بدأ السباق الدرامى بمجموعة كبيرة من المسلسلات، والتى تتنوع ما بين الكوميديا والأكشن والألغاز والإجتماعية، ورغم أن الموسم الرمضانى غالبا ما تكون أعماله جديدة لكن هذا العام يتواجد 3 مسلسلات بأجزائه الثانية أو أكثر، وهو رقم كبير بالنسبة للمسلسلات التى أنتجت هذا العام، حيث لم يتعد الرقم 30 عملا دراميا.
نجاح الأجزاء المتعددة لنفس المسلسل، اقتصر على أعمال قليلة للغاية، منها "الكبير" لأحمد مكى، والذى أنتج منه 5 أجزاء، عرض جميعها فى رمضان، وأيضا مسلسل "رجل وست ستات" لأشرف عبد الباقى، والذى أنتج منه 9 أجزاء عرض عدد كبير منها فى رمضان، والأخير خارج السباق الرمضانى.
هذا العام، يعود الجزء السادس من الملحمة الأشهر دراميا فى مصر "ليالى الحلمية"، والذى أثار جدلا كبيرا وواسعة بين الأوساط الفنية والصحفية خلال الأشهر الماضية، وبمجرد الإعلان عنه حيث هاجم البعض فكرة وجود جزء سادس من المسلسل ليست من تأليف الراحل أسامة أنور عكاشة وإخراج أسامة أنور عكاشة، بينما رحب الكثيرون بفكرة المسلسل طالما أنها ستنفذ على نفس الخيوط الدرامية التى كان عليها الأجزاء الخمسة السابقين ،حيث جاء الترحيب من قبل الفنانين الذين اشتركوا فى العمل منذ 20 عاما، مثل إلهام شاهين وصفية العمرى وهشام سليم، والراحل ممدوح عبد العليم، إضافة إلى أن من يتولى الكتابة هو أيمن بهجت قمر، ووجود مخرج كبير مثل مجدى أبو عميرة يستكمل تلك الملحمة، وهو مخرج له أعماله الكبيرة التى قدمها للدراما.
نجاح الجزء السادس لليالى الحلمية، سيشجع الكثير من المنتجين لإعادة أعمال درامية وتراثية قديمة، أما فى حالة عدم تقبل الجمهور للفكرة، فلن يكرر الكثيرون التجربة، وسواء لاقت الفكرة نجاحا أو فشلا، فسيظل الجزء السادس لليالى الحلمية جديرا بالاهتمام والمتابعة، لضخامة اسم العمل نفسه.
كما تطل علينا مرة أخرى "هبة رجل الغراب" ولكن بثوب مختلف، بعد أن تغير "جلد" المسلسل بالكامل، حيث سيعرض فى الموسم الدرامى الجارى الجزء الثالث من المسلسل، بعد نجاح ضخم للجزأين الأول والثانى، ولكن مسئولية أبطال الجزء الثالث تكاد تكون مضاعفة، بعد أن قبل أكثر من فنان المخاطرة ووافق على استكمال أدوار هى ناجحة بالفعل، فتحل ناهد السباعى بديلة لإيمى سمير غانم، ويحل أحمد فريد بدلا من حازم سمير، فضلا عن اعتذار ريهام حجاج، وريم مصطفى، وهو ما يجعل التحدى أكبر لأبطال المسلسل، ولا سيما أن الموسمين الأول والثانى لم يعرضا خلال شهر رمضان، حيث كانا خارج السباق، وكان ذلك سببا فى نجاحهما، أما الجزء الثالث، فسيوضع فى مقارنة مع الجزأين الأولين، وأيضا فى منافسة شرسة مع المسلسلات الكوميدية التى تنافس فى السباق الرمضانى ومنها نيللى وشريهان لدنيا وإيمى سمير غانم ويوميات زوجة مفروسة لداليا البحيرى، إلا أن أسرة عمل الجزء الثالث من هبه رجل الغراب تراهن على نجاح العمل.
أما مسلسل يوميات زوجة مفروسة، لداليا البحيرى وخالد سرحان، فيحاولان استثمار نجاح الموسم الأول من المسلسل العام الماضى، فى جزء جديد، حيث تزداد بينهما المواقف الكوميدية، والتى تفجر الضحك، ورغم أن المسلسل لاقى منافسة شرسة العام الماضى، ولكن أصر أبطاله على عمل جزء جديد له، وأيضا سيلاقى منافسة شرسة من نيللى وشريهان وهبه رجل الغراب.
