"البغلة والتابوت" حكاية سواقى الفيوم عمرها 2300 سنة.. ابتدعها الرومان واليونان خلال برنامج استصلاح زراعى بالإقليم.. ولا تحتاج للحيوانات لتحريكها.. ومسؤل السياحة: لدينا 200 ساقية بالمحافظة

"البغلة والتابوت" الاسم الذى يطلقه مزارعو محافظة الفيوم على مبنى الساقية وجسمها الخشبى، والتى تعتبر المعلم الرئيسى وشعار المحافظة، حيث اشتهرت الفيوم بالسواقى التى تختلف عن أى ساقية موجودة فى ريف مصر، حيث صصمت لتعمل بالدفع الذاتى للمياه، لتنقل المياه من الأراضى المنخفضة إلى الأراضى المرتفعة خلال عملية الرى، على عكس السواقى الموجودة بباقى محافظات مصر، والتى تعمل باستخدام الحيوانات من الأبقار وغيرها. السواقى بالفيوم ليست كما عرف عنها، فهى ليست الـ 4 المتواجدة بوسط مدينة الفيوم أو الـ7 بمنشاة عبد الله بأطراف المدينة، حيث تنتشر السواقى بمختلف مراكز وقرى المحافظة، ومن بينها "ساقية الفلافيل" على بحر تنهلة، وتدخل لها من بداية الطريق الدائرى بمحافظة الفيوم سيرا على الأقدام وسط الزراعات الخضراء وتشم رائحة تعرف بها أن هذه الأرض تروى بالساقية، حيث لا تجد أصوات ماكينات المياه المزعجة ولا رائحة السولار النفاثة، فتشم كل زرع كما هو حتى تصل إلى الساقية وبجوارها قارب صغير وأسفل منها رجل خمسينى وسط المياه العميقة ينظف الحشائش العالقة فيها بابتسامة حب لما يفعل. وقال محمود كامل الباحث السياحى بهيئة تنشيط السياحة بمحافظة الفيوم، إن السواقى تعتبر أيقونة محافظة الفيوم وموجودة على الشعار الخاص بالمحافظة وهى من أدوات الرى التراثية، ولا يوجد مثلها فى مصر، وهى خاصة بالفيوم وبدايتها فى المحافظة كانت منذ 2300‪سنة، من العصر اليونانى الرومانى، حيث كان لدى اليونان والرمان برنامج استصلاح زراعى كبير فى إقليم الفيوم وكان من أهم الأشياء التى قاموا بتقديمها خلال تنفيذ هذا البرنامج فكرة الساقية، وهى تعتمد على رفع المياه من الأماكن المنخفضة إلى الأراضى العالية السواقي من أهم أدوات الري لدي المزارع بمحافظة الفيوم. ولفت محمود كامل إلى الطبيعة الجغرافية لإقليم الفيوم، إذ أن الأرض ليست على مسطح واحد وهى منخفضات ومرتفعات والساقية فكرتها انها تتعامل مع هذا الاختلاف فى سطح الأرض فترفع المياه من المنخفضات إلى المرتفعات. وعن عدد السواقى بالمحافظة، لفت محمود كامل إلى أن الفيوم بها ما يقرب من 200‪ ساقية منتشرة فى أنحاء المحافظة، والفلاحين يطلقون على الجسم الخشبى للساقية اسم التابوت، والمبنى المحيط بالساقية يسمى البغلة، وهو المبنى الذى يستند عليه جسم الساقية وتصنع كل 7 سنوات طبقا لما تستغرفه فترة صيانتها، وتغيير الساقية لدى المزارع يتم من خلال احتفال كبير مثلما يحدث فى قرية البسيونى بمحافظة الفيوم وبها أكبر ساقية بالمحافظة، ويشارك فى تغييرها جميع أهالى القرية. وأشار محمود كامل إلى أن من بين السواقى "ساقية الفلافيل" على بحر تنهلة وهى بقطر6 أمتار وأكبر ساقية فى الفيوم يصل قطرها إلى 8 أمتار. وأكد الباحث السياحى أن هناك نجارين فى بيت شهير بمحافظة الفيوم، هما متخصصين فى صناعة السواقى. وعن الفارق بين سواقى الفيوم والسواقى بباقى المحافظات، قال إن سواقى الفيوم تدفع ذاتيا بالمياه أما السواقى الأخرى بباقى المحافظات فتدفع باستخدام الحيوانات. ويقول خالد فتحى محمد 50 سنة صاحب إحدى سواقى محافطة الفيوم الشهيرة بأرض فلافيل الواقعة على بحر تنهلة إن السواقى الموجودة فى أرضه عمرها 70 سنة، وتعد السواقى من أهم أدوات الرى لدى المزارع بمحافظة الفيوم، خاصة فى الأراضى العالية التى ليس لها فتحة رى، والطريقة الوحيدة لريها تكون بماكينات الرى التى تعمل بالسولار، فيستغنى الفلاح عن الماكينات بالساقية التى تعمل بقوة دفع المياه وتجنب الأرض أضرار السولار والماكينات. ولفت خالد إلى أن الساقية تتكلف حوالى 35 ألف جنيه، ومكونه من الخشب، وتعمل بقوة دفع المياه وتحتاج إلى صيانة دورية كل عام وتعمل لـ 5 سنوات بعدها يتم تغييرها وتروى مئات الأفدنة. وأشار خالد إلى أن الساقى كانت أساس الرى فى الفيوم، ولكن الآن تحول الكثير من المزارعين إلى ماكينات الرى، ويقوم بتنظيفها كل 4 ساعات، نظرا لأن الأهالى من أصحاب المنازل الواقعة على بحر تنهلة يلقون بالقمامة فى البحر فيعطل عمل الساقية، فيقوم كل 4 ساعات باستقلال قارب خشبى صغير صنعه خصيصا للاهتمام بالساقية، ويقوم بالسباحة فى المياه أسفل الساقية وينظفها من القمامة والحشائش التى تجمعت داخل الساقية. وأكد خالد أنه تعلم العوم منذ صغره مثل كل الفلاحين بالفيوم، فوجود الأبحر العميقة بجوار أراضيهم تجبرهم على التعامل معها، وتعلم العوم منذ الصغر، وأنه مصر على التمسك بالساقية ورفض كل المحاولات من أولاده بالتحول إلى ماكينة الرى التى تعمل بالسولار.