ماذا حدث عندما قضت أم كلثوم الصيف فى فرنسا بدلاً من رأس البر؟
مع ازدياد حرارة الجو، واشتداد لهيب الصيف يلجأ الكثيرون إلى المصايف للاستمتاع بالشواطئ ومياه البحر ومناظره الجميلة، ويحملون معهم خلال هذه الفترات أجمل الذكريات وأطرف المواقف والحكايات التى تظل فى ذاكرتهم دائمًا، وبحسب القدرة المالية لكل فرد وأسرة يختار الناس مصايفهم سواء المصايف الشعبية أو الفاخرة مرتفعة التكاليف، وهناك من يفضلون أن يقضوا فترات الصيف والاستجمام خارج البلاد.
وكان نجوم الزمن الجميل يحتفظون بالعديد من الذكريات التى مرت عليهم فى لهيب الصيف، أو أثناء قضاء أيامه فى المصايف المختلفة.
وفى عدد نادر من مجلة الكواكب، صدر عام 1961، ذكرت المجلة عددًا من المواقف والذكريات لنجوم الزمن الجميل مع لهيب الصيف.
كوكب الشرق بين فرنسا ورأس البر.. كان من بين هؤلاء النجوم كوكب الشرق أم كلثوم التى كانت تحرص على قضاء بعض أيام الصيف فى مصيف رأس البر، وكان مصيفها المفضل، ولكنها فى أحد الأعوام كانت فى رحلة علاج بفرنسا وكان ذلك خلال فصل الصيف، وفضلت أن تقضى أحد أيام هذه الرحلة على أحد الشواطئ ليعوضها عن الوقت الذى كانت تقضيه على شاطئها المفضل برأس البر.
وبينما كانت كوكب الشرق تجلس عل الشاطئ الفرنسى سمعت صوت نسائى جميل يردد إحدى أغنياتها، واندهشت أم كلثوم لقوة هذا الصوت وروعة أدائه وتعبيره، وتعرفت كوكب الشرق على هذه الفتاة دون أن تعلم الفتاة أن من تحدثها هى أم كلثوم، وكانت الفتاة جزائرية تغنى فى بعض الملاهى بفرنسا.
ومن شدة إعجاب أم كلثوم بصوت الفتاة وجهت لها دعوة لزيارة مصر حتى تساعدها على اكتشاف وتقديم موهبتها، ولكن بعدها وقعت الحرب العالمية الثانية واختفت الفتاة وانقطعت أخبارها، ولم تتمكن من زيارة مصر، وظلت كوكب الشرق تتذكر هذا الصوت دائمًا وتحزن لأنها لم تستطع أن تقدمها للجمهور بسبب الأحداث العالمية وانقطاع أخبارها.
كتاب الفرنساوى فى يد سيدة الشاشة.. وتصادف فى إحدى الرحلات أن حلت شهور الصيف بينما كانت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة فى طريقها من برلين إلى القاهرة، وفكرت أن تمر خلال الرحلة بفرنسا لتقضى بعض أيام الصيف فيها لترى برج إيفل.
ولم تكن فاتن حمامة تتقن الفرنسية، خلال هذه الفترة، ولكنها أتقنتها فيما بعد، وكانت هذه هى المشكلة التى واجهتها خلال زيارتها لبرج إيفل، وحاولت الفنانة الكبيرة التغلب على هذه المشكلة بكتاب من الكتيبات الصغيرة لتعلم الفرنسية دون معلم.
وبالفعل زارت سيدة الشاشة برج إيفل، وصعدته، وكانت كلما أرادت أن تسأل عن شىء أخرجت الكتاب من حقيبتها، وحاولت تجميع كلمات السؤال حتى توجهها لمن تطلب مساعدته، وقضت فاتن حمامة أغلب اليوم وفترة الزيارة فى النظر إلى الكتاب ومحاولة جمع الكلمات لتكوين جمل، ومن يومها قررت أن تتقن الفرنسية، وبعد عودتها للقاهرة استعانت بمدرسة للغة الفرنسية حتى أتقنتها بشكل كبير، والسبب برج إيفل.
