رغم التطور التكنولوجى فى صناعة آلات ومعدات الحرث الخاصة بالزراعة، مازالت صناعة "الفأس" أو "الطورية" تحتفظ برونقها.
"انفراد" التقت بأشهر حداد بالمنيا فى صناعة "الفأس"، قضى 50 عاما فى تلك الصنعة داخل حجرة صغيرة استقطعها من بيته، وأكملت معه زوجته المشوار، تلك الزوجة التى قررت أن تساعد زوجها على "المعايش"، فأمسكت "المرزبة" ودقت الحديد وصنعت الفأس للفلاحين، ولم تخش خطورة الصنعة فى سبيل أن تقف بجوار زوجها.
بين جدران أربعة وحجرة لا تتجاوز 20 مترا، عاش عم إبراهيم ناجى عبد الغنى 64 سنة، وزوجته سماح شلقامى 57 سنة بين النيران والحديد، يأكلون من عمل يدهم، لكن بمرور الوقت وتطور آلات الزراعة تراجعت تلك الصنعة وأوشكت على الاندثار والاختفاء، لذا تجد الزوجين يملأ عينهما الحزن.
يقول عم إبراهيم ناجى: صناعة "الفأس" أصبحت صعبة، ومفيش حد بيطلبها كتير، يوم فيه و15 مفيش، وكنا زمان بنعمل الفأس بـ5 جنيهات، فى ذلك الوقت كان كيلو الحديد بجنيه ونصف، وكيلو الفحم بـ50 قرشا، أما اليوم كيلو الحديد أصبح بـ4 جنيهات ونصف، ومثله الفحم، رغم ذلك مش هى دى الخامة بتاعة زمان، دلوقت يضاف الحيبه والرمال لها.
وأوضح إبراهيم: أنا ورثت المهنة عن والدى، وكنت بشتغل معاه وأنا صغير، وأنا بقالى 50 سنة فى تلك المهنة، لكن كل شىء تغير، الوقت كل اللي بنعمله نعدل فأس أو نسنه، فالإقبال على صنعه أصبح ضعيفا جدا".
أما زوجته سماح فتقول: اشتغلت مع زوجى منذ 40 سنة وحتى الآن، لأنها صنعتنا ولا نعرف سواها، أنا معاه أدق الفأس وأصنع الفأس معه منذ آن تزوجنا وإحنا مع بعض".
واستطردت سماح: زوجى كان بصحة جيدة، وكنا بنشتغل فى الورشة الصغيرة اللى عملناها بأيدينا، إلى أن أصابت زوجى شرارة فى عينه، وأصبح لا يرى بها وعجزنا عن معالجته، لأن اللى جاى على قدر اللى رايح".
وتابعت سماح: الأوضاع تغيرت، الفأس الواحد الوقت أصبح بـ35 جنيها، وما أصبحش فيه مكاسب زى الأول.
بجوار عم إبراهيم حداد آخر يدعى خالد حمدى عبد الغنى 55 سنة، يعمل أيضا فى صناعة الفأس، يقول: إحنا النهارده بنصلح الفأس بـ 25 جنيها والحال واقف، ومفيش فحم لأن سعره غالى، وانا عينى مش بتشوف، وكل شويه عند الأطباء بسبب النار وارتفاع حرارة المكان الذي نعمل فيه، كان زمان كنت تلاقي ورش صغيرة في كل قرية، الوقت انقرضت تلك الورش مع الغلاء وارتفاع الأسعار.
وأوضح: الآلات التى نستخدمها فى تلك الورش البدائية مطرقة ونيران لتسخين الحديد حتى يلين ونستطيع تشكيله.
وأضاف: اليوم الصنعة في خطر ونواجه تطورا كبيرا، لكن الفلاح لا يستغنى عن الفأس، ولذلك ستظل تلك الصنعة موجودة لكنها لا تستطيع مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار، و لو ارتفع سعر الفحم والحديد أكثر من ذلك، فأصحاب الورش الصغيرة هيقفلوا حتي الصنايعية هجروا المهنة.