"يوميات زوجة مفروسة" والذى سيعرض على النهار، من الأعمال المرشحة بقوة لنيل قدر كبير من المتابعة الإهتمام من الجمهور، وذلك كون أغلب الأعمال الدرامية، تتنوع ما بين الأكشن والدراما الاجتماعية والنفسية وأيضا السياسية، وهو ما جعل حجم الكوميديا يتضاءل هذا العام، ويقتصر على مسلسلين أو 3.
ليالى الحلمية والشهد والدموع ورأفت الهجان وبوابة الحلوانى أشهر مسلسلات الأجزاء
للدراما المصرية تاريخ كبير، ومسيرة حافلة بالملحمات الدرامية التى تعيش فى وجدان الأجيال القديمة، وكذلك الحديثة، والتى تجد قيما ومبادئ وفنا فى تلك الأعمال، فالدراما المصرية غزت الوطن العربى فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، وهو ما يطلق عليه القوى الناعمة، وحفلت الدراما المصرية بمئات المسلسلات الناجحة، ولكن كان دوما الأفضلية، لتلك الأعمال التى أنتج منها أكثر من جزء، فتعدد الأجزاء، دليل واضح على نجاح العمل، "الشهد والدموع" و"رأفت الجهان" و"ليالى الحلمية"، عشرات الأعمال ترسخت فى اذهان المصريين، وأحبوها، وتابعوها بشغف، لأنهم أغلب الظن، رأوا أنفسهم فيها، فتلك الأعمال رصدت حياة المصريين فى أوقات وأزمنة مختلفة، بنجاحاتهم واخفاقاتهم، فتعاطفوا معها ومع أبطالها.
فالجزء الأول من الشهد والدموع أنتج عام 1983، ولعب بطولته كل من يوسف شعبان ومحمود الجندى وحمدى غيث وعفاف شعيب ومحمد متولى وكتبه أسامة أنور عكاشة واخرجه إسماعيل عبد الحافظ، أما الجزء الثانى فأنتج بعدها بعامين وظهر به خالد زكى وإبراهيم يسرى ونسرين.
أما مسلسل ليالى الحلمية، فبدأ فى عام 1987، وقام ببطولته يحيى الفخرانى وصلاح السعدنى وصفية العمرى وحسن يوسف وأحمد مظهر وتأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج إسماعيل عبد الحافظ، واستمر المسلسل فى عرض أجزائه حتى عرض الجزء الخامس عام 1995، ليعود فى عام 2016 بنسخة جديدة، ورصد المسلسل فترة طويلة من حياة المصريين، بدأت من عصر الملك فاروق، وانتهاء بعصر الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، بتطوراته السياسية والاجتماعية والثقافية فى المجتمع المصرى.
كما تعلق المصريون بشكل لافت بمسلسل "بوابة الحلوانى"، واشتهرت أغنيتها والتى غناها على الحجار بشكل كبير "اللى بنى مصر"، ورصدت حياة المصريين فى فترة "الخيديوية"، وتحديدا فى وقت الخديوى إسماعيل وابنه توفيق، وشارك فى بطولتها كوكبة كبيرة من نجوم الدراما المصرية آنذاك، منهم صلاح قابيل وعبد الله غيث وعلى الحجار ومحمد وفيق وسمية الألفى وشيرين وجدى وأحمد راتب وتأليف محفوظ عبد الرحمن وإخراج إبراهيم الصحن، وتم إنتاج جزأين منه.
وحينما تذكر أعمال الوطنية والجاسوسية، فستبادر إلى ذهنك بشكل تلقائى النجم محمود عبد العزيز فى دوره الأشهر رأفت الهجان، والذى يرصد فيه من ملفات المخابرات المصرية، حياة العميل المصرى فى إسرائيل رفعت الجمال، وبدأ إنتاج المسلسل فى عام 1987، وله ثلاث أجزاء، وكتبه صالح مرسى وأخرجه يحيى العلمى، وشارك فى بطولته عفاف شعيب ويوسف شعبان وأحمد ماهر ونبيل الحلفاوى ومحمد وفيق ويسرا، ورغم أن الكثير من الأعمال أنتجت بعد ذلك ترصد الجاسوسية والصراع العربى الإسرئيلى، يظل رأفت الهجان هو المرجع لتلك الأعمال.
كما كان للأعمال الأدبية نصيب فى الأعمال الدرامية ذات الأجزاء المتعددة، حيث حولت ثلاثية نجيب محفوظ إلى دراما تليفزيونية فى 1978، بدأت ببين القصرين والتى كتب السيناريو والحوار لها محسن زايد وأخرجها تيسير شاهين وقام ببطولتها هدى سلطان ومحمود مرسى وصلاح السعدنى وكمال أبو رية ومعالى زايد، كما أنتج مسلسل "قصر الشوق" بعدها بعام، ولاقى العملان نجاحا كبيرا.
