لا ينكر أحد أن ابتسامته التي التقطتها له الكاميرات وقت فيضانات ألمانيا التي اجتاحت البلاد وتسببت في وفاة وإصابة الكثيرين، تسببت في تراجع شعبيته، وانتقاده في كل وقت وحين، إلا أن أرمين لاشيت مازال في وضع جيد للسباق والفوز بخلافة المرأة الحديدية أنجيلا ميركل.. فمن هو ؟
أرمين لاشيت يبلغ من العمر 59 سنة، زعيم ولاية شمال الراين وستفاليا الأكثر اكتظاظًا بالسكان، كاثوليكي ينحدر من منطقة الراين ، وهو محام وصحفي سابق خدم في البرلمان الألماني من عام 1994 إلى عام 1998 ، ثم في البرلمان الأوروبي من عام 1999 إلى عام 2005، وفى عام 2010 ، انضم إلى برلمان ولاية شمال الراين- ويستفاليا .
لاشيت من المؤيدين المخلصين لميركل، ويُنظر إليه على أنه سيكون المرشح الذى يبقى سياسة ميركل كما هى، حيث وقف خلف ميركل خلال أزمة اللاجئين عام 2015 ، في وقت واجهت معارضة قوية من داخل حزب يمين الوسط.
لاشيت ، المعتدل سياسيًا ، لديه موقف مؤيد للاتحاد الأوروبي ، ويُنظر إليه على أنه صديق للمهاجرين.
خلال حملته الانتخابية لرئاسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي ، حذر لاشيت من تغيير اتجاه الحزب ، قائلاً إن "الانفصال عن أنجيلا ميركل سيرسل إشارة خاطئة تمامًا". لقد أيد نهجا متوازنا وتجنب التطرف في وقت يخسر فيه الحزب ناخبيه لصالح اليمين البديل.
وفقًا لتقرير DW ، يفضل لاشيت علاقات أقوى مع فرنسا ، وكان ممثل ألمانيا في العلاقات الفرنسية الألمانية لمدة عامين، كما ذكر التقرير أنه سيدفع باتجاه توثيق العلاقات مع الولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن القادمة ؛ ووصف فوز بايدن بأنه "انتصار للديمقراطية".
شغل منصب عضو في البرلمان الأوروبي عن حزب "الشعب الأوروبي". ، حيث ركّز بشكل أساسي على معالجة قضايا السياسة الخارجية الأوروبية والعلاقات الدولية ومسائل الميزانية، وحين عاد إلى ألمانيا، انتقد أحياناً حكومة ميركل واصفا إياها بالحكومة التي " يعوزها الطموح الكافي" في ما يتعلق بالدفاع عن أوروبا.
كما يعتبر بعض المنتقدين أن الزعيم الجديد لحزب الاتحاد الديمقراطي- المسيحي غير حازم تجاه روسيا وفلاديمير بوتين، إذ قال في عام 2019: "بالنظر إلى أن الحوار بين الشرق والغرب كان ممكناً حتى عندما كان الاتحاد السوفياتي السابق موجوداً. علينا أن نكون قادرين على فعل الشيء نفسه اليوم".، ويعتقد لاشيت أن ألمانيا، ووراءها التكتل الأوروبي "بحاجة إلى روسيا في العديد من القضايا في العالم".
كما يرى بعض منتقدي لاشيت أن موقفه تجاه الصين "ناعم" وهو الذي كانت تعتبر حماية صناعات التصدير الألمانية بالنسبة إليه واحدة من أكبر انشغالاته.
وبما يتعلق بالصداقة بين ألمانيا والولايات المتحدة، والتي عانت بشدة خلال إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، كان لاشيت أقل حدة في لهجته مقارنة ببعض السياسيين الألمان الآخرين، ويرى لاشيت أن واشنطن أكبر شريك لبرلين خارج الاتحاد الأوروبي.
وواجه لاشيت انتقادات بسبب تغريدة نشرها في 2014، أثار فيها مشكلة مع وزير الخارجية الأمريكي السابق حينها، جون كيري حول سوريا إذ اتهم واشنطن بـ"دعم داعش والنصرة ضد الرئيس الأسد في سوريا".
كما يشكل الأمن أيضاً قسماً بارزا مما أكده لاشيت في أجندته السياسية الداخلية السابقة، كزعيم لمنطقة رينانيا شمال وستفاليا، الأكبر من حيث عدد السكان في البلاد والتي تأثرت بشكل كبير بالجريمة المنظمة، وكان عليه أن يتعامل مع المخاوف الأمنية لبعض الوقت.
