أصبح أنور السادات رئيسا مؤقتا لمصر بعد انتهاء جنازة جمال عبدالناصر يوم 1 أكتوبر 1970 ، لأنه لم يكن هناك نائب للرئيس غيره منذ أن عينه عبدالناصر فى ديسمبر 1969 ، وفي يوم 15 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1970 كان الاستفتاء على أن يكون رئيسا للجمهورية، وفقا لشعراوي جمعة "وزير الداخلية في عهد عبدالناصر" في مذكراته التي كتبها وحققها الكاتب الصحفي محمد حماد بعنوان "شهادة للتاريخ".
يذكر"جمعة" أن السادات ترك القاهرة يوم الاستفتاء إلي قريته "ميت أبوالكوم" بمحافظة المنوفية، ويؤكد :"تحدثت معه تليفونيا، وأبلغته
قرار إعلان نتيجة الاستفتاء، وكانت المادة الأولى فيه :"تعلن موافقة الناخبين على انتخاب محمد أنور السادات رئيسا للجمهورية العربية المتحدة "مصر" بأغلبية 6 ملايين و 432 ألفا و 587 صوتا، مقابل 711 ألفا و 252 صوتا، وكانت جملة الأشخاص المقيدين في جداول الانتخاب 8 ملايين و 420 ألفا و 768 صوتا، وعدد من حضر منهم فى الاستفتاء 7 ملايين و 157 ألفا و 653 صوتا، والأصوات الصحيحة 7 ملايين و 143 ألفا و 839 صوتا، والباطلة 13 ألفا و 814 صوتا، وكانت النسبة المئوية للحاضرين إلى عدد المدعوين % 85 ، والنسبة المئوية للموافقين إلى عدد الآراء الصحيحة ."90.4%
لماذا أنور السادات؟.. سؤال يطرحه "جمعة" الذى عارض السادات بعد شهور قليلة، وقضى سنوات فى السجن مع زملائه من كبار المسؤولين فى قضية " 15 مايو 1971 "، ويجيب موضحا: "كان أنور السادات نائبا لرئيس الجمهورية وقت حدوث وفاة جمال عبدالناصر، وكانت المادة 110 من الدستور المؤقت تنص على أنه فى حالة عجز أو وفاة أو استقالة الرئيس يتولى النائب الأول لرئاسة الجمهورية مؤقتا، ولذلك كان من المحتم أن يتولى أنور السادات رئاسة الجمهورية بالنيابة، ويصبح الرئيس المؤقت للجمهورية".
يضيف "جمعة": "الفترة التى أعقبت الوفاة، وحتى إتمام إجراءات الجنازة، كانت البلد تعيش فى حالة "بلبلة" شديدة جدا، وكانت تلك البلبلة واحدة من ضمن الأسباب التي دفعت بنا نحو الإسراع بإجراءات الاستفتاء على أنور السادات مرشحا لرئاسة الجمهورية".. يحدد عوامل البلبلة في.. "نشرت جريدة "الأهرام" صباح السبت 30 سبتمبر سنة 1970 ، وهو اليوم السابق على تشييع الجنازة، فى إحدى صفحاتها الرئيسية وداخل برواز نعى ورثاء من زكريا محيى الدين وحده، وليس ضمن مجموعة أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكان ذلك مثيرا للتساؤلات والأقاويل والتخمينات التي لا ظل لها من الحقيقة".. يسجل "جمعة" تقديره واحترامه الكبير لزكريا محيى الدين، لكنه
يذكر أن النعى المنشور طرح سؤالا:" هل من المحتمل أن يترشح زكريا رئيسا للجمهورية؟.. يضيف: "ما زاد الطين بلة ووسع من نطاق البلبلة، أن التليفزيون فعل نفس الشىء، وركز على زكريا محيي الدين تركيزا كبيرا أثناء إقامة صلاة الجنازة على جثمان عبدالناصر، وكذلك أثناء عملية الدفن".
يكشف"جمعة" العوامل الأخرى في إثارة البلبلة، وكانت، رصد بعض الاتصالات التي تمت بين وزراء سابقين ورؤساء دول مشاركين فى تشييع الجنازة بغرض حملهم علي التدخل لتأييد زكريا محيى الدين.. يضيف: "لمح لنا ولأنور السادات نفسه الكثير من رؤساء والقادة العرب أنه من الضرورى حسم الموقف بالسرعة الواجبة فى مثل هذه الظروف، ثم كانت هناك نقطة غاية فى الأهمية وهى الجيش الذي يستعد لخوض معركة التحرير، وقال لنا الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية: "نحن مقبلون على معركة، ولا بد أن يكون للقوات المسلحة القائد الأعلى الحقيقى الذي تحترم أوامره، وأن هذا لا يمكن أن يحدث فى ظل أوضاع مؤقتة أو وسط ظلال من الخلافات وعدم الحسم".
كان هناك تطور مهم جدا، يؤكد جمعة أنه كان له أثر كبير وهو وفقا لقوله: "فوجئنا بمذكرة موقعة من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكان من بين الموقعين عليها، زكريا محيي الدين، وعبداللطيف البغدادى، وكمال الدين حسين، وحسن إبراهيم، والمذكرة مقدمة منهم إلى أنور السادات الرئيس المؤقت، وكانت تتضمن طلبات وأشياء غريبة وهي.. أولا، تشكيل جمعية وطنية عن طريق الانتخاب في مدة لا تزيد عن ستة أشهر، وتكون مهمتها إقرار نظام الحكم فى مصر، ولها أن تقرر ما تراه من تنظيمات ومؤسسات تكون لازمة لتحقيق الديمقراطية فى مصر".
يعلق "جمعة" بأن التسليم بما جاء في هذه المذكرة كان يعنى شيئا واحدا هو إلغاء دولة جمال عبدالناصر، وإلغاء المؤسسات الحزبية والتشريعية القائمة، ما يعني أن نترك البلد تدخل إلى المجهول.. يذكر، أنه بعد الاستقرار على ترشيح السادات، تحددت المواعيد بأن تجتمع اللجنة التنفيذية العليا السبت 3 أكتوبر 1970 ، ويجتمع فى اليوم التالى مجلس الوزراء، وفى اليوم التالى تجتمع اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، علي أن يجتمع مجلس الأمة يوم 7 أكتوبر لتسمية المرشح للرئاسة، ويوم 15 أكتوبر الاستفتاء عليه.