يعد المشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة” هو حلم الجمهورية الجديدة الذي أحدث نقلة نوعية بالارتقاء بالريف المصري الذي طالما عانى من انعدام المقومات الأساسية؛ حيث يستهدف تغيير حياة أكثر من 58 مليون مواطن، من إحداث طفرة شاملة للبنية التحتية والخدمات الأساسية والارتقاء بجودة حياة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإحداث تغيير إيجابي في مستوى معيشتهم، وخلق واقع جديد من التنمية الشاملة المستدامة لهذه التجمعات الريفية المحلية.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أن الواقع من التنمية المستدامة الشاملة يستند على توافر فرص عمل تتلاءم مع طبيعة الأماكن في القرى المصرية وثقافة الأشخاص القاطنين بها، ولهذا أدرجت مبادرة حياة كريمة قطاع متنوع يُسمى “المشروعات التنموية” للفئات المستهدفة لتمكينهم اقتصاديًا وتوفير فرص عمل مستدامة لهم، منها على سبيل المثال، خطوط انتاج وتصنيع الإنترلوك، ومراكز لتجميع وتصنيع الألبان، وإنشاء مشاغل لتعليم الفتيات حرف النول والخياطة، ومشاغل يدوية لتصنيع السجاد والكليم اليدوي، ومراكز لتصنيع منتجات النخيل، وورش لتعليم صناعات منتجات الأخشاب… إلخ من المشروعات التنموية المختلفة والمتعددة والتي يتم اختيارها بناء على هوية القرى وثقافة أهلها المهنية ومهاراتهم الحرفية، فالقرى التي يشتهر أهلها بالصيد مثلًا تعمل مبادرة حياة كريمة على إنشاء ورش لتعليم وتصنيع مراكب الصيد، وهكذا وفقًا لطبيعة المكان وثقافة الأشخاص؛ مما يخلق فرص عمل مستدامة وتمكين اقتصادي واجتماعي لأبناء الريف خاصة الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً والعمالة غير المنتظمة.
وتابعت الدراسة أنه بالإضافة لتعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية وخاصة للمرأة الريفية بصفة عامة، والمعيلة منها بصفة خاصة والتي تشير التقديرات بوجود 3 ملايين أسرة تنفق عليها النساء، حيث تتمثل المرأة المعيلة ضمن الفئات المستهدف تحسين دخلها وأوضاعها المعيشية في آليات اختيار القرى وترتيب الأولويات، تحقيقاً لرؤية القيادة السياسية بالتنسيق مع الوزارات المعنية باعتبار التنمية الاقتصادية هي حجر الزاوية لإحداث التغيير المطلوب في حياة المواطنين بالقرى، فدائما ما يحث الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكومة بالتحرك بشكل كبير من أجل دعم المرأة المصرية في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة، وترجم هذا الدعم الرئاسي للمرأة عن طريق “مبادرة مستورة” والتي تعد من أنجح المبادرات المصرية التي استهدفت المرأة المعيلة ضمن المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، والذى وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بإطلاقها بهدف تغيير الأوضاع المعيشية، وإحداث نقلة في تحسين جودة الحياة والعمل على التمكين الاقتصادي للأسر الأولى بالرعاية والفئات الأكثر احتياجًا وخاصة المرأة.
ولفتت الدراسة أنه تستهدف المبادرة تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للمرأة المصرية بقرض عيني مباشر غير نقدى يُسلم كمشروع، مما كان سببا في تمكين المرأة اقتصاديًا بتوفير فرص عمل لها، وتمكينها لكى تصبح عضوًا منتجًا في المجتمع حيث استطاع تمويل “مستورة” أن يشكل فارقًا كبيرًا في الحياة الشخصية والمهنية لعدد كبير من النساء البسيطات، وحولهن إلى منتجات قادرات على العمل وكسب القوت، مع تقديم خدمات التدريب علي إدارة المشروعات و التسويق و التوزيع لضمان فرص أكبر لنجاح المشروعات الممولة وأيضًا عن طريق الحماية الاجتماعية تم رفع كفاءة 16 ألف منزل استفاد منها حوالي 80 آلف مواطن حتى الآن، علمًا بأن مبادرة حياة كريمة تستهدف تطوير ورفع كفاءة حوالي 91 ألف منزل في 750 قرية خلال 3 سنوات في إطار برنامج سكن كريم لإعادة تأهيل المنازل ضمن مبادرة تطوير قرى الريف المصري.
وأوضحت الدراسة أنه ساهمت مبادرة حياة كريمة في ارتفاع عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” إلى 14.3 مليون فرد بتكلفة 19 مليار جنيه عام 2021، وتمثل السيدات 78% من إجمالي المستفيدين، منهم 18% من السيدات المعيلات بتكلفة 3.4 مليار جنيه سنويا، إضافةً لتقديم مبادرة حياة كريمة قروض بفائدة بسيطة عبر برنامج “مشروعك” وصندوق التنمية المحلية، لإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر هدفها توفير فرص عمل للشباب والمرأة والمزارعين في القرى المستهدفة.
وأكدت الدراسة أنه ساهمت المبادرة في ارتفاع قيمة القروض الميسرة إلى 1.4 مليار جنيه تستفيد منه 220 ألف سيدة في عام 2021، لإنشاء مشروعات للمرأة المعيلة والأرامل والمطلقات وفقا لقدرات كل أسرة كمشروعات صغير، ولم تتوانى في زيادة إنشاء مراكز إعداد الأسر المنتجة وورش التدريب لتعليم الفتيات كيفية بدء مشروع دون التعرض لمخاطر، كما بادرت المبادرة لتقديم الدعم اللازم للفئات الأكثر احتياجًا في مواجهة جائحة كورونا، والحد من الآثار السلبية لانتشار الفيروس على حياة ومعيشة الآلاف من عمال اليومية والعمالة غير المنتظمة والأرامل والمطلقات وغير القادرين.
ومن أجل تخفيف العبء عن المرأة الريفية أيضًا عملت وزارة التضامن جاهدة على تخصيص وحدة اكتشاف مبكر للإعاقة في قرى حياة كريمة، حيث تم الكشف المبكر على الأطفال أقل من 5 سنوات، لإجراء الفحوصات الشاملة لهذه القرى واكتشاف جميع الأطفال في هذا السن، وتنفيذ تدخلات مبكرة في جوانب متعلقة بالتخاطب والجهاز العصبي والحركي للأطفال. كما سيجرى إنشاء وحدات للاكتشاف المبكر للإعاقة في كل القرى المستهدفة بمبادرة حياة كريمة، ويذكر أن هذه الخطوة ستساهم في حصر جميع الأشخاص ذوى الإعاقة في كل القرى المستهدفة، وستكون نواة لقاعدة بيانات لحياة الأشخاص ذوى الإعاقة، حيث أن خدمات ذوي الإعاقة تكاد تكون منعدمة وخدمات التأهيل للأشخاص ذوى الإعاقة تتم في الغالب مع كبار السن ومع الأطفال بنسب أقل، وتتركز في الغالب بالمدن وخاصة في عواصم المحافظات.
واختتمت الدراسة أن المشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة” يواصل عطاءه المستمر لدعم الفئات الأولى بالرعاية من بحث آليات التوسع في زيادة خلق مشروعات تنموية ودعم المرأة بقرى الريف المصري، مما يحقق طفرة نوعية وتغيير جذري في تحقيق التنمية الشاملة والعدالة المجتمعية بين فئات المجتمع المصرى.