وفى نهاية التسعينيات ظهرت الأعمال الدرامية بأجزائها المتعددة بشكل جديد ومختلف، فأنتج فى عام 1997، مسلسل "السيرة الهلالية" والتى لعب بطولتها أحمد عبد العزيز وأخرجها مجدى أبو عميرة وكتبها يسرى الجندى، ثم فى عام 1999، أنتج جزء جديد من السيرة الهلالية لعب بطولته جمال عبد الناصر، أما فى الجزء الثالث، فجسد شخصية أبو زيد الهلالى، الفنان رياض الخولى.
كما أنتج أيضا فى 1997 الجزأ الأول لهوانم جاردن سيتى بطولة حسين فهمى ومديحة يسرى وصابرين وعبلة كامل وصفية العمرى وهشام سليم ومحمد قابيل وكتبته منى نور الدين وإخراج أحمد صقر، ثم أنتج منه جزء ثانى عام 1998، ولاقى أيضا نجاحا كبيرا.
وفى الدراما كوميدية والإجتماعية، ظهر المسلسل الأشهر والتى اجتمعت حوله الأسر المصرية، يوميات ونيس، حيث بدأ فى 1994، ولعب بطولته الفنان محمد صبحى والفنانة سعاد نصر، حيث رحلت الأخيرة بعد أن قدما سويا 5 أجزاء، ليعود صبحى ويستأنف 3 أجزاء أخرى مع أحفاده.
كما شهدت أيضا التسعينيات، واحدا من أفضل مسلسلات الدراما المصرية، وهو "المال والبنون" للكاتب محمد جلال عبد القوى وإخراج مجدى أبو عميرة، وقام ببطولته أحمد عبد العزيز وشريف منير وحسين فهمى وعبد الله غيث ويوسف شعبان وحمدى غيث.
كما خصص السيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة مسلسل "زيزينيا" بجزأيه لمدينة الإسكندرية، حيث أنتج عام 1997، وقام ببطولته يحيى الفخرانى واثار الحكيم وحمدى غيث وهدى سلطان وأحمد بدير وجميل راتب ونبيل الحلفاوى، وأخرجه جمال عبد الحميد.
وأيضا أنتج العديد من الأجزاء لمسلسلات "الدالى" و"العصيان" و"لحظات حرجة" و"سلسال الدم" و"سرايا عابدين" و"الكبير" و"ساحرة الجنوب" و"المصراوية".
النقاد يختلفون حول نجاح مسلسلات الأجزاء فى دراما رمضان
ينافس هذا العام فى السباق الدرامى الرمضانى عدد من المسلسلات متعددة الأجزاء، منها الجزء السادس من مسلسل "ليالى الحلمية"، والجزء الثانى من مسلسل "أنا وبابا وماما"، والجزء الثانى من مسلسل "يوميات زوجة مفروسة أوى"، والجزء الثالث من مسلسل "هبة رجل الغراب"، ويعد إنتاج جزء جديد من مسلسل ناجح هو تحدى بكل المقاييس أمام صناعه، حيث تعرض صناع مسلسلات الأجزاء هذا العام إلى هجمة شرسة من الجميع، حتى قبل عرض أعمالهم، خاصة فريق عمل الجزء السادس من مسلسل "ليالى الحلمية" الذين تم اتهامهم بأنهم سوف يشوهون رائعة الكاتب أسامة أنور عكاشة، ولكن هل يعد إنتاج جزء جديد من مسلسل ناجح هو مجرد سبوبة لاستغلال نجاحه أم أن هناك شىء جديد يريد صناع العمل تقديمه؟.
وفى هذا السياق يقول الناقد كمال رمزى لـ"انفراد" إن أهم شىء تحتاج إليه مسلسلات الأجزاء هو أن يلبى رغبة معينة لدى الجمهور، ويناقش مشاكلهم ويقدم أحداث مثيرة وأن يكون مستوى العمل من ناحية الأداء التمثيلى متميز، وأن يكون يعرض رواية تهم أجيال متعاقبة، ولذلك فإنه يتوقع النجاح لمسلسل "ليالى الحلمية" ليس فقط بسبب نجاح الأجزاء السابقة منه ولكن لثقته فى أن فريق العمل سوف يقدم شيئا جيدا يظهر جزءا جديدا من تاريخ مصر.
وأضاف أن مستوى الدراما التلفزيونية فى مصر وصل لأفاق مرتفعة وهو شىء مشرف للغاية، والذى ساعد فى ذلك هو حب الجمهور للمسلسلات لأن المصريين منذ قديم الأزل يعشقون سماع القصص والروايات قائلا "طول عمرنا حتى قبل التلفزيون والراديو كنا نستمع لشاعر الربابة وهو يحكى قصص ابو زيد الهلالى وعنترة وغيرها من الحكاوى".
