد يؤسس هو وكالة خاصة بالإعلان، وذلك لأن الإعلام والإعلان توأم لا ينفصلان، وكل منهما يقود للآخر، وقد تكون "سينرجى وايت" نواة الانطلاق.
أحمد أبو هشيمة يدير الإعلام بلغة الصناعة لذلك يسعى لتأسيس مؤسسات لها تواجد حقيقى على الأرض، وتملك خطط بعيدة المدى وهذا هو الفرق بين تاجر ومقاول يدخل مجال الإعلام ويعمل بمنطق "أضرب واجرى"، وبين رجل صناعة يأخذ الوسيلة ويؤمن أيضا عناصر الإنتاج وذلك لضمان الاستمرارية والتطور.. شركة إعلام المصريين تمتلك خططا طموحة، ولو استمرت على نفس الخطوات الدؤوبة بالتأكيد ستحتل مرتبة متقدمة فى خارطة الإعلام المصرى والعربى، وهو ما قد يدعو الكثير من العاملين فى المجال الإعلامى لإعادة التفكير جديا فى كيفية التطوير من أنفسهم.