الدكتور على المؤيد: ندعو الشركات المصرية إلى دراسة السوق العراقى الواعد عن قرب واختيار ما يناسبها للعمل عليه
- أى انفتاح إقليمى أو دولى على العراق أو من العراق خارجيا سيصب فى المصلحة المباشرة للدولة العراقية
- أفضل سبل مكافحة الإرهاب والتطرف هى تجفيف المنابع الفكرية والذهنية والنفسية
- نحن جزء لا يتجزأ من منظومة عربية كبيرة وجوار خليجى مهم
دعا رئيس هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، الدكتور على المؤيد، الشركات المصرية إلى دراسة السوق العراقى الواعد عن قرب، واختيار ما يناسبها للعمل عليه، كل من موقعه واختصاصه وخبرته، مشيرًا إلى وجود فرص كبيرة بانتظار المستثمرين الباحثين عن مناطق رابحة وناجحة وواعدة.
وأكد الدكتور على المؤيد، فى حوار خاص لـ«انفراد»، أن أى انفتاح إقليمى أو دولى على العراق، أو من العراق خارجيا سيصب فى المصلحة المباشرة للدولة العراقية والشعب العراقى، موضحًا أن بلدًا بحجم العراق وتاريخه وحضارته وبمستوى شعبه الأصيل يستحق أن يكون فى دائرة اهتمام جواره وإقليمه والعالم، وأن يكون له أدوار إيجابية تليق بمكانته كذلك.. وإلى نص الحوار..
نبدأ من مخرجات مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة.. ما هى دلالة احتضان العراق لهذا الاجتماع؟
من حيث المبدأ لنتفق أن أى انفتاح إقليمى أو دولى على العراق أو من العراق خارجيا سيصب فى المصلحة المباشرة للدولة العراقية والشعب العراقى، وبلد بحجم العراق وتاريخه وحضارته وبمستوى شعبه الأصيل يستحق أن يكون فى دائرة اهتمام جواره وإقليمه والعالم، وأن يكون له أدوار إيجابية تليق بمكانته كذلك.
واحتضان العراق لمؤتمر بغداد لم يأت من فراغ، فلهذا الأمر مقدمات وأسباب، أهمها الإرادة الجادة للعراق شعبًا وحكومة على فتح صفحات تعاون وثيقة مع الجوار والعالم، وحرص العراق على استثمار انحدار الإرهاب والاستقرار الأمنى فى سبيل إعادة إعمار البلاد، فالإرادة الجادة لجوار العراق والعالم فى الانفتاح على العراق وبناء علاقات مستقرة معه، وهو ما يشعر به العراق ويبنى عليه فى علاقاته.
- وما هى أسباب حرص الدولة العراقية على لعب دور الوساطة فى الإقليم؟
العراق مر خلال العقدين الماضيين بمنعطفات أمنية وسياسية داخلية وخارجية حادة جراء التوتر الإقليمى العام، والتدخلات والتداخلات التى تعرض لها من هنا وهناك، وتسعى الدولة العراقية إلى أن تبعد ساحة البلاد من هذه التوترات من خلال تبيان موقف العراق مما يحصل، وهو موقف الرفض للعلاقات المتشنجة والمتوترة بين دول الجوار، اتخاذ موقف الحياد الإيجابى إزاء ما يحصل والعمل على إبقاء علاقات البلاد متوازنة وإيجابية مع الجميع، مطالبة الجميع بعدم جعل الساحة العراقية ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، والعمل على لعب دور الوسيط المحايد الإيجابى الذى يعمل على إزالة التوتر وتقريب وجهات النظر، والباحث عن المشتركات الكبرى التى من شأنها أن تكون حلًا للأزمات السابقة أو الراهنة.
والدولة العراقية تعتقد أن هذه السياسات ستجعل العراق آمنًا وعاملًا مساعدًا لأمن المنطقة، فضلًا عن اعتقادها بإمكانية استبدال التوتر والقطيعة إلى التعاون والشراكة.
- برأيك متى تحصد بلدان مصر والأردن والعراق ثمار آلية التعاون الثلاثى فيما بينها؟
آثار الشراكة والتعاون تتمظهر فى اللقاءات المتكررة بين زعماء الدول الثلاث ومذكرات التفاهم والتعاون المنعقدة بينهم، والتى تمهد لشراكة حقيقية وتعاون وثيق سيكون له آثار سياسية واقتصادية وأمنية إيجابية على شعوب وحكومات المنطقة لأن تاريخ العلاقات بين الدول الثلاث يشهد على إمكانية هذا الأمر ومدى فوائده على المنطقة.
