أكرم القصاص يكتب: الجرائم العائلية بلا تهوين أو تهويل.. مصر تحتل مرتبة متوسطة فى معدل الجريمة وارتفاعها طرديًا مع زيادة عدد السكان أمر طبيعي.. ولدينا ملايين الأسر المكافحة تسطر يوميًا ملاحم وفاء وتضحي

كأن المصريين كلهم قتلة، أزواج يقتلون الزوجات، وزوجات يقتلن الأزواج وأبناء قتلة، موسم الجرائم العائلية يتسع، وكأننا شعب من القتلة وناكرى الجميل. طبعًا هناك اتساع فى النشر، ليس فقط فى الصحافة لكن أيضًا فى مواقع التواصل الاجتماعى، بل إن النشر مع الإعادة والتكرار يضاعف من الشعور بالأمر، ولا أحد ينكر هذه الجرائم، إنها جزء من مجتمع أكثر من 100 مليون، متنوع اقتصاديا واجتماعيا، ويفترض أن نتعامل مع هذه الجرائم بلا تهوين أو تهويل، وعلى مدى عقود كانت هذه الأنواع من الجرائم موجودة، وأى مراجعة للصحافة تكشف كيف تم التعامل مع هذا النوع من الأحداث، وللمفارقة فإن الأمر لم يخل وقتها من سخرية وكاريكاتيرات ترصد الأمر، وهو نفس ما نراه الآن كعادة الشعب المصرى فى السخرية من كل ظاهرة. بالطبع، فإن متابعة أخبار الحوادث فى الصحف ومواقع التواصل تشير إلى تغير كمى ونوعى فى معدلات وأنواع الجريمة، وقد يلتفت البعض إلى جرائم القتل بشكل عام، والقتل العائلى بشكل خاص، ويفترض أن تخضع معدلات الجريمة إلى دراسات وفحص وتحليل للتعامل معها تشريعيا واجتماعيا، حيث ظهرت أو ارتفعت بعض أنواع الجرائم التى لم تكن موجودة من قبل، وبعض المحللين يبالغون فى رسم صورة لمجتمع مثالى غير موجود فى الواقع. لا توجد مجتمعات مثالية فى الماضى أو الحاضر، وطبيعى أن يرتبط ارتفاع الجريمة طرديا بزيادة السكان، وهى انعكاس لميول إجرامية تخضع لتحليلات ونظريات فى علم الجريم، وبمقارنة معدلات الجريمة فى مصر بمثيلاتها فى العالم، نكتشف أن المجتمعات المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا هى الأخرى ترتفع بها معدلات الجريمة، وليس هذا دفاعا، لكنه تأكيد على أن الجريمة ظاهرة إنسانية لا يمكن القضاء عليها نهائيا، المهم هو تفهم جذورها وتحليلها لتطوير طرق المواجهة. وقد يفاجأ البعض عندما يعرف أن معدلات الجريمة فى مصر أقل من مثيلاتها فى الكثير من الدول المتقدمة، وأن مصر مثلا تعتبر من الدول ذات معدل الجريمة المتوسط بين دول أمريكا الشمالية واللاتينية وأفريقيا والهند وأوروبا، وهذا لا يعنى أننا مجتمع مثالى، لكن يؤكد أنه لا توجد مجتمعات مثالية، ومهما كانت محاولات المواجهة، سوف تبقى الجريمة جزءًا من نشاط إنسانى، لا يمكن منعه، بل إن المجتمعات الأكثر تقدما بها أعلى معدلات لجرائم مختلفة من القتل إلى الاغتصاب، وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية صدارة الدول فى جرائم القتل الفردى والجماعى. لا يمر يوم من دون الإعلان عن جريمة عائلية، قتل أو اغتصاب أو حتى مذابح إطلاق نار على ملاهى أو مدارس أو مطاعم، ويحتل المجتمع الأمريكى أعلى نسبة جريمة فى العالم، هجمات على المدارس والجامعات، والمحال التجارية، والأماكن العامة، والمؤسسات الخاصة، والملاهى. وفى يونيو الماضى، حذر الرئيس الأمريكى جو بايدن، من زيادة معدل الجريمة فى الولايات المتحدة، متعهدا بتشديد الرقابة على تجارة الأسلحة فى البلاد، ففى 2020 ارتفع عدد جرائم القتل فى المدن الأمريكية الكبرى بنسبة 30% مقارنة بالعام 2019، والاعتداءات بالأسلحة بنسبة 8%، وقتل فى الولايات المتحدة 20989 شخصا فى حوادث متعلقة باستخدام الأسلحة حتى 24 يونيو، وأكثر من نصفهم فى عمليات انتحار، حسب منظمة Gun Violence Archive غير الحكومية. وكل هذا لا يعنى تجاهل الجريمة عندنا، فالإحصائيات تشير إلى أن نسبة هذه الجرائم أقل من واحد فى المليون فى مجتمع حيوى ومتنوع، وطبعًا هناك حاجة لدراسة هذه الظواهر، وما وراءها من أسباب اجتماعية وتداخل العائلات والعلاقات والأسر. هناك ملايين من أزواج وزوجات وأبناء يكافحون ويعيشون ويضحون فى الحياة يوميًا، وربما لهذا لا أحد ينتبه إليهم، قصص كفاح ووفاء من جيران وأخوال وأعمام، أغلبية يعيشون، وطبيعى أن تكون الجريمة أكثر جذبا للمتابعة، فقط الأمر لا يحتاج لتهوين أو تهويل لكنه دراسة لبشر فى بلد كبير، مزدحم بالبشر ومجتمع متنوع.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;