أما بالنسبة للتطرف والإرهاب، فقد تبنى لاشيت شعار "عدم التسامح"، مشيراً إلى أن بدايته كحاكم تزامنت مع تداعيات الهجوم الإرهابي الذي حدث في 19 ديسمبر 2016، حيث دهست شاحنة حشداً من الناس في سوق عيد الميلاد في برلين، مما أسفر عن مقتل اثني عشر شخصاً على الأقل وإصابة خمسين آخرين.
كما وضع لاشيت نصب عينيه مسألة الاقتصاد، لكنه أشار إلى جدوى تفضيل توخي الحذر المالي على الإنفاق العام المرتفع.
في وقت سابق من هذا الشهر، قال لصحيفة "فرانكفورر ألمان زينتونغ " إنه بينما يتفق مع آراء حزب الخضر في منطقة مسقط رأسه، إلا أنه يحكم "عن اقتناع" مع "الديمقراطيين الأحرار المؤيدين للأعمال التجارية"، وهو حزب معروف بمطالبته بخفض الضرائب وتخفيف القيود المالية.
ويسعى لاشيت أيضاً إلى تحقيق توازن في مجال الاهتمام بالبيئة، وشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ.
خلال نقاش مع منافسيه على منصب زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي-المسيحي في وقت سابق من هذا الشهر، قال " إن سياسات المناخ لا ينبغي أن تخنق الاقتصاد" مضيفا "تم إغلاق أول مصانع الفحم البني قبل أيام قليلة، وهذا أمر محفز للغاية حيث إنه اعتبارا من العام المقبل، سيتم إغلاق محطات الطاقة النووية بالبلاد بحلول عام 2022" على حد قوله.
كما أضاف "أن هناك حاجة إلى كهرباء ميسورة التكلفة للحفاظ على الصناعات الفولاذية والكيماوية في البلاد".
وعلى الرغم من تولي لاشيت مقاليد الحزب ، فإن هذا لا يعني أن طريقه إلى منصب المستشارية مضمون ، حيث من المتوقع أن يتحداه قادة آخرون من الائتلاف الحاكم على المنصب الأعلى، ومن المثير للاهتمام ، أن ثقل لاشيت السياسي تلقى ضربة العام الماضي ، بعد أن ذكرت تقارير أنه ضغط من أجل تخفيف مبكر لقيود Covid-19 ، مما أغضب ميركل.
وتعد هذه الانتخابات، الاقتراع التشريعي رقم 20 في ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وتجري انتخابات البرلمان الألماني "البوندستاج" وفق نظام مختلط يجمع بين القائمة النسبية المفتوحة والمقاعد الفردية، وبصفة عامة، يُجرى الاقتراع على نصف مقاعد البرلمان البالغ عددها 598، من خلال القوائم النسبية التي تطرحها الأحزاب المختلفة للتنافس على هذه المقاعد، فيما تشهد 299 دائرة انتخابية عملية انتخاب مباشرة على مقاعد فردية، يتنافس فيها أيضا مرشحو الأحزاب والمستقلون.
ويختار كل ناخب قائمة حزبية ومرشح مباشر في ورقتي التصويت التي يحصل عليهما في مراكز الاقتراع المنتشرة في ولايات البلاد الـ16.
كما يحق لكل ألماني مؤهل للتصويت، الإدلاء بصوته عن طريق البريد دون الحاجة إلى تقديم مبررات لذلك، ويمكن للناخب الحصول على وثائق التصويت البريدي من السلطة المحلية لمقر إقامته الرئيسي، ثم يملئ نموذج التصويت البريدي المرفق بإشعار التصويت وإرساله مرة أخرى إلى السلطة المحلية عبر البريد العادي.
ويشارك 47 حزباً في الانتخابات التشريعية يوم غد الأحد، وهو رقم قياسي منذ إعادة التوحيد ألمانيا الشرقية والغربية في 1991، حيث يشارك 40 حزبا في انتخابات القوائم النسبية والمقاعد الفردية المباشرة، فيما يشارك 7 أحزاب في انتخابات المقاعد الفردية فقط.
ولا تنجح جميع هذه الأحزاب في الوصول إلى البرلمان، إذ أن مقاعد البرلمان تقسم عادة بين الأحزاب الكبيرة، وهي الاتحاد المسيحي "يمين وسط"، والحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط"، والحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط"، وحزب الخضر "يسار وسط" وحزب اليسار وحزب البديل لأجل ألمانيا "يمين متطرف".
وينص القانون الألماني على تكليف رئيس البلاد، مرشح الحزب الفائز بالأكثرية، لمنصب المستشار، بتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، وبالتالي يصبح هذه المرشح تلقائيا رأس الحكومة.