أصدر جدول المحكمة الإدارية العليا مجلس الدولة، شهادة تثبت عدم الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى، بمبدأ يلزم رؤساء الجامعات بتوفير الرعاية الصحية للطلاب وتقديم العلاج مجانا على نفقة الجامعة دون سقف مالى نظير ما يسددونه من اشتراكات بالجامعة، وإن حقهم مستمد من القانون مباشرة وليس منحة.
منطوق الحكم:-
وقضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار رئيس جامعة دمنهور السلبى بالامتناع عن علاج الطالبة (أ.ع.ح) بإحدى كليات الجامعة من مرض أصابها بتصلب فى الوجه وتيبس فى القدمين وتحتاج إلى العلاج بحقن البوتوكس أفيال بالجرعة المقررة لها حسب التقرير الطبى حتى تمام شفائها وجلسات العلاج الطبيعى وتحمل الجامعة بنفقات العلاج طوال مدة قيدها بالجامعة، وألزمت الجامعة المصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير اعلان، وقد أصبح هذا الحكم نهائيًا وباتًا.
وقائع القضية:-
تعود وقائع القضية بأن تقدمت إحدى الطالبات وسط جموع الحاضرين بالمحكمة وهى تتكأ على ذراع والدتها المسنة حينما نادى الحاجب على اسمها ونظرا لحاتها الصحية المتدهورة أمر المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى على الفور بإحضار كرسى لها واخر لوالدتها لتجلس عليه أثناء نظر القضية، فبكت الطالبة وقالت " سيدى القاضى أنا اُصبت بمرض تصلب فى الوجه وتيبس فى القدمين واحتاج إلى العلاج بعقار البوتوكس أفيال وغالى عليا.
الطالبة تروى لرئيس المحكمة تفاصيل الواقعة:-
أضافت الطالبة، الجامعة قالتلى مفيش عندنا مستشفى طلبة بدمنهور عشان مفيش كلية طب بشرى وممكن تتعالجى فى التامين الصحى " وقدمت للقاضى تقرير طبى صادر من مستشفى الحضرة الجامعى قسم شئون المرضى التابعة لمستشفيات جامعة الإسكندرية، وقالت للقاضى " التقرير بيقول إنه تشنج نصف الوجه لا إرادى نتيجة اضطراب الجهاز العصبي. " فقال لها القاضى أنا قرأت حالتك جيدًا وححجز القضية للحكم خلال ساعة، فقالت الطالبة ليا كلمة اخيرة ممكن، فأعطاها القاضى الكلمة فقالت " أنا مش بقدر أرفع الحاجب عشان أذاكر، ومش بقدر أغلق جفنى عشان أنام، " وحينما أحس القاضى الإنسان بمرض الطالبة المؤثر وعدم تحكمها فى حركة الشفتين، وتباطؤ النطق لبعض الكلمات قال لها بصوت العدالة المنجزة الشجى الرخيم " الحكم خلال ساعة واحدة فقط "، وبعد ساعة نطق القاضى بالحكم لصالحها وذيل تنفيذ الحكم بالمسودة ودون إعلان، وكانت دموع الطالبة هى الناطقة بشكر القاضى فى حضن والدتها وسط بكاء الحاضرين.
حيثيات الحكم ترد على الجامعة بقرار رئيس الجمهورية:-
قالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن قرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 فى شأن تنظيم الجامعات فى الفصل الخامس: "الخدمات الطلابية نص على أن ينشأ فى كل جامعة جهاز خاص بالشئون الطبية يتولى الرعاية الصحية وتوفير العلاج لطلاب الجامعة، وتعتبر مستشفيات طلاب الجامعة وحدة من وحدات هذا الجهاز، كما نص القرار الجمهورى المذكور على أن ينشأ بكل جامعة صناديق خاصة للأغراض الآتية :- صندوق الخدمات الطبية :وتتكون موارده من : ـ ( أ ) رسوم الخدمات الطبية المنصوص عليها فى هذة اللائحة. ( ب ) سائر الموارد التى ترد لاغراض هذا الصندوق 0 ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 311 لسنة 1994ونص على أن يؤدى الطلاب الرسوم الآتية سنويًا، وتخصص حصيلة كل رسم للخدمات التى يؤدى عنها : رسم الخدمات الطبية خمسة جنيهات، وتؤدى هذه الرسوم دفعة واحدة قبل بدء الدراسة بالنسبة لطالب درجة الليسانس أو البكالوريوس".
