كان إعلان الدولة المصرية إطلاق استراتيجيتها الوطنية الأولى لحقوق الإنسان مفاجئا لـ"دكاكين حقوق الإنسان" والقائمين عليها، والذين لطالما سعوا جاهدين على مدار عقود لفرض أجندتهم السياسية غير الوطنية على الدولة المصرية ومؤسساتها تحت عباءة "حقوق الإنسان"، وكان إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بمثابة كارثة بالنسبة لهم أفقدتهم صوابهم أو ربما أصابتهم بالجنون.
فعلى الرغم من الاهتمام المحلى والدولى بهذا الحدث الضخم، وإشادة العديد من المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية والشخصيات القانونية والحقوقية داخل مصر وخارجها بتلك الخطوة التاريخية المهمة، ووسط اهتمام الصحافة الدولية أيضا بهذا الحدث وتسليط الضوء عليه، إلا أن "دكاكين حقوق الإنسان" بالخارج سارعت إلى إطلاق سهام الأكاذيب المسمومة التي تسعى إلى التشكيك نوايا الدولة المصرية تجاه تلك الاستراتيجية وتنفيذها، دون حتى التطرق إلى الاستراتيجية نفسها أو مناقشتها مناقشة موضوعية.
من ناحيته قال الخبير الحقوقى والمحامى بالنقض، نجاد البرعى، فى منشور له عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك": "لا أظن أن كل من دافعوا عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أو هاجموها قد أعطوا لأنفسهم الوقت لقراءتها بشكل ولو متعجل"، وتابع: "تقع الاستراتيجية فى قرابة 78 صفحة وهى أول عمل متكامل يصدر فى مصر بعد حوار مجتمعى استمر على الأقل عامين، وتغطى الاستراتيجية الوطنية كل ما يمكن أن يتصوره المهتمين بالمجال من موضوعات".
وأضاف البرعى: "على الرغم من أنى شاركت فى بعض جلسات الحوار المجتمعى حول الاستراتيجية وكان لدى معلومات وافية عن الشكل النهائى لها؛ إلا أننى كنت حريصا على قراءتها، وأستطيع أن أقول إنها كافية ووافية ولو استطاعت الحكومة إنجاز 75% منها فسوف تنقل مصر خطوات إلى الأمام لم نتصورها ولم نحلم بها".
وأشار نجاد البرعى على ضرورة توضيح عدد من المور، أولها أن تلك الاستراتيجية هى مجرد "إعلان نوايا" من الحكومة بأنها قررت أن تنفذ ما جاء فى الدستور وما تنص عليه المعاهدات الدولية التى وقعت عليها بشأن حقوق الإنسان بوجوهها المختلفة، قائلا: "بالتالى فيتعين النظر إليها فى هذا الإطار ويبقى التنفيذ هو المحك الرئيسى الذى به يعرف الناس أن إرادة الدولة فى إنفاذ المعاهدات الدولية والدستور قد انتقلت من مرحله النوايا إلى مرحلة الأفعال".
وأوضح البرعى أن الأمر الثانى الذى يجب توضيحه هو أن الاستراتيجية عندما بدأت بالحقوق المدنية والسياسية، كان ذلك إشارة من الدولة لا تخطئها العين الواعية من أن هناك إقرار الآن بأهمية تلك الحقوق وأسبقيتها واعتبارها البنية الأساسية التى تساعد على تمتع المواطنين بكل الحقوق الإنسانية المتعارف عليها والمنصوص عليها فى الدستور والمعاهدات الدولية.
أما الأمر الثالث الذى تطرق إليه نجاد البرعى هو أن الكيانات الأهلية المهتمة بحقوق الإنسان على تعددها وتنوعها مطالبة اليوم بأن تبدأ بشكل جاد فى مناقشة دورها فى المساعدة على تنفيذ تلك الاستراتيجية ومراقبة طريقة تنفيذ سلطات الدولة المختلفة لها، قائلا: "وأظن أن هذا هو الوقت المناسب لبدء بناء تحالفات أهلية وطنية من أجل القيام بذلك".
وتحدث نجاد البرعى عن الأمر الرابع الذى يجب توضيحه أيضا قائلا: "معركة انتزاع حقوق الإنسان ليست معركة سهلة وليست طريق صاعد فى خط مستقيم ولكنه طريق طويل متعرج مملوء بالحفر والعوائق؛ ولكن أى تقدم فى هذا الطريق يستحق الفرح والتهليل والتشجيع مهما بدا الأمر وكأنه تحرك بطئ إلى الأمام، ففى ظنى أن التحرك إلى الأمام ولو كان حتى شكليا أو بطيئا خير ألف مرة من الرجوع إلى الخلف".
وفيما يتعلق بالأمر الخامس قال البرعى: "تلك الاستراتيجية لم تأت نتيجة رغبة صادقة من الدولة فحسب ولكنها ثمرة كفاح ومفاوضات ومناقشات أدارتها مع الحكومة ومع الفواعل السياسية الداخلية والدولية الحركة المصرية لحقوق الإنسان بأطيافها المتعددة وهى حركه لها تاريخ طويل فى التعامل الإيجابى البناء مع الحكومات المتعاقبة فى مصر؛ مهما تصور البعض أنها متشددة لا ترغب فى الحوار ولا تجيد فن التفاوض".
وهنأ البرعى الشعب المصرى بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، موجها الشكر لكل القائمين على إعداد تلك الاستراتيجية، ووجه الشكر أيضا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى على إعلانه عام 2022 عام للمجتمع المدنى.
ومن ناحيته قال عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تعد نقلة نوعية كبيرة لحالة حقوق الإنسان فى مصر، وتؤكد رغبة الدولة فى تحسين حالة حقوق الإنسان والالتزام بالاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها واحترام إرادة المصريين من خلال تفعيل مواد الدستور الجديد وفتح قنوات اتصال مع المجتمع المدنى بهدف الحافظ على كرامة المواطنين.
وأضاف عصام شيحة فى تصريحات لـ"انفراد"، أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تضمنت كافة الحقوق وعالجت الكثير من المشاكل واستجابة لتخفيض عدد الجرائم المعقب عليها بعقوبات سالبة للحرية وانشاء بدائل للحبس الاحتياطى الذى عكر صفو العلاقات بين الطرفين الدولة والمقبوض عليهم على ذمة قضايا .
وتابع: "كذا إعادة النظر فى عقوبة الإعدام فى بعض الجرائم وأهم القضايا تنقية المناهج وتدريب عناصر الشرطة على تطبيق أحكام القانون الإنسانى ومنع التمييز من خلال التوعية وتطبيق القانون بكل حزم على المخالفين، إنها رسالة الدولة الجديدة بأن المواطنة مناط الحقوق والحريات".