الشحرورة والسواق الوسيم.. أما الشحرورة صباح فقد حكت موقفًا وذكرى لا تنساها حدثت لها خلال أيام الصيف فى صباها.
وقالت الشحرورة «كانت لعبتى المفضلة فى فصل الصيف وأنا فى سن الرابعة عشر، هى ركوب الدرجات والطواف بها حول جبال لبنان، وذات يوم خرجت بدراجتى أمارس هوايتى المحببة، وفجأة اصطدمت الدراجة ووقعت أمام قصر أحد الأثرياء وجرحت ساقى».
وتابعت الفنانة الكبيرة صباح «أسرع إلىّ شاب وسيم يساعدنى على النهوض، ولما وقفت لاحظ أن ساقى أصيبت بجروح، فنادى على خدم القصر بلهجة قوية أرستقراطية، فأسرعوا إليه، وانحنى خادم منهم وهو يستمع لأوامر الشاب الوسيم وهو يطالبهم بإحضار وسائل الإسعاف، وظل الشاب الوسيم يضمد جراحى بنفسه وسألنى عن اسمى واسم أبى، وعرف أننا نصطاف فى هذه القرية».
واستكملت صباح حكايتها مع الشاب الوسيم قائلة: «بعدما ودعنى الشاب واطمأن علىّ وصلت إلى بيتنا وحكيت لأبى ما حدث، ولم أنم فى هذه الليلة وأنا أفكر فى هذا الشاب الوسيم الأرستقراطى صاحب العود الفارع الذى أصبح فتى أحلامى».
وأوضحت أنها اقترحت على والدها أن يذهبا إلى القصر مرة ثانية لتوجيه الشكر لهذا الشاب على ما فعله معها، وبالفعل ذهبت الشحرورة مع والدها إلى القصر لتصدمهما مفاجئة أربكتهما بعدما عرفا أن هذا الشاب ليس ابن صاحب القصر وإنما سائقه، وتبددت أحلام الشحرورة فى الأمير الوسيم فتى الأحلام.
ثورة وحش الشاشة.. وقديمًا كانت درجات الحرارة فى الاستوديوهات أثناء التصوير مرتفعة بشكل كبير يعانى معها العاملون، فى فترات لم يكن التقدم فى أجهزة التكييف بالصورة التى نراها الآن، فكان الفنانون يعانون معاناة كبيرة أثناء تصوير الأعمال الفنية، خاصة مع العمل تحت الأضواء.
وكشفت الكواكب عن موقف حدث مع وحش الشاشة فريد شوقى حين كان يصور أحد أفلامه عام 1959، فى عز ارتفاع درجة حرارة الصيف وعاد إلى بيته ثائرًا غضبانًا، حيث قضى أكثر من 15 ساعة فى بلاتوه أحد الاستوديوهات، لأنه كان يمثل مشهدًا مع ممثلة ناشئة أصابها الارتباك والتلعثم، مما اضطرهم لإعادة المشهد والعمل طوال هذه الساعات الطويلة فى عز لهب الحر والأضواء، وفى النهاية تقرر تأجيل التصوير إلى اليوم التالى، مما أصاب فريد شوقى بالغضب الشديد، وعاد إلى بيته ثائرًا، ومن شدة ثورته دفع أحد الأبواب فسقط الزجاج على يده وجرحها جرحا كبيرا، وتم استدعاء الطبيب الذى وصف له مهدئا للأعصاب ونصحه بالهدوء والتوقف عن العمل لمدة أسبوع حتى لا يتعرض للحر الشديد، وبالفعل توقف العمل فى الفيلم أسبوعًا، سافر خلاله فريد شوقى إلى الإسكندرية وبعدها عاد، وكان المنتج اشترى مراوح وضعها بالاستوديو لتجفيف العرق داخل البلاتوه وتهدئة أعصاب وحش الشاشة.
