باتت الخلافات الداخلية بين الحزب الديمقراطى الأمريكى تشكل تهديدا حقيقيا لأجندة الرئيس الأمريكى جو بايدن، والتى يعول عليها كثيرا من أجل تعزيز فرص حزبه فى الانتخابات النصفية المقررة العام المقبل، ويأمل أن ينسى الناخبون الأمريكيون بها مأساة الانسحاب الفوضى من أفغانستان بعد 20 عاما من الحرب.
وتسببت الخلافات بين المعتدلين والتقدميين فى الكونجرس فى قرار رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى تأجيل تصويت كان مقررا على قانون البنية التحتية بقيمة تريليون دولار الخميس، فيما وصفته صحيفة الجارديان البريطانية بأنه هزيمة للديمقراطيين بعد ثورة التقدميين وتعليق دعمهم لحين إمكانية التوصل إلى اتفاق لسن الرؤية الاقتصادية الكاملة للرئيس جو بايدن.
وذكرت الصحيفة أن القرار جاء فى نهاية يوم محموم من المفاوضات فى واشنطن امتد حتى وقت متأخر من المساء، حيث حاول بايدن وقادة الديمقراطيين كسر الجمود بين حفنة من المعتدلين الذين ضغطوا من أجل التصويت على البنية التحتية، والتقدميين الذين يعتقدون أنها لن تكون كافية بدون حزمة سياسة اجتماعية أوسع بقيمة 3.5 تريليون دولار.
وأصر الديمقراطيون على أن الانتكاسة كانت مؤقتة، إلا أن التأجيل يؤكد الوضع الهش للمفاوضات حيث طالب اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الرئيس بتقليص كبير فى التشريع الأكثر اتساعا، والذى يشمل الكثير من أولويات السياسة الأساسية للحزب. ومن المقرر أن ينعقد مجلس النواب مرة أخرى الجمعة، ليمنح الديمقراطيين يوما آخر على الأقل فى محاولة للتوصل إلى اتفاق يمكن أن يرضى الجماعات المختلفة.
ويعد كلا التشريعين حاسما لرؤية بايدن الاقتصادية، فقد أمضى الرئيس أسابيع يتودد بشكل شخصى للمشرعين الجمهوريين لتأمين انتصار فى مشروع قانون البنية التحتية الذى من شأنه أن يستثمر تريليون دولار فى تحديث الطرق والجسور والشبكات. إلا أنه رهن رئاسته وإرثه بتمرير سياسة اجتماعية من شأنها أن توسع الرعاية الصحية وتوفر بشكل اكبر رعاية الأطفال وتؤسس لإجازة فيدرالية مدفوعة وتحارب تغير المناخ، يتم تمويلها من زيادة الضرائب على الأمريكيين الأثرياء والشركات.
وكتبت بيلوسى خطابا لزملائها تقول فيه إن المناقشات مستمرة مع بين مجلسى النواب والشيوخ والبيت الأبيض للتوصل إلى اتفاق إطارى لإعادة البناء أفضل من خلال مشروع قانون مصالحة. وتتركز كل الأنظار على السيناتوران جو مانشين وكيرستين سينما، اللذين قالا إن تكلفة خطة بايدن كبير للغاية، لكنهما يلتزمان الصمت بشأن الرقم الذى يمكنهما الموافقة عليه.
وتحذر وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية من أن بايدن وحزبه يواجهون انتكاسة محرجة، ما لم يكن انهيارا مدمر سياسيا لو لم يستطيعوا حل الخلاف حول رؤية بايدن الكبرى.
وأشارت الوكالة إلى أن المخاطر السياسية لا يمكن أن تكون أكبر. حيث يسعى بايدن وحزبه إلى تحقيق إنجاز تشريعى هائل، بإعادة كتابة واسعة لخطط الضرائب والإنفاق فى البلاد، بأغلبية ضئيلة للغاية فى الكونجرس.
ويعارض الجمهوريون خطط الرئيس الكبرى، ويعتبرونها انزلاقا إلى الإنفاق على النمط الاشتراكى، لذلك يتواصل بايدن مع أعضاء حزيه من أجل التوصل إلى إنجاز تشريعى مميز.
ويصر بايدن على أن تكلفة الخطة ستكون صفرا فى الواقع لأن التوسع فى البرامج الحكومية سيتم تمويله إلى حد كبير من زيادة الضرائب على الشركات والأثرياء، الشركات التى تربح أكثر من 5 مليون دولار فى السنة، والأفراد الذين يكسبون أكثر من 400 ألف دولار فى السنة أو 450 ألف للأزواج.
من ناحية أخرى، تجنبت الولايات المتحدة إغلاقا جزئيا للحكومة بعدما وافق الكونجرس على تشريع يبقى على تمويل الحكومة حتى 3 ديسمبر، وقام بايدن بالتوقيع عليه.
ورغم تفادى الإغلاق الحكومة، فإنه يؤجل أزمة أخرى فقط، إذ يتعمق الخلاف بين الأحزاب السياسية حول كيفية رفع سقف الاقتراض الحكومى قبل أن تخاطر الولايات المتحدة بتخلف كارثى محتمل عن سداد الالتزامات.