تكن جماعة الإخوان الإرهابية كرها وبغضا شديدين للزعيم جمال عبد الناصر، ورسخت على مدار سنوات العمل على تشويه صورته بكافة الطرق والأساليب.. قديما أنتجت الجماعة مؤلفات لتشويه صورة الرجل، وحديثا عملت ماكينات الشوسيال ميديا التابعة للتنظيم على مواصلة مسلسل التشويه، فلماذا كل هذا الكره والبغض؟ وما هي الأسباب التي دفعت الجماعة لانتهاج أسلوب تشويه الزعيم في حياته ومماته؟ وهل نجحت الجماعة الإرهابية في تشويه الزعيم جمال عبد الناصر صاحب الشعبية الجارفة داخل وخارج مصر؟.
في السطور التالية نرصد رحلة كره الإخوان لـ"الزعيم" ونجيب على كل هذه التساؤلات بمناسبة الذكري 51 لوفاته.
جمال عبد الناصر من الرعيل الأول الذى كشف متاجرة جماعة الإخوان الإرهابية بالدين، كما أنه تصدى لمحاولات الجماعة الإرهابية لسرقة مكاسب ثورة 23 يوليو، فضلا عن ذلك فهو صاحب القرار التاريخي بحل الجماعة الإرهابية، بعدما سعت إلى التخلص من الزعيم برصاصات الغدر والخسة، ففي يوم 22 أكتوبر 1954، حاول محمود عبداللطيف، أحد أفراد التنظيم السري للجماعة، اغتيال الرئيس الأسبق الراحل " جمال عبد الناصر" أثناء إلقائه خطابا جماهيريا بميدان المنشية بالإسكندرية، وخلال إلقائه الخطاب أطلق أحد عناصر الإخوان 8 طلقات نار، فيما أمسك عبد الناصر الميكروفون وهو يرد على تلك الطلقات قائلا: "أيها الناس فليبق كل في مكانه".
المتورطون في هذا العمل الإرهابي كان محمود عبد اللطيف ومعه ثلاثة ينتمون إلى جماعة الإخوان الذين دبروا محاولة اغتيال جمال عبد الناصر، حيث كشفت التحقيقات حينها انتماء المتهم إلى الجهاز السري لجماعة الإخوان، وأن محاولة الاغتيال كانت جزءا من مؤامرة كبرى لاغتيال أعضاء مجلس قيادة الثورة و160 من ضباط الجيش للاستيلاء على الحكم.
القصة بتفاصيلها تعود إلى أنه عندما كان الزعيم جمال عبد الناصر، يلقى خطابه الشهير وسط حشد هائل من الجماهير بميدان المنشية بالإسكندرية، شقت 8 رصاصات طريقها للمنصة التى يقف عليها، وذلك فى محاولة فاشلة لاغتياله، يقف وراءها التنظيم الخاص، التابع لجماعة الإخوان الإرهابية، التى يمتلأ تاريخها عبثاَ ولؤماَ ودنأة بمحاولات إسقاط الدولة، ونشر الفوضى والعنف.
ويوم 26 أكتوبر 1954 خرج الزعيم جمال عبد الناصر بخطاب تاريخى للمصريين فى ميدان المنشية بالإسكندرية بمصر، وخلال الخطاب حاولت جماعة الإخوان الإرهابية اغتيال الزعيم إلا أنها فشلت فى ذلك، وتمت محاكمة وإعدام عدد منهم، وفى 29 أكتوبر أصدر الرئيس عبد الناصر قرارا بحل جماعة الإخوان الإرهابية والذى تمر هذه الأيام الذكرى الـ 51 لرحيله.
المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية حسن الهضيبى ذكر أمام جهات التحقيق أن اسمه حسن الهضيبى وكان يعمل مستشاراَ سابقاَ ويبلغ من العمر 63 سنة، إلا أنه لم يكن على علم بعملية محاولة اغتيال جمال عبد الناصر، ولكن بتاريخ 1950 تبين أن جماعة الإخوان يمتلكون شيئًا اسمه "النظام الخاص" ثبت أنه ارتكب جرائم عام 1947 و1948 ، حيث أكد لقيادات الإخوان أن هذه الجرائم انحراف وخروج عن الغرض الأصلى الذى هو إعداد الفرد المسلم إعدادًا صالحًا للدفاع عن الإسلام، وردد قائلاَ: "بعض الإخوان أو بتوع هذا النظام لا يثقون بى لأنهم ناس بتفتكر إنهم مجاهدين أكثر شوية".
تحقيقات الجهات المختصة حينها كشفت العديد من الأسرار والخبايا عن واقعة 26 أكتوبر 1954 بمحاولة الجماعة الإرهابية اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر فى الإسكندرية، وهو ما أطلق عليه "حادث المنشية" وكانت جماعة الإخوان الإرهابية هى المتورطة، وهذا ما أثبتته الأيام واعترافات المتهمين، حيث قام بهذه المحاولة الفاشلة مجموعة انتحارية مكونة من "محمود عبد اللطيف، هنداوى سيد أحمد الدوير، محمد على النصيرى، خليفة عطوة"، والخلية تنتمى إلى الإخوان، وتم تقديم الخلية للمحاكمة العسكرية، وحكم عليهما بالإعدام، لكن تم تخفيف الحكم بعد أيام إلى 25 سنة بناء على قرار من عبد الناصر.