فيما قال الناقد الفنى طارق الشناوى إن إنتاج أجزاء جديدة من مسلسلات ناجحة يعد إفلاسا لأنه من المفترض أن يحدد صناع العمل الفنى عدد أجزاءه منذ مراحل كتابته الأولي، ولا يجوز أن يقرروا إنتاج جزء ثانى له فجأة بعد نجاحه أو بناء على طلب الجماهير لأن ذلك يعد إفلاسا، مستشهدا بأن الكاتب أسامة أنور عكاشة عندما بدأ فى كتابة مسلسل "الشهد والدموع" قرر أن يتم تنفيذه على جزأين وقد كان، كما أنه قرر أن يكون مسلسل "زيزينيا" 3 أجزاء ولكنه توفى قبل تنفيذ الجزء الثالث، لافتا إلى أن إنتاج جزء ثانى من عمل فنى يجب أن يكون بسبب وجود منطق درامى يفرض ذلك وليس لأن المنتج يريد أن يستغل نجاحه.
وأضاف أن إنتاج جزء جديد من مسلسل "أنا وبابا وماما" أو "يوميات زوجة مفروسة أوى" هى مغامرة محسوبة لأن تكلفة هذه المسلسلات ليست كبيرة كما أن أجور الممثلين بها فى الحدود الاقتصادية المسموح بها، ويوجد هناك عامل أخر يغرى المنتج بتنفيذ أجزاء من هذه المسلسلات وهو أنه لا يوجد قلق من التسويق لأن تكلفته قليلة، لافتا إلى أن هذه الأعمال يكون بها مبالغة فى الأداء.
ولفت إلى أنه ضد تجريم صناع الجزء السادس من مسلسل "ليالى الحلمية" لأنهم قرروا إنتاج جزء جديد من العمل وذلك لأنه حقهم وليس به خيانة لأسامة أنور عكاشة أو تاريخه، ولكن واقعيا تنفيذ هذا المسلسل هو أمر صعب لأنهم سيكونون فى تحدى مع النجاح الشديد الذى حققته الأجزاء السابقة كما سيكون هناك تحدى مع باقى المسلسلات المتنافسة هذا العام، كذلك سوف تقوم صفاء حجازى رئيسة اتحاد الإذاعة والتلفزيون بمونتاج الأجزاء الخمسة الأصلية وعرضها على التلفزيون المصرى بالتزامن مع عرض الجزء الجديد لكى تظهر أن الجزء الجديد "تايوانى"، كما أننا لا نستطيع إغفال تغير ذوق الجمهور، ولذلك فإن ما يراهن عليه صناع العمل ليس هو الورقة الرابحة.
ومن جانبها قالت الناقدة ماجدة موريس لـ"انفراد" إن إنتاج أجزاء من المسلسلات لم يكن ناجحا إلى أن ارتباط بوجود ازدهار كبير فى الدراما المصرية فى فترة معينة، حيث كان هناك كتيبة كبيرة من المؤلفين والمخرجين الذين استطاعوا إنتاج أجزاء ناجحة فى الدراما، ولكنهم كانوا يراعون فى قواعد كتابتهم للمسلسلات متعددة الأجزاء أن يكون "الفرشة الاولي" من المسلسل تحتوى على الكثير من المقومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والانسانية ومجموعة كبيرة من الشخصيات التى ممكن أن تتشابك صراعتهم.
ولفتت إلى أن مسلسلات الأجزاء فى مصر حاليا ما هى إلا استغلال من قبل المنتج لنجاح الأجزاء السابقة، مضيفة إلى أن استعادة ليالى الحلمية بجزء سادس هو "استخسار" لمشروع أسامة أنور عكاشة، وبه استغلال لنجاح ومكانة ليالى الحلمية لدى الجمهور، مؤكدة أن لديها ثقة فى عمرو محمود يس لأنه مؤلف شاطر وفى المخرج مجدى ابو عميرة الذى لديه تاريخ حافل بأعمال الرائعة.
وأضافت أن تيمة مسلسل "يوميات زوجة مفروسة" ليست "بطالة" حيث اعتمدوا على فكرة الزوجة المقهورة، لافتة إلى أن صناع العمل قد يكونوا تعلموا من ردود الأفعال العام الماضى، وسوف يقدمون شىء أفضل هذا العام، كما أن الكوميديا فى دراما رمضان تقل كل عام، ولذلك فهى تتوقع أن يحقق مسلسل " يوميات زوجة مفروسة " نجاحا جيدا.