خناقة بين فريد الأطرش وماجدة.. وذكرت الكواكب إحدى الوقائع التى تسبب فيها حر الصيف وارتفاع درجة الحرارة داخل الاستوديو فى نشوب شجار بين الفنان الكبير فريد الأطرش والفنانة الكبيرة ماجدة، أثناء تصوير فيلم «من أجل حبى»،
وكان معروفًا أن فريد الأطرش لا يطيق الصيف، وكذلك ماجدة، وأن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من عصبية كليهما، لذلك فلتت أعصابهما أكثر من مرة أثناء التصوير مع ارتفاع درجة حرارة الاستوديو، وعدم وجود أجهزة تكييف، كما هو الآن، فتسبب لهيب حرارة الجو والبلاتوه فى أن تشاجرا أكثر من مرة.
وأكدت الكواكب أنه تم استدعاء البوليس فى إحدى هذه الخناقات، وعندما انتهت أشهر الصيف وتراجعت درجات الحرارة تصالحا واعتذر كل منهما للآخر، وأكد كل منهما أنه لا يتمالك أعصابه مع ارتفاع درجات الحرارة وعادت المياه إلى مجاريها بينهما.
انتقام صديقات نجوى فؤاد.. وكان من بين المواقف ما حدث مع الفنانة الاستعراضية نجوى فؤاد والتى استأجرت ذات صيف «عشة» فى مصيف رأس البر الذى كان مصيفًا للطبقة الراقية والفنانين، لتقضى فيها فترة من الصيف حيث كانت مرتبطة بالعمل فى بعض الملاهى الليلية هناك.
وفى أحد الأيام تلقت نجوى فؤاد رسالة من بعض صديقاتها فى القاهرة يؤكدن أنهن سوف يزورنها فى رأس البر ويطلبن منها أن تدبر لهن مكانًا للإقامة والمبيت، ولكن مع كثرة الانشغالات نسيت الفنانة الاستعراضية مضمون الرسالة، ولم تنفذ منها شيئًا.
وفى اليوم المحدد لمجىء صديقاتها غابت نجوى فؤاد وذهبت فى رحلة نيلية مع بعض الصديقات، وعندما عادت فوجئت بموكب الزائرات العزيزات أمام عشتها ينتظرنها وهن فى قمة الغيظ، بينما لم تنطق هى بأى كلمة وهن يصرخن فى وجهها ثائرات بسبب عدم اهتمامها بهن وعدم انتظارهن، وشعرت بالخجل ولم تستطع أن تصرح لهن بأنها نسيت رسالتهن ولم تعمل أى شىء مما طلبنه، وفى مساء اليوم التالى انصرفت الصديقات إلى القاهرة، وفوجئت نجوى فؤاد بصاحب العشش يطالبها بمبلغ 50 جنيهًا نظير إقامة كل واحدة من صديقاتها فى عشة بمفردها ونظير ما تناولنه من طعام ومشروبات، مؤكدات له أن عليه تحصيل هذه المبالغ من صديقتهن الفنانة نجوى فؤاد، وهنا أدركت الفنانة الاستعراضية أن صديقاتها أردن أن ينتقمن لنسيانها رسالتهن وأن تكفر عن خطأها بدفع هذا المبلغ الذى كان كبيرًا وقتها.
شكرى سرحان وبنت الوجيه الأمثل.. وكان من أهم مقالب الصيف وأطرفها ما حدث مع النجم الكبير الفنان شكرى سرحان الذى حكى عن موقف حدث له عندما كان يقضى الصيف ذات مرة على أحد شواطئ بورسعيد، حيث تعرف بفتاة جميلة متفتحة وتبادلا الأحاديث عدة أيام، ورأى من هذه الفتاة جرأة وتحررًا لم يعهدهما من قبل فى أى فتاة أخرى، حيث تحدثت معه فى كل شىء عن الحب والعلاقات بين الشباب والفتيات وأعجبته شجاعتها فى التعرف على شاب غريب مثله، لدرجة أنه سألها عن سر هذه الجرأة والشجاعة.