8 رصاصات تنهى العلاقة بين الإخوان وناصر
وبالعودة إلى علاقة عبد الناصر بجماعة الإخوان الإرهابية، أثناء الإعداد لثورة 23 يوليو، فإنها حقيقة لا ينكرها أحد ولكن الواقع والحقيقة يؤكدان أن هذه العلاقة، التى بدأت بالتعاون بعد نجاح الثورة، تحولت خلال مدة قصيرة لصدام عنيف، انتهت بتحول جمال عبد الناصر لـ "زعيم" تمكن بعدائه للإخوان وانحيازه للشعب دون الجماعة وعداء الإخوان له أن يمتلك قلوب وعقول المصريين والأمة العربية، بينما تغلغل قلوب وعقول الإخوان الكره والحقد والبغضاء، من أى نجاح حققته الثورة إلى يومنا هذا فلن تجد أشد كرهاَ وعداوة لعبد الناصر سوى الإخوان وسلالة الإقطاعيين.
دوى رصاصات محاولة اغتيال "ناصر" بالمنشية، أنهت علاقة الوفاق بين تنظيم الضباط الأحرار وعلى رأسهم الزعيم جمال عبد الناصر، وجماعة الإخوان، التى حاولت القفز على الثورة ومن ثم على السلطة كما اعتادت، فضلاَ عن فرض وصايتها فى إدارة شئون البلاد، وهو ما رفضه عبد الناصر ورفاقه بشدة ما أدى بتخطيط الجماعة لمحاولة اغتياله، وبالرغم من مرور 50 عاماَ على رحيل الرجل إلا أن صندوق الأسرار، لا يزال يمتلأ بأحداث لم يتم الكشف عنها خلال الحقبة الناصرية.
جماعة الإخوان الإرهابية، راقبت عن بعد الضباط الأحرار - وهم من هم؟ - الذين حملوا رؤوسهم وأرواحهم على أيديهم، أثناء ثورتهم على ظلم وفساد واستبداد النظام الملكى والملك، الذى رحل عن حكم مصر، بإرادة شعب قبل إرادة الضباط الأحرار الذين نفذوا رغبة هذا الشعب، الذى وقف بجوار جيش بلاده، وهو ما جعل الطمع يسيطر على قلب الإخوان، للسيطرة على ثورة الضباط والوصول للسلطة، إلا أن قطار ثورة 23 يوليو دهس أطماع الإخوان، بإنجازات حقيقية انحازت للشعب، لتحقيق العدالة الاجتماعية، ونصرة الفقراء والمستضعفين، فتم إلغاء الألقاب، وكان الإنجاز الأكبر والأعظم الذى أغضب الجماعة الإرهابية، هو إصدار قانون الإصلاح الزراعى، وتحديد الملكية بحد أقصى 200 فدان.
الثورة حينها حلت كل الأحزاب، وتركت جماعة الإخوان تحت دعوى أنها جماعة دعوية، ولكن مع تنامى أطماع الإخوان وسعيهم للسيطرة، كان لابد من إيجاد تنظيم سياسى جديد، يواجه التحركات التى يقوم بها الإخوان فى الشارع، لفرض شروطه وتوجهاته على ثورة الضباط الأحرار، واستغل الجهاز السرى، الجناح المسلح للإخوان، فرصة الاحتفال بقائد الثورة وزملائه، بمناسبة اتفاقية الجلاء، وخطط لتنفيذ عملية اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ونتيجة هذه المحاولة الفاشلة لاغتيال "ناصر" دخلت الثورة فى مواجهة مباشرة مع جماعة الإخوان الإرهابية، التى حاولت تعطيل مسيرة التنمية، التى تبنتها الثورة فى الخمسينيات، وتمكنت من تحقيق أكبر نسبة تنمية فى العالم الثالث باعتراف الأمم المتحدة، وبعد محاولة الاغتيال الفاشلة، اختفى الإخوان كعادتهم تحت الأرض، لتنظيم عملهم السرى، ولكن هذا الاختفاء لم يدم كثيرًا، فبعد الإفراج عن بعض قادة الإخوان، فى الستينيات، اكتشفت أجهزة الأمن بالصدفة، فى عام 1965 مؤامرة كبرى على النظام، كانت تهدف لنشر الفوضى والذعر، ونسف عدد من الكبارى والمصانع والقناطر الخيرية، واغتيال بعض الشخصيات الهامة فى الدولة، ليدخل النظام فى مواجهة أخرى مع الإخوان، الذين اختاروا العمل السرى، والتخطيط لإسقاط الدولة، طوال تاريخهم.