جمهورية مصر العربية من الدول الشقيقة والقريبة من قلوب العراقيين، وأعتقد أن مصر تقوى بالعراق والعراق يقوى بها، فتحالف هذين الحضارتين والشعبين والحكومتين لا بد أن يؤتى ثماره الإيجابية، كما أن الأشقاء فى الأردن الجارة لهم علاقات تاريخية مع العراق يمكن أن تكون فى أفضل حالاتها من خلال هذا التحالف الثلاثى الواعد.
- وما هى أبرز القطاعات التى يحتاج العراق إليها بشكل عاجل؟
فى الحقيقة الساحة العراقية لا تزال ساحة واعدة، وهى بحاجة إلى تفعيل كل القطاعات الاقتصادية والخدمية والأمنية، وهناك فرص كبيرة بانتظار المستثمرين الباحثين عن مناطق رابحة وناجحة وواعدة، العراق بإمكانه من خلال سياساته الخارجية والداخلية أن يوفر المناخ المناسب لهذه الاستثمارات والنشاطات الاقتصادية، وأن يلبى طموحات المستثمرين ورجال الأعمال.
وجغرافيًا العراق الكبير وعدد سكان البلاد، الموارد والثروات المتوفرة، مناطق الفراغ الاقتصادية، كلها عوامل جاذبة لمثل هذا النشاط.
- هل تعتقد أن التحالف الثلاثى يمكن أن يضم دولا أخرى فى المستقبل؟
نعم، وأعتقد أنه من الضرورى أن يتم توسيع دائرة التعاون والشراكة فى المنطقة، وهناك رغبة حقيقية من الشعوب باتجاه الاستقرار والرفاه والتطوير، والحكومات تدرك جيدًا هذه الرغبة، وتعمل على تلبيتها بأفضل السبل.
وما أن تتضامن الرغبات الشعبية والإرادات الجادة الحكومية حتى نكون أمام مبادرات حقيقية وناجزة وهو ما نأمل به، ومتى ما وسعنا دائرة الشراكة سنكون أمام استقرار أكبر وقفزات أطول نحو المستقبل المطلوب.
- فى رأيك ما هى أفضل السبل لمكافحة الإرهاب والتطرف فى المنطقة؟
أفضل سبل مكافحة الإرهاب والتطرف تتمثل فى تجفيف المنابع الفكرية والذهنية والنفسية والمادية لهذه الآفات، نحن بحاجة إلى مراجعات فكرية عصرية جادة تعالج الاعوجاجات الحاصلة، كما ترميم الذهنية الخاطئة المتولدة جراء تلك البنى الفكرية المشوشة.
كما أن الشعوب العربية والإسلامية بحاجة إلى ترميم لكدماتها وجراحاتها النفسية الحاصلة بسبب الإحباطات المتراكمة التى تعرضت لها، وهذه التراكمات النفسية دفعت شعوبنا إلى حالات الانغلاق أو الكراهية أو التوجس من الآخر الداخلى والخارجى والتى تبلورت على شاكلة جماعات متطرفة وإرهابية سعت إلى إعادة الأمل الكاذب لشعوب المنطقة من خلال عمليات الثأر والانتقام والإجرام العشوائى.
ما أحوجنا إلى حكومات حكيمة ترمم النصوص والنفوس معًا، وتعمل على النهوض بالواقع المادى المتردى لمواطنيها لإيجاد المناخ الفكرى والثقافى السليم والمتجدد.
الإرهاب والتطرف ينموان فى المناخات غير السليمة ويستغلان جراحات الناس وأزماتهم وإحباطاتهم المتكدسة، وما علينا إلا تغيير المناخ وإصلاح الأزمة وتقديم البدائل السليمة، لتجفيف منابع الشر والتطرف والكراهية والنقمة.
هل ترى أن تواجد جيوب لعناصر داعش فى العراق يعرقل عملية إعادة الإعمار؟
داعش وأخواتها من جماعات المتطرفين والإرهابيين فقدوا بشكل كبير أدواتهم وآلياتهم لمسك الأرض والسيطرة على حواضن جديدة لأنهم فقدوا القدرة على العمل الجماعى الكبير بفعل الضربات الأمنية العراقية القاصمة، مما دفعهم للخروج من جغرافيا العراق أو العمل على عمليات صغيرة فردية، أو بمجموعات مصغرة، وهى ما يتم معالجته استخباريًا وعسكريًا بشكل متواصل.
