بعد أن أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن عدم السماح بدخول أى بضائع إلا طبقا للمعايير الأوروبية بداء من مارس 2022، ماذا يعني هذا الكلام وكيف يؤثر على حركة التجارة المصرية؟، وكيف يتأثر ملف التصدير في ظل اتجاه مصر لضبط الاستيراد العشوائي؟، خاصة بعد أن شهدت البلاد موجة استيراد عنيفة وعشوائية حتى عام 2016، إذ تدخلت الدولة ببعض الإجراءات لضبط منظومة الاستيراد مما انعكس على الميزان التجاري.
حتى نفهم هذا الملف جيدا لابد أن نعود بالذاكرة إلى ما قبل عام 2016 ، حيث وصلت فاتورة الاستيراد إلي أرقام مرعبة اقتربت من حاجز 75 مليار دولار سنوياً، الأمر الذي دفع الدولة نحو الاتجاه لضبط ملف الاستيراد خاصة في ظل قيام مستوردين بإدخال بضائع غير مطابقة للمواصفات القياسية، وهو ما تسبب في انتشار بضائع ومنتجات رديئة الجودة في الأسواق المصرية في كافة القطاعات.
وقبل التطرق إلى ملف ضبط الاستيراد يجب النظر إلي البيانات الرسمية حول واردات البلاد، فبحسب هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، فإن الواردات السلعية المصرية من دول العالم سجلت تراجعاً ملحوظاً، حيث بلغت فى عام 2015 حوالي 72 مليار دولار مقابل 63.5 مليار دولارفي عام 2020 بتراجع حوالي 8.5 مليار دولار، وقابله ارتفاع في إجمالي الصادرات السلعية المصرية والتي سجلت فى عام 2015 حوالي 18.6 مليار دولار ارتفعت مع نهاية عام 2020 لتصل إلى 25.3 مليار دولار، وساهمت هذه المؤشرات الايجابية فى إصلاح الخلل فى الميزان التجاري لمصر مع دول العالم والذي بلغ فى نهاية عام 2020 حوالي 38.3 مليار دولار مقارنة بـ 53.4 مليار دولار فى عام 2014.
لكن كيف ضبطت مصر منظومة الاستيراد العشوائي؟ .. عملت الدولة على ملف إحلال الواردات وهو يعني أن يتم استبدال المنتجات المستوردة بإنتاج وطنى ومحلى، وهنا يتم تنفيذ هذه الخطة من خلال زيادة قدرات الصناعة الوطنية وتوفير احتياجاتها من خامات ومستلزمات الإنتاج، وإفساح الطريق أمامها عبر الحد من الاستيراد العشوائي وضبط منظومة الاستيراد بصفة عامة.
ومنذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى خلال عام 2016 كان لابد من ضبط إيقاع الاستيراد العشوائى والتحول نحو التصنيع المحلى، لذلك أصدرت وزارة الصناعة والتجارة القرار 43 لسنة 2016، الخاص بتسجيل المصانع والشركات الموردة، إلا أن هذا القرار كان تأثيره قويا جدا على العديد من الصناعات، التي تراجعت وارداتها بصورة ملحوظة ولأول مرة ترتفع الطاقات التصنيعية للمصانع بشكل كبير، نتيجة افساح الطريق لها والحد من الاستيراد العشوائى واغراق السوق منها.
ومنذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى خلال عام 2016 كان لابد من ضبط إيقاع الاستيراد العشوائى والتحول نحو التصنيع المحلى، لذلك أصدرت وزارة الصناعة والتجارة القرار 43 لسنة 2016، والخاص بتسجيل المصانع والشركات الموردة، إلا أن هذا القرار كان تأثيره قويا جدا على العديد من الصناعات، التي تراجعت وارداتها بصورة ملحوظة ولأول مرة ترتفع الطاقات التصنيعية للمصانع بشكل كبير، نتيجة افساح الطريق لها والحد من الاستيراد العشوائى واغراق السوق منها.
