يعتبر الانتحار وباءً آخر يهدد أمريكا اللاتينية، حيث ارتفع عدد الحالات فى عدد من الدول، أبرزها البرازيل والمكسيك والأرجنتين وكولومبيا وتشيلى، وفى أوروجواى على سبيل المثال ارتفعت نسبة انتحار المراهقين بنسبة 45%.
وفى مواجهة الأزمة الإنسانية فى فنزويلا، بينما يقرر البعض الفرار من الوضع الخطير بالهجرة، ينتحر آخرون. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تحتل فنزويلا المرتبة الأولى فى إحصائيات الانتحار فى أمريكا اللاتينية.
تزداد الأزمة الفنزويلية كل يوم.. جاء ذلك من قبل وسائل الإعلام ومختلف المنظمات غير الحكومية، لقد أخذ الاقتصاد حالة من الانهيار أثر على المواطن فى جميع مجالات حياته، بما فى ذلك الصحة النفسية، وكشف المرصد الفنزويلى للعنف فى تقرير صدر هذا العام، أنه قبل وصول نيكولاس مادورو فى عام 1999، كان معدل الانتحار بين 4 و5 أشخاص لكل 100 ألف نسمة. تغيرت الإحصائيات مع زيادة الأزمة الإنسانية التى تعيشها الدولة الواقعة فى أمريكا الجنوبية، خاصة منذ عام 2015، وتحول الانتحار إلى ظاهرة اجتماعية، حسبما قالت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية.
وأجرت أيمارا لورنزو مقابلة مع عالمة النفس والباحثة فى الانتحار جوسلين أكوستا لإذاعة مارتى، التى أشارت إلى أن الدراسات التى أجرتها منذ عام 2015 تُظهر أن العاطفة الرئيسية التى تنعكس فى الفنزويليين هى الحزن.
وترى الخبيرة، أن الفقر وانهيار الخدمات وتدهور نوعية الحياة وفقدان الضمان الاجتماعى وقلة العمل وقلة مساحات التنمية تولد حالة من عدم اليقين واليأس التى لا تسهم فى الصحة الاجتماعية ولا العقلية للسكان، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يبلغ معدل الانتحار فى العالم 16 لكل 100 ألف نسمة، على العكس من ذلك، فإن متوسط عدد حالات الانتحار فى فنزويلا هذا العام هو 28 حالة لكل 100 ألف نسمة.
ويؤكد الأخصائى النفسى، أن الجمع بين الشعور بالحزن بالإضافة إلى حالة الركود الاقتصادى التى تمر بها البلاد يتسبب فى صعود مؤشرين: الهجرة والانتحار. بعبارة أخرى، يمكن لبعض الناس، الذين لديهم مزيج من الحزن أو الاكتئاب والركود الاقتصادى، اتخاذ قرارين: الهروب من البلاد أو قتل أنفسهم.
على الرغم من هذه الأرقام المقلقة بشأن زيادة حالات الانتحار فى البلاد، فإن نظام نيكولاس مادورو لا يزال صامتًا بشأن هذه المسألة، منذ عام 2014، توقف نشر الكتب السنوية للوفيات فى فنزويلا.
وبحسب أكوستا، فإن الحكومة تعرف الوضع ولهذا السبب تمنع شهادات الوفاة من إدراج الانتحار كسبب للوفاة.
وأشار التقرير، الذى نشرته الصحيفة على موقعها الإلكترونى، إلى أنه كان هناك 42 شابًا فى تلك الفئة العمرية انتحروا فى أوروجواى، مقارنة بـ29 ممن فعلوا ذلك فى عام 2019، وبعد أزمة كورونا أدت القيود وعدم ممارسة الأنشطة الترفيهية، إلى ارتفاع العدد إلى 718 حالة انتحار فى عام 2020.
وأشار التقرير، إلى أن 80.9% من حالات الانتحار فى عام 2020 حدثت بين الرجال، بينما حدثت أعلى نسبة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 80 و84 عامًا، حيث سجل هذا الشريط فى 36 حالة بمعدل 51.7 لكل 100 ألف نسمة.
وتعد أوروجواى واحدة من ثلاث دول لديها أعلى معدلات الانتحار فى أمريكا اللاتينية، بعد جيانا وسورينام، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية نُشر فى عام 2019.
أما فى المكسيك فيقدر الخبراء، أن وباء كورونا زاد من الانتحار فى المكسيك بنسبة تصل إلى 20%، وذلك بعد أن العزل ونقص العمل والأزمة الاقتصادية التى أحدثها الوباء.
بالنسبة لليوم العالمى لمنع الانتحار، الذى يتم الاحتفال به فى 10 سبتمبر، أكد الخبير أنه لسوء الحظ، لم يتم تخفيض معدلات الانتحار، وقال "على العكس من ذلك، فى العقد الماضى شهدنا زيادة"، وأوضح أنه فى هذه الفترة، انتقل معدل الانتحار من 3 إلى 5.2 حالة انتحار لكل 100 ألف نسمة، وأن أكثر من يتخذون قرارًا بإنهاء حياتهم هم فى العشرينات من العمر.
وفى البرازيل، يطلقون على شهر سبتمبر، الشهر الأصفر، ووفقا لبيان لمركز مكافحة الانتحار فى ساو باولو: إن شهر سبتمبر هو الشهر الذى ترتكب فيه أكثر حالات الانتحار لسبب رئيسى، وهو أن الربيع الذى يلى الشهر الأصفر يعنى شهر الفرح والابتهاج بالطبيعة الخلابة، والكل يضع خططه بحسب أحواله المادية لاستقبال الربيع، ومن ثم الصيف الذى هو فصل الكرنفال المعروف فى البرازيل. فمن تمكن من إعداد خططه للابتهاج بالمناسبات العديدة التى تشهدها البرازيل فى فصلى الربيع والصيف، وعلى رأسها مناسبات الزواج مع قدوم فترة الكرنفال، فقد أمن لنفسه فرصة الابتهاج، ومن لم يستطع تأمين أى خطة تبهجه أو تبهجها فقد يميل إلى الرغبة فى الانتحار.