تنطلق الانتخابات البرلمانية العراقية، يوم الأحد المقبل، لاختيار ممثلين عن أبناء الشعب العراقى في المجلس الجديد وتشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس لإرساء قواعد الديمقراطية في البلاد، يأتي ذلك بعد تفعيل قرار رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح لقانون انتخابي جديد في نوفمبر 2020 بعد تصديق البرلمان عليه في ديسمبر 2019، وهو القانون الذي يقسم العراق إلى 83 دائرة انتخابية على عدد مقاعد "كوتة" النساء في مجلس النواب والذي يلزم الدستور بضرورة حصولهن على 25% من مقاعد البرلمان التي تبلغ 329 مقعدا.
وبخلاف انطلاق المارثون الانتخابي بشكل كامل الأحد، تفتح لجان التصويت أبوابها الجمعة لاستقبال الناخبين ممن يندرجوا تحت قائمة "التصويت الخاص"، وهم ثلاث فئات حيث سيصوت مليوناً و75 ألفاً و727 منتسبا من القوات الأمنية والعسكرية المختلفة وكذلك النازحين وبلغ عددهم 120 ألفاً و126 نازحاً، أما نزلاء السجون فسيشارك 676 نزيلاً للإدلاء بأصواتهم.
أما القوات الامنية والعسكرية فخُصص لها 595 مركزاً انتخابياً تضم 2584 محطة انتخابية في عموم العراق لضمان انسيابية التصويت وعدم التزاحم، فيما خُصص للنازحين 86 مركزاً تضم 309 محطات موزعة على 27 مخيماً للنازحين، أما نزلاء السجون فلديهم 6 محطات انتخابية موزعة بواقع 2 في السليمانية، ومحطة واحدة في اربيل، واخرى في دهوك، ومثلها في المثنى وواسط".
ويرى مراقبون أن الانتخابات العراقية هذه المرة ستكون مختلفة عن سابقاتها حيث يمكن القانون الجديد شخصيات مستقلة من الترشح بل والفوز على شخصيات سياسية مؤثرة في الشارع العراقي، وهذا يعني أننا سنشهد صعودا لشخصيات سياسية جديدة في الشارع العراقي لم تكن على الساحة منذ عام 2003.
وأكد المراقبون أنه من أبرز المشكلات التي تواجه الدولة العراقية عدم وجود حصر دقيق لعدد السكان منذ عام 1997 وبحسب المعلومات غير المؤكدة أن عدد سكان العراق يبلغ حوالي 40 مليون مواطن، وهو ما يصعب رسم دوائر انتخابية جديدة مبنية على الحجم السكاني، فضلا عن عدم وجود تقسيم إدراي يضع حدودا فاصلة للأقضية والنواحي ويحدد عائدية تلك الأقضية والنواحي إدرايا للمحافظات.
ويتنافس في الانتخابات العراقية المقبلة كتلة شيعية أبرزها كتلة دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، وكتلة سائرون بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر، وكتلة الفتح بقيادة هادي العامري، وقوى الدولة الوطنية بقيادة حيدر العبادي وعمار الحكيم، وتشير التقديرات إلى أن فرصة المالكي والصدر هي الأقوي في هذه الانتخابات بعد اعتماد العراق 83 دائرة، وهو ما سيمكن التحالفين الأقوى – دولة القانون والصدريين – من حصد أصوات في الأرياف والقرى الفقيرة التي يتمتعون بقاعدة جماهيرية فيها.
وفيما يتعلق بالمكون السنى، بتركز التنافس في قائمين فقط أولهما يمثلها رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي وهي قائمة "تقدم" وتضم شخصيات من الأنبار والموصل وصلاح الدين ويمتلك مرشحين أقوياء في بغداد، والقائمة الآخرى يتزعمها رجل الأعمال خميس الخنجر وهي قائمة "عزم" وهو ينحدر من مدينة الأنبار وتضم قائمته شخصيات سنية من الموصل وصلاح الدين وشخصيات آخرى مؤثرة.
فيما يتعلق بالقوى الكردية فهي تركز على منصب رئيس الجمهورية وبعض الحقائب الوزارية وحصتها في إقليم كردستان ولعل أبرز حزبين في المشهد هما حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وسيكون لرئيس وزراء حكومة إقليم كردستان نيجرفان بارزاني للفوز بمنصب رئيس الجمهورية ويأتي من خلفه هوشيار زيباري.
وتأتي من بعيد حوالى تسعة تحالفات انبثقت من قوى ثورة تشرين عام 2019 إلا أن هذه التحالفات ضعيفة ولم تحظى بدعم من الشارع بسبب انقسامها لثلاثة أقسام الأول انخرط في حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمى، وجزء آخر يقاطع الانتخابات تماما، والآخرين شكلوا أحزاب سياسية لكنها ستبقى ضعيفة لأنها وليدة وليست لها قواعد شعبية أو جماهيرية في الشارع.
العرف المتبع في العراق هو أن يكون منصب رئيس الجمهورية للمكون الكردي، ورئيس الوزراء للمكون الشيعي، ورئيس البرلمان للمكون السني، وهو ما يتطلب ضرورة إبرام تحالفات بين القوى الثلاث لتشكيل الكتلة الأكبر التي ستتولى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
تبقى الانتخابات العراقية المقبلة خطوة هامة للغاية في إطار الاستقرار السياسي وسعي الدولة العراقية نحو بناء دولة المؤسسات والشروع في إعادة الاعمار، فضلا عن وضع التشريعات والقوانين اللازمة لمكافحة الفساد خاصة بعد دعوة رئيس الجمهورية برهم صالح لتشكيل تحالف دولي لمكافحة الفساد، والانطلاق بعد ذلك نحو أفاق أرحب في تعزيز التعاون مع مصر والأردن في إطار آلية التعاون الثلاثي، والتركيز على الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي داخل العراق خلال الفترة المقبلة والتي تتطلب توحيد جميع العراقيين لبناء دولة مؤسساتية وقوية.