حيثيات الحكم تنصف الطالبة على الجامعة:-
وأضافت المحكمة أن المشرع الزم الجامعات بأن تنشئ كل منها جهاز خاص بالشئون الطبية تكون مهمته تقديم الرعاية الصحية لطلاب الجامعات وتوفير العلاج بالنسبة لهم، وذلك نظير ما يؤديه الطلاب من رسوم سنوية ومنها رسم الخدمات الطبية، وفى سبيل ذلك الزم المشرع الجامعات بأن تنشئ كذلك بكل جامعة صناديق خاصة من بينها صندوق الخدمات الطبية وتكون موارده من رسوم الخدمات الطبية المنصوص عليها قانونا وسائر الموارد الأخرى التى ترد لأغراض هذا الصندوق، وبهذه المثابة لا يجوز للجامعات أن تتنصل من التزامتها بتقديم العلاج والرعاية الطبية لطلابها، فهو حق لهم مستمد من القانون مباشرة وليس منحة منها، أن شاءت منحتها وإن رغبت منعتها.
المحكمة: الرعاية الصحية من شأنها تعميق رابطة الانتماء بين الطالب ومجتمعه.
وأوضحت المحكمة، أن التزام الجامعات بتقديم العلاج المجانى للطلاب عن طريق مستشفى طلبة الجامعة فإن لم تكن قائمة بالفعل أو كان العلاج غير متوفر لديها تحملت نفقاته على حسابها، وإذا لم يوجد لدى الجامعة مستشفى طلبة تحملت نفقات العلاج على حسابها بأقرب مستشفى طلبة لجامعة أخرى، وأن هذه الرعاية الصحية من شأنها تعميق رابطة الانتماء بين الطالب ومجتمعه مما يعود بالاستقرار على الوطن، ولا ريب أن تلبية طلب الطالب المريض بالعلاج أمر يفرضه القانون ويبرره الواقع، والقول بغير ذلك فيه تعريض لحياة المرضى من الطلاب للخطر وهو ما يجب على الجامعات النأى عنه، بحسبان أن الرعاية الصحية الكاملة بما فى ذلك صرف الدواء لطلاب الجامعات تمثل ركنا جوهريا فى تعويدهم على التمتع بالحقوق بشكل ديمقراطى فى المجتمع الجامعى.
حق العلاج للطالب الجامعي:
وذكرت المحكمة أنه لا يغير مما سطرته من حق، قول الجامعة أنه لا يوجد كلية طب بها ولا يوجد لديها مسشفى خاصة بالطلاب فذلك مردود بأن حق الطالبة غير مرتبط بوجود كلية طب بالجامعة أو مستشفى للطلاب وإنما هو حق تسمده الطالبة من القانون مباشرة الذى لم يعلق حقها فى العلاج على شرط أو قيد وأن الجامعة ملزمة بعلاجها على نفقتها فى أقرب مستشفى طلاب جامعة أخرى على نفقتها انقاذا لحياتها.
المحكمة للجامعة: مرحلة الجامعة تقع على الجامعات ذاتها وفقا لقانونها دون التأمين الصحى الذى كلفه القانون.
كما ردت المحكمة على قول الجامعة أن التأمين الصحى هو الملزم بعلاجها وذكرت أن التأمين الصحى يعالج المواطنين منذ ميلادهم حتى دخولهم مرحلة التعليم الأساسى - الابتدائية والإعدادية – ومرحلة الثانوية، أما مرحلة الجامعة فهى تقع على الجامعات ذاتها وفقا لقانونها دون التأمين الصحى الذى كلفه القانون بالمراحل الأخرى، وأشارت المحكمة أن التأخير فى علاج الطالبة يعرض حياتها للخطر على الوجه الوارد بالتقرير الطبى المشار إليه، وهو ما يستنهض همة المحكمة فى اسباغ الحماية العاجلة للعلاج اللازم الواجب على الجامعة تحمل نفقاته، حتى استقرار حالة المدعية وتمام شفائها وتنفيذ الحكم بموجب مسودته و بغير إعلان.