نعم.. تعمل داعش إعلاميًا للاحتفاظ بوجودها النفسى، ولكن ماديًا هى أضعف من أن تعرقل عمليات الإعمار فى المساحة الغالبة من العراق المستقر والآمن.
- عودة للإعمار.. برأيك ما هى أبرز القطاعات التى يمكن أن تشارك الشركات المصرية بها فى عملية إعادة الإعمار؟
يمكن القول إن كل القطاعات متاحة للعمل والمشاركة المصرية الفعلية، وندعو الشركات المصرية إلى دراسة السوق العراقى الواعد عن قرب، واختيار ما يناسبها للعمل عليه، كل من موقعه واختصاصه وخبرته.
وما هى أقرب التحالفات الإقليمية إلى دولة العراق؟
يسعى العراق إلى أن يكون قريبًا من الكل وشريكًا مع الكل ومتعاونًا مع الجميع، فهو يدرك جيدًا أن استقراره وإعماره ومكانته مرهون بعلاقته الإيجابية والمتوازنة والفاعلة مع جميع الأطراف، وفى النهاية العراق يبحث عن حلفاء أقوياء يشاركونه فى الرأى والسلوك والإرادة، ومن يكون من هذا النوع سيكون الأقرب له عمليًا.
- وما دلالة الزيارات والاتصالات العراقية المتواصلة مع دول الخليج العربى؟
العراق.. جزء لا يتجزأ من منظومة عربية كبيرة وجوار خليجى مهم، مما يتوجب عليه أن يكون متواصلًا مع الجميع ومع جواره لإقامة أفضل العلاقات والشراكات معهم لأن دول الخليج مؤثرة وثرية من حيث الموارد والتجارب والعلاقات الدولية.
قرب العراق من جواره الخليجى يفتح أمامه آفاقا إقليمية ودولية مهمة، وفرصًا كبيرة بإمكانه استثمارها وتوظيفها داخليًا وخارجيًا. كما أن دول الخليج تريد أن تكون قريبة من العراق وشعبه ودولته لإدراكها أهمية العراق ومكانته التاريخية والجيواستراتيجية.
العراق ليس دولة هامشية ولا يمكن أن يكون دولة منعزلة أو منغلقة، كما لا يمكن تهميشه أو عزله بسهولة، وأن يكون العراق لاعبًا أساسيًا ومحوريًا وإيجابيًا يعنى استقرار المنطقة نموها وتقدمها.
- وكيف تكون سبل مواجهة التدخلات الخارجية فى شؤون الدول العربية؟
أفضل السبل لإيقاف التداخلات هو التفاهمات البينية، الشراكات الكبرى، العمل وفق استراتيجية توحيد المصير العربى بما لا يتقاطع مع الجوار الإسلامى.
إننا أمام ثلاث حضارات وأمم كبرى فى المنطقة بإمكانها أن تكون حضارات منسجمة ومتعاونة ومتشاركة، وهذا يستدعى توحيد الموقف العربى أولًا، والانفتاح على الجوار الإسلامى ثانيًا، وعقد التفاهمات الكبرى ثالثًا، وما لم ندرك أن هذه العلاقة قدرية وغير قابلة للتغيير لا يمكن أن نتطلع إلى استقرار وتنمية مستدامة لمنطقتنا.
الأضلاع الثلاثة ما لم تكن متوازنة فى القوة ومترابطة فى العلاقة ومتشاركة فى المصالح، سنبقى أمام طموحات جامحة ومحاولات عبثية لتغيير حقائق التاريخ والجغرافيا، وسنصطدم فى النهاية جميعًا بصخرة الحقيقة ونتائجها.
- ما هى رؤيتكم لتطوير قطاع الإعلام والاتصالات فى العراق خلال الفترة المقبلة؟
الشعب العراقى يتطلع برغبة كبيرة إلى اللحاق بركب العالم المتطور وفى كل المجالات، وفى مقدمتها قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهيئة الإعلام والاتصالات العراقية تعمل بجد على تلبية هذه الرغبة المشروعة، وتعمل على تنظيم هذه القطاعات ونضجها وتطويرها.
ونحن لدينا عمل كبير مع المنظمات الدولية المختصة لجلب التجارب العالمية لبلادنا، لا نريد أن نخلق العجلة من جديد، بل نريد أن نوفرها لشعبنا للاستفادة من ثمراتها الإيجابية، ولدينا استثمارات كبيرة جدًا فى مجال الاتصالات، ونعمل على توسيعها لتوفير الخدمة الأفضل والأجود لمواطنينا.