علقت الإيكونومست على الوضع الحالى فى أثيوبيا مع تنصيب رئيس الوزراء أبى أحمد لتولى منصبه لمدة خمس سنوات بعد انتخابات شككت العديد من الجهات الدولية فى مدى نزاهتها. وترقب الصحيفة البريطانية مدى التبدل الذى طرأ على علاقات البلد الذى كان يوما حليفا أساسيا للعديد من الجهات وأولها الغرب فى منطقة القرن الأفريقى وشرق أفريقيا.
وتطرق المقال إلى مراسم الحفل الملفت الذى نظمته الحكومة الأثيوبية احتفالا بفوز حزب الازدهار تحت رئاسة أحمد بنتيجة تخطت الـ90%، فى تعارض واضح مع واقع الأمور حاليا فى الساحة الأثيوبية التى تعج بالصراعات الإثنية، وأولها الحرب الأهلية الدائرة بين أبناء قومية التيجراى التى كانت تحكم قبيل تولى أحمد السلطة فى عام 2018، وأجبرت على ترك السلطة جراء تظاهرات شعبية، وبين الحكومة الفيدرالية التابعة لأبى أحمد.
وتقارن الإيكونومست بين الأوضاع عند قدوم أبى أحمد إلى السلطة قبل 3 أعوام وبين الأوضاع الحالية فى الدولة الأثيوبية، فعند توليه السلطة، استطاع أحمد أن يفرض السلام مع اريتريا المجاورة، ليحصل على جائزة نوبل للسلام عام 2019، كما أن تدخله فى الشأن السودانى آنذاك مهد الطريق لعقد اتفاقية جوبا بين المدنيين والقوة العسكرية فى السودان.
حاليا، تتخبط أثيوبيا بين اقتصاد متهالك جراء الصراعات العرقية المتفاقمة، وحرب أهلية فى الشمال تبدو بلا نهاية، وعلاقات متوترة مع كل الأطراف الدولية، ويبدو ذلك جليا فى تهديد الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا حكومة أثيوبيا بفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين فى الحرب ضد تيجراى إذا لم تُمهد الأمور لعقد مفاوضات توصد باب الحرب الأهلية الدائرة، وهناك أيضا المناوشات والاشتباكات الحدودية مع السودان المجاور.
وأشار مقال الإيكونومست إلى رد فعل الحكومة الأثيوبية الممثل فى طرد سبعة مسؤولين بالأمم المتحدة بعد تحذير مسؤول الشؤون الإنسانية بالمنظمة الدبلوماسى مارتن جريفيث من كارثة إنسانية فى إقليم تيجراى، وتصاعد نبرة العداء للأجانب والأطراف الدولية فى المؤسسات الإعلامية الحكومية، التى تتهمهم بالـ"تدخل" فى شؤون أثيوبيا.
ويعود المقال إلى أثيوبيا السابقة وعمق علاقاتها مع الغرب إلى درجة دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى مؤازرة البلد الأفريقى عندما اجتاح الصومال فى عام 2006 تحت مبرر سيطرة حكومة إسلامية متطرفة على مقاليد الأمور فى مقديشيو، وكيف كانت أثيوبيا البلد الحريص على تزويد الأمم المتحدة بجنود لبعثات المنظمة، ووضعها منظمة الإيقاد الدولية كأولوية، وحفاظها على توازن علاقاتها مع كل من الصين وأمريكا.
ويرى المقال أن ثلاث عوامل تساهم فى زيادة العزلة الأثيوبية الأنية، أولها تصرفات أحمد "المزاجية" عند تعامله مع كل ما يتعلق بالشؤون أو السياسة الخارجية لبلده، فهو- وفقا للمقال- همش من دور وزارة الخارجية الأثيوبية وقلص من أطقم السفارات بالخارج، واعتاد على شراء أسلحة من جهات تضعها أمريكا على قائمة عقوباتها، وأخيرا لم ينفذ الكثير من الوعود الدولية التى قدمها لمسؤولين دوليين مثل إخراج أريتريا من الصراع الدائر حاليا فى أثيوبيا.
وينتقل المقال إلى عامل آخر يصب فى نفس الاتجاه، وهو ازدواجية المعايير الغربية، فعندما كان التيجراى يحكمون أثيوبيا من العام 1991 حتى 2018، اعتادت أمريكا ومعها الغرب على تجاهل أى انتهاكات حقوقية من قبل الحكومة الأثيوبية نظرا لأن الأخيرة كانت تساند الغرب فى حربه المزعومة ضد الإرهاب. والعامل الأخير هو اعتقاد رئيس الوزراء أحمد الراسخ فى رغبة الولايات المتحدة فى إسقاطه من السلطة، خاصة بعد تأييد إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب لكل من مصر والسودان فى مفاوضات سد النهضة.
ويعتقد المقال أنه ليس ثمة نهاية مرتقبة لهذه العزلة المتنامية، فعلى الرغم من اعتراض كل من الصين وروسيا على فرض إجراءات عقابية ضد أثيوبيا من قبل مجلس الأمن فى أكثر من موقف، إلا أن المقال يرى أن كل من البلدين لم يقدم بعد مساعدات "حقيقية" للحكومة الأثيوبية خاصة ف ظل تراجع المساعدات الغربية المعتادة.