ـ الأمم المتحدة: لبنان يعيش مصاعب اقتصادية
يبقى انفجار الرابع من أغسطس بمرفأ بيروت العلامة المؤلمة بقلوب اللبنانيين بل والعرب جميعا، وبمناسبة الذكرى الأولى لذلك الحادث المفجع توجه الرئيس اللبنانى العماد ميشال عون برسالة للشعب اللبنانى مساء الثلاثاء طالب فيها القضاء باستكمال التحقيقات، مؤكدًا أن القصاص آتٍ.
وأكد رئيس لبنان، فى كلمته التى أذيعت اليوم، أنه يشعر بآلام الأهل والأصدقاء الذين فقدوا أحباءهم في انفجار مرفأ بيروت "وأنا واحد من الذين فقدوا غالياً يومها"، داعيا القضاء إلى أن يذهب إلى النهاية في التحقيق والمحاكمات، قائلا: "وأنا معه، وإلى جانبه، حتى إنجلاء الحقائق وتحقيق العدالة". وقال: "عندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية، كي لا يوفّر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه.
وأشار الرئيس إلى أن التحدي الذي يواجهه المحقق العدلي ومعه القضاء لاحقاً، هو كَشف الحقيقة وإجراء المحاكمة وإصدار الحُكم العادل في فترة زمنية مقبولة، "لأن العدالة المتأخرة، ليست بعدالة"، فإنه أوضح أنه يلتزم الدستور ويحترم فصل السلطات، ولا يرى ما يمنع على المحقّق العدلي أن يستجوب من يعتبره مفيداً للتحقيق، "معتبرا أنه من المناسب ترك التحقيق يأخذ مجراه بعيداً عن الضغوط من أي جهة أتت، ومعاهدا أهالي الشهداء أنّ الدماء التي سالت في ذلك اليوم المشؤوم، لن تذهب هدراً، وأنّ الحقيقة آتية ومعها القصاص العادل لكل مسؤول عن الكارثة.
ودعا إلى أن يكون إحياء الذكرى اليوم محطة نستذكر فيها الشهداء والمصابين والمشردين بعيداً عن أي تصرّف يمكن استغلاله للعبث بالأمن والاستقرار ويسيئ إلى معانى هذه الذكرى.
وأكد الرئيس عون، أنه سيسعى مع الرئيس المكلف، "ووفقاً لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءَاتهم ونزاهتهم أن تنفّذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة". وشدد على "أننا قادرون معاً بتعاوننا، وصبرنا، ومن خلال وضع آليات الحل على السكة الصحيحة، عبر تشكيل حكومة واعدة، والتحضير لانتخابات نيابية ترسي بذور التغيير الحقيقي، تساعد على تجاوز الحاضر المؤلم، والنهوض تدريجياً من الأزمة التي تمزق وطننا وقلوبنا وهناء حياتنا".
ودعا رئيس الجمهورية إلى أن يتمسك اللبنانيون بوحدتهم ويفتحوا صفحة جديدة تعيد لبنان إلى خريطة الابتكار، والنمو، والمنافسة، وتعيد لشبابه الأمل بوطنهم، والرغبة بالبقاء فيه، وإعادته وطن الحضارة، والفرح، والإبداع.
الحريرى: بصمة سوداء
فيما طالب رئيس حكومة لبنان الأسبق، سعد الحريرى، فى سلسلة تغريدات عبر حسابه على تويتر، بكشف الحقيقة في الجريمة، ولا بد أن يصل أهالى الضحايا إلى حقوقهم ليعلموا من جلب النيترات، ولماذا تم حجز النيترات، ومن المسؤول عن تفجيرها.
وقال سعد الحريرى، بمناسبة ذكرى انفجار الرابع من أغسطس التى تحل اليوم "إنه لا حقيقة من دون تحقيق دولي أو رفع الحصانات"، مشيرا الى انه "بعد سنة على الانفجار مازالت بصمة سوداء لحالات الضياع والإنكار والتسيب والإهمال في مؤسسات الدولة السياسية والقضائية والإدارية والعسكرية.
