التسويق كلمة السر فى عصر الاتصال والتواصل، ليس فقط تسويق السلع، لكن الأشخاص والأفكار والسياسات، لم تعد المنافسة بسيطة مثلما كان فى الماضى، ومبكرا جدا ظهرت فكرة التجارة الدولية، وبقيت فى سياقها الطبيعى والمنافسة التقليدية، ومع مطلع الألفية الجديدة، ووضع اتفاقيات التجارة الدولية محل التطبيق، بدأ عصر جديد تماما يجعل من العالم كله سوقا، ويفرض قواعد وقوانين جديدة للمنافسة والدعاية، سوق يقترب عدد سكانه من 7.8 مليار نسمة، منهم نحو 4.14 مليار مستخدم نشط على شبكة الإنترنت بما فيها مواقع إلكترونية ومواقع تواصل اجتماعى.
مؤخرا أعلنت شركة «أمازون»، عن تفاصيل إنشاء أول مستودع للشركة فى مصر بمدينة العاشر من رمضان على مساحة 28 ألف متر مربع، بهدف توفير تجربة تسوق وتوصيل أكثر سرعة لتلبية طلبات عملاء التسوق عبر الإنترنت، وبما يسهل تقديم المزيد من المنتجات إلى شريحة أكبر من العملاء فى مصر، أكثر من أى وقت مضى.
قبلها أطلقت «أمازون» رسميا موقعها الإلكترونى الجديد «أمازون مصر»، كبديل لموقع «سوق دوت كوم» المملوك للشركة، وهو موقع يحظى بإقبال كبير لكونه أهم منصة تسويق إلكترونى فى المنطقة على مدى السنوات الأخيرة، الشركة تنوى عرض ملايين من المنتجات والماركات عالية الجودة عبر الموقع، مثل الإلكترونيات، والملابس، وأدوات المنزل والمطبخ، ومنتجات السوبر ماركت، ومنتجات وأجهزة أمازون، مثل قارئ الكتب الإلكترونية «كيندل»، بمعنى أن الموقع الجديد - حسب تقرير نشرته الزميلة هبة السيد فى «انفراد» - سيقدم للعملاء تجربة تسوق مميزة بأسعار تنافسية وخيارات دفع سهلة، فضلا عن خدمة التوصيل السريع والمعتمد، وتضخ الشركة نحو مليار جنيه فى السوق، وتوفر 3 آلاف فرصة عمل.
دخول موقع أمازون يعنى تحولا كبيرا فى عملية التسويق الإلكترونى، ويطور من تجربة موقع «سوق»، الذى يمثل علامة تجارية مهمة ولافتة، وهو أمر لفت نظر المهتمين بالمنافسة والتسويق والتجارة الإلكترونية، وهو نشاط تضاعف خلال السنوات الأخيرة، وحقق مثل باقى مواقع التجارة الإلكترونية قفزة مع فيروس كورونا، الذى ضاعف من اعتماد الناس أفرادا وشركات ومؤسسات على شبكات التواصل الاجتماعى للتواصل والعمل والتسويق وتناقل الأخبار والمعرفة، بنسبة تصل إلى 53 %.
دخول «أمازون» إلى التسويق الإلكترونى يمثل تحولا إضافيا ضمن تحولات العصر التى بدأت من سنوات، ولا شك أنه سيكون له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على حركة التجارة فى مصر مثلما فى العالم، وهى تأثيرات ظهرت مع انتشار محلات السوبر ماركت الكبرى التى تقدم أسعارا أقل من المحلات العادية، ولديها القدرة على التفاوض والتعامل مع المنتج والمستهلك بشكل أكثر مرونة مما لدى المحلات العادية، بالطبع فإن ما يحظى به موقع أمازون من ثقة وقدرة على طرح وتوصيل المنتجات بأسعار أقل، سوف يضعف من فرص المواقع الأخرى، بل ويؤثر على المنتجين والصناعات، ومن يعجز عن المجاراة سوف يخرج من السوق.
فكرة التسويق تقوم على العروض والإغراءات التى تجعل المستهلك يشترى أحيانا ما لا يريده، بظن أنه يوفر أمواله بينما هو فى الحقيقة ينفق أكثر، ويستهلك أكثر، والدعاية أحيانا تخلق الحاجة إلى السلعة قبل ظهورها، واليوم فإن المستهلك أصبح يبحث عن المنتجات على الإنترنت ويفضل أن يطلبها ليوفر الجهد، وفى حالة مواقع مثل أمازون فإنها تستطيع توفير السلعة وتوصيلها بأسعار أقل من مثيلاتها فى المواقع الأخرى، بل وفى المحلات نفسها، وهى تطورات تفرض على التجار والمنتجين الاستعداد للتكيف مع هذا الواقع الجديد.