ظهر حسين توفيق على شاشة التليفزيون المصرى مساء 28 سبتمبر 1965 يرتدى قميصا وبنطلونا وكرافتة ويدخن سجائره، وفى 29 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1965، نقلت جريدة الأخبار ما ذكره طوال 25 دقيقة، عن تعاونه مع جماعة الإخوان الإرهابية فى وضع خطة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، وتفكيره فى تنفيذها بنفس طريقة اغتيال الرئيس الأمريكى كنيدى، أو بطرق أخرى كاستعمال القنابل أو المدافع الرشاشة، أو تفجير بيت يقع فى طريق سير موكب الرئيس أثناء الاحتفالات بذكرى ثورة 23 يوليو.. فمن هو حسين توفيق، وما أسرار تعاونه مع تنظيم الجماعة بزعامة سيد قطب؟
هو المتهم بقتل أمين عثمان باشا وزير المالية بحكومة الوفد يوم 6 يناير 1946، ومعه محمد إبراهيم كامل وزير خارجية مصر المستقيل، احتجاجا على اتفاقية كامب ديفيد يوم 17 سبتمبر 1978..كان شابا ممتلئ الحيوية، ينتمى إلى الطبقات العليا فى المجتمع، وأثناء محاكمته فى القضية هرب من المحكمة يوم 9 يونيو 1948، وبوصف الكاتب الصحفى لطفى عثمان فى كتابه «المحاكمة الكبرى فى قضية الاغتيالات السياسية»: «كانت قصة هروبه أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة، وقررت وزارة الداخلية منح 5 آلاف جنيه مكافأة لمن يضبطه».
أخفاه الكاتب إحسان عبدالقدوس فى منزله بـ«قصر العينى» حتى تدبير هروبه إلى سوريا، وفقا لرسام الكاريكاتير أحمد طوغان فى مذكراته «سيرة فنان صنعته الآلام»، واستوحاه «عبدالقدوس» فى رواية «فى بيتنا رجل» التى تحولت إلى فيلم بنفس الاسم.
عاش فى سوريا، ويذكر الكاتب السماح عبدالله فى مقاله «حسين توفيق.. البطل الحقيقى لفيلم فى بيتنا رجل، كيف جنده السادات؟..الأهرام، 12 يوليو 2019»: « كان تقريبا أصبح قاتلا محترفا، وكان كثير من السياسيين السوريين يستخدمونه لقتل أعدائهم، واستقطبته الأحزاب المتباينة للغرض نفسه، أصبح مشهورا جدا فى الاغتيالات، حتى إنهم أطلقوا عليه لقبا بالعامية الشامية يعنى الشيطان، حتى وصل به الأمر أن حاول اغتيال العقيد «أديب الشيشكلى» رئيس الأركان الحربية السورية، وحكم عليه بالإعدام، لكن خدمته الظروف بقيام ثورة 23 يوليو 1952، وتدخل عبدالناصر للإفراج عنه، وعاد إلى مصر حرا طليقا وسقطت الأحكام المقيدة ضده من قبل».
فى يوليو 1965 تلقت التحريات العسكرية بالإسكندرية بلاغا من سائق لورى يدعى «الشيشينى»، شارك فى عملية اغتيال أمين عثمان، وقال فى بلاغه إن حسين توفيق قابله وحثه على المشاركة فى اغتيال عبدالناصر، وطلب منه شراء قنابل يدوية وأسلحة، استعدادا لتنفيذ العملية، وفقا لما ذكره «شمس بدران» الذى تولى التحقيق فى القضية، مؤكدا: «تم القبض على حسين توفيق، ونصح السادات بإقناعه بتكرار ما حدث معه فى قضية اغتيال أمين عثمان، وهو أن يكون شاهد ملك، وبالفعل بعد إقناعه بالفكرة اعترف بسهولة على نفسه وعلى شركائه».
وكشف هو عن صلته بتنظيم «الإخوان» بزعامة سيد قطب.. قال فى لقائه التليفزيونى وفقا للأخبار، 29 سبتمبر 1965، إن التنظيم الذى كونه لاغتيال عبدالناصر ضم أخيه سعيد توفيق وابن خالته مدحت فخرى وابن خالته الآخر أحمد الحناوى وعديله عبدالقادر عامر، وأنه فكر فى الاتصال بالإخوان، وأوحى لهم بأن تنظيمه 200 عنصر، وكان له صديق عضو بالجماعة اسمه سامى عبدالقادر، مهندس بترول، وأحس من حديثه معه أن هناك تنظيما سريا للإخوان يجمع الأموال لأسر المحبوسين من الجماعة.. يضيف: «سامى لم يعتقل، وكان متذمرا رغم أنه يتقاضى 140 جنيها شهريا».. يؤكد أن جميع الإخوان الذين اتصل بهم كانوا يرددون نغمة معينة وهى أنهم قاموا بثورة يوليو».
يذكر: «الفكرة المسيطرة على الإخوان هى الاستيلاء على الحكم رغم الإفراج عنهم عام 1964 ورغم المرتبات التى حصلوا عليها»..يكشف أنه عن طريق سامى عبدالقادر عرف مصطفى راغب وهو ضابط سابق فى الجيش، خرج فى التطهير وعين مديرا للعلاقات العامة فى شركة شل بـ150 جنيها شهريا، واعترف مصطفى له بأن الجماعة لديها تنظيمات فى كل الأقاليم، وتنتظر الفرصة للاستيلاء على الحكم، فطلب منه أكبر قدر ممكن من السلاح والمسدسات ومدافع رشاش وبازوكا وقنابل يدوية، وأجاب مصطفى بأنه يستطيع توفير نوع من المدافع الرشاش الإنجليزية وصندوق قنابل.
يؤكد «توفيق»، أن «الجماعة» كانت تعد الخطة للاستيلاء على الحكم، وخطتهم أكبر من الاغتيال، ولا يهمهم أن ينسفوا أى مكان وإصابة كثيرين حتى لو كان من يصاب لا علاقة له بالأمر أو حتى من الإخوان، وسئل: «أليس غريبا أن تجد كل هؤلاء الإخوان يعملون فى شركة شل التى يوجد للإنجليز نفوذ ضخم فيها.. أليس معنى ذلك أن التنظيم السرى للإخوان يمالئ الإنجليز؟.. أجاب: «الإخوان كان لهم صلة بالإنجليز فى وقت من الأوقات، وشركة شل صعب يدخل فيها واحد مش جاى بتوصية من الإنجليز».