ولمن لا يعرف القرار 43 فهو قرار نص على إنشاء سجل للمصانع والشركات مالكة العلامات التجارية المؤهلة لتصدير المنتجات بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وحدد القرار بعض السلع التى تقتضى تسجيل المصانع الموردة إلى مصر فى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ومن بينها "الألبان ومنتجاتها، الفواكه المستوردة، الزيوت، المصنوعات السكرية، سجاد وتغطية أرضيات، ملابس ومنسوجات ومفروشات، أجهزة الإنارة للاستخدام المنزلى، الأثاث المنزلى والمكتب، لعب الأطفال، الأجهزة المنزلية مثل التكييف والثلاجات والغسالات، الزجاج، حديد التسليح، الشيكولاتة، والورق وغيرها
ومن ضمن قرارات الحد من الاستيراد أصدرت الحكومة خلال شهر إبريل عام 2015 قرار وزير الصناعة وقتها منير فخرى عبدالنور، بمنع استيراد المنتجات ذات الطابع الشعبى، ثم صدور قرار رقم 991 نهاية العام بمنع استيراد نحو 70 سلعة إلا بعد التعامل مع الشركات أو الجهات القائمة على الفحص قبل الشحن إذا ما تبين عدم مطابقة بيانات شهادة الفحص الصادرة منها مع نتائج الفحص العشوائى، وذلك لمدة 6 شهور، وفى حالة العودة يوقف التعامل نهائيا بقرار من وزير التجارة.
اليوم ومع إعلان الرئيس السيسي عدم السماح بدخول بضائع مستوردة إلا بمواصفات أوربية، فإن ذلك هو امتداد لعدد من الإجراءات المصرية لضبط ملف التجارة الخارجية للبلاد سواء تصدير أو استيراد، وخلال الفترة المقبلة وفي موعد حدده الرئيس السيسي بنهاية الربع الأول من 2022 فإنه سيجري تطبيق منظومة مميكنة بشكل كامل عند التعامل على ملف الاستيراد وهذا لا يعني وقف الاستيراد لكن ضبط دخول البضائع وفق مواصفات قياسية .
ويتزامن مع حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، انتهاء الحكومة من إعداد قائمة كاملة بالواردات من الخارج والتى يجرى العمل على إحلالها بمنتجات محلية، ويجرى العمل مع عدة جهات منها مركز تحديث الصناعة وهيئات حكومية أخرى بجانب التعاون مع القطاع الخاص، فى إطار توفير مستلزمات إنتاج لهذه الواردات لتوسيع أنشطة تصنيعها فى البلاد لتكون بديلاً للاستيراد، كما جرى ربط تخصيص المصانع الجديدة فى برنامج المجمعات الصناعية باحتياجات السوق الفعلية من المنتجات التى تدخل ضمن برنامج إحلال الواردات، وهذا يأتي ضمن خطة ضبط منظومة الاستيراد.
ويتواكب مع إجراءات ضبط الاستيراد، اتجاه الدولة لتطوير المنظومة الجمركية وهذا ينعكس بشكل كبير على الاقتصاد المصرى، حيث أصبح قادرا أكثر من أي وقت مضى على مواجهة التحديات التى تفرضها تطورات الأوضاع العالمية، وعلى تلبية احتياجات وتطلعات الحركة التجارية، وتعمل المنظومة الجمركية وإجراءاتها على عناصر تحفيز وتشجيع الاقتصاد المصرى، وحوكمة الإجراءات الجمركية، وتسهيل التجارة وتخفيض زمن الإفراج لتخفيض تكلفة التجارة المصرية.
مصر تسعي إلي تحقيق تكامل بين ضبط الاستيراد ودخول البضائع بمواصفات محددة وبين سرعة دخول البضائع والمنتجات التي تحظى بموافقات وتدخل وفق الاشتراطات المصرية، وفي سبيل ذلك يجري تطبيق نظام الافراح الجمركي المسبق المعروف بنظام ACI ، والذي يحدد آلية الإفراج المسبق للشحنات و تسمح للمتعاملين مع الجمارك بإنهاء كل الإجراءات المستندية قبل وصول البضاعة إلى البلاد، وحتى سداد الرسوم وتسلم قسيمة السداد، وإذن الإفراج لحين وصول البضاعة.