ولفت الحريري في سلسلة تغريدات له على حسابه الرسمى بـ"تويتر"، إلى أن البركان الذي عصف ببيروت وأهلها وأحيائها ، ليس منصة للمزايدات والاستثمار السياسي في أحزان المواطنين المنكوبين، واتخاذها ممراً لتسجيل المواقف وإغراق المسار القضائي بتوجيهات شعبوية لتهريب الحقيقة".
وأضاف، "هذا يوم لتحرير العدالة من المبارزات السياسية والمحاكمات الإعلامية، وليس يوماً لإطلاق الحملات الانتخابية ورشوة الرأي العام اللبناني بعدالة غب الطلب".
وأشار الحريري، إلى أنه "للعدالة قاعدتان: لجنة تحقيق دولية تضع يدها على الملف وساحة الجريمة، أو تعليق القيود التي ينص عليها الدستور والقوانين وما ينشأ عنها من محاكم خاصة تتوزع الصلاحية والأحكام في الجريمة الواحدة".
وأوضح، أن "المحكمة الدولية لأجل لبنان كشفت الحقيقة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحددت هوية المجرم. ولكن أين الحقيقة بجرائم اغتيال كمال جنبلاط ورشيد كرامي ورينه معوض وداني شمعون وايلي حبيقة والمفتي حسن خالد وناظم القادري ومسجدي السلام والتقوى".
وتساءل "أين الحقيقة والمجالس العدلية من محاولة اغتيال مروان حمادة ومي الشدياق وإلياس المر، وأين هي من جرائم اغتيال وليد عيدو وسمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي وبيار الجميل وأنطوان غانم والعميد فرانسوا الحاج ومحمد شطح ووسام الحسن ووسام عيد وسواها عشرات الجرائم".
وقال "التاريخ يقول إن معظم الجرائم التي أحيلت على المجلس العدلي ذهبت أدراج الرياح السياسية، وجريمة المرفأ هي أم الجرائم في تاريخ لبنان، والظلم سيقع على كل اللبنانيين، وأهالي الضحايا في مقدمتهم، إذا ضاعت في بحر المزايدات لقاء حفنة من "جوائز الترضية" القضائية لتنفيس الغضب العام".
وشدد على أنه "لا عدالة من دون حساب ولا حساب من دون حقيقة ولا حقيقة من دون تحقيق دولي شفاف أو تعليق بعض المواد الدستورية لرفع الحصانات.. كل الحصانات من أعلى الهرم إلى أدناه. نعم للعدالة الحقيقة الكاملة".
وألمح الحريرى، إلى أن هناك جهات متخصصة بتزوير التاريخ ويعملون ليلا نهارا للقول إن نواب المستقبل تخلوا عن الحقيقة والعدالة، ووقعوا عريضة نيابية ضدّ رفع الحصانة. هذا الكلام قمة التضليل، وقمة التزوير، وقمة الكذب.
حسان دياب: الجريمة كشفت الفساد
فى هذا السياق، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، لن تكون هناك عدالة حقيقية في لبنان إذا لم تتحقق العدالة الحقيقية في انفجار مرفأ بيروت، وكان قد شدد دياب على ضرورة تفويت الفرصة على مشاريع الفتنة والعبث بالاستقرار الأمني بالبلاد.
أضاف، لقد مرت سنة على ذلك الزلزال الذي ضرب بيروت وكل لبنان وكانت نتائجه مدمّرة على جميع المستويات: خسرنا شهداء، وأصيب الآلاف، ودُمّرت منازل ومؤسسات وترك جروحاً عميقة في النفوس والوجدان وفي واقع البلد.