وأجابت الفتاة بأن أباها هو الذى رباها على هذه الشجاعة والجرأة والثقة بالنفس فى كل تصرفاتها، فأصبحت لديها الجرأة للحديث مع أى شخص، ووقع الفنان شكرى سرحان فى غرام هذه الفتاة الجريئة وعقد العزم على أن يتقدم لخطبتها حين يعود للقاهرة، حيث كانت أسرة الفتاة أيضًا تسكن فى القاهرة، والتقى بالفتاة أكثر من مرة بعد عودتهما، ولكن فجأة انقطعت أخبارها ولم يعثر عليها، وتعجب الفنان الكبير من هذا الاختفاء، وحاول العثور على حبيبته الجريئة دون جدوى، حتى فوجئ ذات صباح بصورتها منشورة فى إحدى الصحف اليومية وبخبر يقول إن فلانة ابنة الوجيه الأمثل فلان الفلانى هربت مع سائق سيارته وتزوجته، وأن هذا الوجيه رفع دعوى للتفريق بينها وبين زوجها السائق لعدم التكافؤ بينهما.
وهنا شعر شكرى سرحان، بالغيظ، وقال عن رد فعله وقتها: «تمنيت لو أقابل هذا الوجيه الأمثل لألهفه صفعة على صدغه لأنه هو الذى رباها على هذه الحرية التى اصطادت قلبى وتركتنى لتتزوج سائقها».
النابلسى ولهيب الطريق الصحراوى.. وكان من بين أكثر هذه المقالب سخونة ما حدث للفنان الكوميدى الكبير عبدالسلام النابلسى الذى دعاه أحد أصدقائه لقضاء الويك إند فى الإسكندرية، وأصر هذا الصديق على أن يكون السفر بسيارته، مؤكدًا أن سيارته جديدة وقادرة على قطع مسافة السفر الطويلة، وستكون مريحة، وبالفعل استقل النابلسى وصديقه السيارة وانطلقا فى الطريق الصحراوى فى يوم شديد الحرارة، ولم تكد تصل السيارة إلى الكيلو 50 حتى تعطلت، ووقف النابلسى وصديقه لإصلاح العطل تحت أشعة الشمس الحارقة، وبعد جهد كبير تحركت السيارة، ولم تلبث أن وصلت للكيلو «80» حتى تعطلت مرة ثانية، واستغرقت ساعتين من التصليح والجهود لإعادتها للسير، حتى أصيب النابلسى بإرهاق وتعب شديد، ثم مضت السيارة فى طريقها مسافة 10 كيلو فقط وتوقفت مرة ثالثة، وهنا ضاق النابلسى وثار وقرر ألا يكمل فى هذه السيارة وأخذ جريدة ورقية ووضعها فوق رأسه لحمايته من أشعة الشمس الحارقة وانطلق ماشيًا مسافة 2 كيلو على قدميه حتى يصل إلى «الرست هاوس»، ومن هناك استقل تاكسى وعاد به للقاهرة وهو فى شدة الإرهاق والتعب والغيظ، يسب ويلعن صديقه صاحب الدعوة وصاحب السيارة، وبعد أن وصل للقاهرة عرف الحقيقة المرة وهى أن ما حدث معه لم يكن سوى مقلب من صديقه الذى عاد وراءه إلى القاهرة، وتابعه خطوة بخطوة دون أن تتعطل السيارة مرة واحدة، وبعد أن وصل النابلسى أخبره الصديق بحقيقة المقلب فثار عليه النابلسى وأقسم ألا يصدقه ولا يرافقه فى أى مكان بعد هذا المقلب السخيف.