وأضاف حسان دياب، لقد كشف انفجار 4 أغسطس عورات البلد انكشف جانب من الفساد الذي ينهش لبنان، وظهرت معالم الدولة العميقة، دولة الفساد، ليتبين أن العنبر رقم 12 يختصر صورة الواقع اللبناني الذي يقوم على اجتماع مكونات وعناصر الإفساد التي استسلم البلد لإرادتها وقوة سطوتها، لن تكون هناك عدالة حقيقية في لبنان إذا لم تتحقّق العدالة الحقيقية في انفجار المرفأ.
عون مستعد للإدلاء بالإفادة
وقد سبق أن أبدى الرئيس استعداده للإدلاء بإفادته في حال قرر المحقق العدلي الاستماع إليه عملاً بالمادة 85 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهذا ما أبلغه للنائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، معتبراً أن لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه وأن العدالة إنما تتحقق لدى القضاء المختص والذي تتوافر في ظله ضمانات القضاة والمتقاضين معاً.
وأكد عون، أنه من الضرورى تحقيق العدالة كاملة في جريمة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب (أغسطس )، وأضاف"نحن على مشارف الذكرى الاولى لهذه الفاجعة الإنسانية والعمرانية والتي تركت ندوباً في جسد الوطن ولدى كل مواطن سيما أهالي الضحايا البريئة التي أزهقت أرواحهم أو أثخنت بجراح أو خسارة الرزق الغالي". وفق بيان صحفى.
الأمم المتحدة: لبنان يعيش أزمة
وعلى صعيد متصل، أكدت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان نجاة رشدي، أنه رغم مرور عام على انفجاري مرفأ بيروت، في الرابع من أغسطس 2020، إلا أنه لا تزال أصداء هذين الانفجارين تلقي بظلالها الكثيفة على الاقتصاد اللبناني.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة ـ بحسب المركز الإعلامي ـ إلى أن أكثر من مليون لبناني (في لبنان 8 ملايين نسمة، من بينهم أكثر من مليوني لاجئ ومهاجر) يحتاجون إلى مساعدة إغاثية لتغطية احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الوصول إلى الطعام والصحة والتعليم والمياه، ويعيش تسعة من بين 10 لاجئين في فقر مدقع، وهي زيادة 55% عن العام الماضي، وما يزيد على نصف المهاجرين في لبنان غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية.
كما تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من مليون لبناني يحتاج إلى مساعدة إغاثية لتلبية الاحتياجات الأساسية، وتلقى النداء الأممي العاجل المنَسق 167 مليون دولار، ويعد أحد أفضل النداءات الممولة في عام 2020، وتم تقديم الدعم للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية لمواصلة الخدمات الأساسية، بما في ذلك ما يتعلق بكوفيد-19؛ وتم تقييم الأضرار التي لحقت بالمنازل وتوزيع مجموعات المأوى في حالات الطوارئ لضمان السلامة والحماية الفورية؛ وإعادة توصيلات المياه، بما في ذلك المضخات والخزانات؛ كما تم توزيع مستلزمات النظافة ومستلزمات الأطفال بالإضافة إلى طرود غذائية عينية، وتم توفير خدمات الحماية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي والصحة النفسية؛ والموارد المخصصة لجهود إزالة الأنقاض.
وذكرت تقديرات أممية أنه من ناحية التعافي، فقد طورت الأمم المتحدة، جنبا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وبالتشاور مع أصحاب المصلحة المعنيين، إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار المعروف بـ3RF، وهو برنامج يركز على الناس، ويرتكز على المشاركة والإدماج والعدالة الاجتماعية.
وأكدت المسؤولة الأممية، أن أولويات برنامج إعاد الإعمار وبرامجه واستثماراته التطلعية، تشمل الإدماج الاجتماعي والحماية، وإعادة تأهيل المساكن والتراث الثقافي، والخدمات البلدية والبيئية، واستعادة الأعمال.
وذكرت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان، أن الأمم المتحدة تعمل على تطوير خطة استجابة للطوارئ مدتها 12 شهرا توضح الاستجابات الجماعية ذات الأولوية للاحتياجات الإنسانية الحرجة للبنانيين والمهاجرين الأكثر ضعفا والمتضررين من الوضع.