يتطلب التصدى لتغير المناخ تحولات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية كبيرة، كثير منها باهظ التكلفة وسيستلزم القيام باستثمارات كبيرة، وذلك بحسب ما أعلنه ديفيد مالباس رئيسمجموعة البنك الدولىعلى الموقع الرسمى للبنك مؤخرا.
أشار مالباس أنه لتحقيق أهدافنا المناخية، سيكون من الضرورى دمج المناخ فى عملية التنمية، وتحديد المشروعات على المستوى القُطرى التى تعالج تحديات التكيف مع تغير المناخ وتخفيف آثاره، وتوجيه المصادر وهياكل التمويل المناسبة صوب هذه المشروعات على نحوٍ يساعد على تعظيم الأثر.
أوضح أن هذا هدف مُعقَّد من ناحية التمويل والمشروعات، وسيتطلب بلوغه البناء على الدراسات التشخيصية للتخفيف والتكيف التى تظهر مسار الانبعاثات الضارة، ومواطن الضعف الرئيسية، وأفضل التدخلات المناخية. وهذه هى ركائز خطة عمل مجموعة البنك الدولى الجديدة بشأن تغير المناخ التى أطلقناها فى أبريل 2021.
وقد التزمنا بزيادة المستوى المستهدف لتمويلنا للأنشطة المناخية إلى 35% من إجمالى ارتباطاتنا على مدى السنوات الخمس القادمة، ومواءمة تدفقاتنا التمويلية مع أهداف اتفاق باريس، وتحقيق النتائج التى تكفل دمج اعتبارات المناخ فى عملية التنمية.
ويلتزم المجتمع الدولى بتخفيف انبعاثات غازات الدفيئة واتخاذ مزيد من الخطوات للتكيف مع آثار تغير المناخ.
ونحن نلاحظ ذلك مع البلدان التى أعلنت أهدافا للحد من انبعاثات غازات الدفيئة من خلال مساهماتها الوطنية لمكافحة تغير المناخ، ومع المُموِّلين والمستثمرين الذين أعلنوا مواءمة تدفقاتهم المالية مع أهداف اتفاق باريس، والبلدان والشركات الملتزمة بالسعى لبلوغ صافى الانبعاثات إلى الصفر، وبيانات مثل بيان الصين فى الآونة الأخيرة عن عزمها الكف عن بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالفحم فى الخارج.
وأضاف ديفيد مالباس انه فى الوقت نفسه، فإننا نلاحظ تزايد أنشطة دعم الوقود الأحفورى، والتهاون فى فرض ضريبة الكربون، ونادراً ما تُتخَذ قرارات جريئة لإيقاف تشغيل الأسطول الحالى من محطات الكهرباء التى تعمل بالفحم وإيقاف بناء محطات جديدة.
ويجرى بناء الكثير من مرافق البنية التحتية وفقاً لمعايير عفا عليها الزمن أو بدون معايير على الإطلاق، ولا تزال التنمية الحضرية العشوائية مستمرة فى مناطق معرضة للخطر مثل السهول الفيضية ومخرات السيول والمناطق الساحلية.
علاوةً على ذلك، مازال 760 مليون شخص -يعيش كثير منهم فى أفقر بلدان العالم ومسؤولون عن أقل من عشر الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة- محرومين من الطاقة. وهذه البلدان فى حاجة إلى النمو والتنمية بخطى أسرع وعلى نحو منخفض الانبعاثات الكربونية وبطريقة تكفل الصمود فى وجه الصدمات. وهى أيضا فى حاجة إلى القيام باستثمارات كبيرة فى أنشطة التكيف وإدارة المخاطر لأنها فى الغالب أكثر البلدان تأثرا بالظواهر المناخية العاتية والكوارث الطبيعية.
"لتحقيق أهدافنا المناخية، سيكون من الضرورى دمج المناخ فى عملية التنمية، وتحديد المشروعات على المستوى القُطرى التى تعالج تحديات التكيف مع تغير المناخ وتخفيف آثاره، وتوجيه المصادر وهياكل التمويل المناسبة صوب هذه المشروعات على نحوٍ يساعد على تعظيم الأثر. "
وتُبيِّن هذه السلسلة من مذكرات السياسات عن الدورة السادسة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ(COP26)الأولويات الرئيسية لخطتنا بشأن تغير المناخ. وقد أضفنا إلى مجموعتنا من الدراسات التشخيصية الرئيسية التقارير القُطرية عن المناخ والتنمية التى نقوم بالفعل بتعميمها فى 25 بلدا. وستقدم هذه التقارير بيانات ونتائج دراسات تشخيصية مهمة لتحديد وترتيب أولوية الإجراءات التى تساعد على تحقيق خفض كبير لانبعاثات غازات الدفيئة وبناء قدرات التكيف والصمود.
وقال رئيس مجموعة البنك الدولى أن العمل المناخى يتطلب التزاما قويا من جانب البلدان، ولذلك تُعطى خطتنا بشأن تغير المناخ أولوية لمساندة البلدان فى تفعيل مساهماتها الوطنية لمكافحة تغير المناخ وإستراتيجياتها طويلة الأجل، وذلك بغية مساعدة البلدان على إنشاء روابط أفضل بين التزاماتها المناخية وأهدافها الإنمائية.
وتعطى خطتنا بشأن تغير المناخ أولوية للتكيف لأن تغير المناخ والكوارث الطبيعية تؤثِّر على أفقر فئات السكان وأشدها حرمانا أكثر من غيرهم. وتظهر تحليلاتنا أن تغير المناخ قد يؤدى إلى سقوط ما يربو على 130 مليون شخص فى هوة الفقر بحلول عام 2030 وإلى هجرة أكثر من 200 مليون شخص بحلول عام 2050. ولذلك، من الضرورى الاستثمار فى أنشطة التكيف مع تغير المناخ لمساعدة البلدان والشركات على أن تصبح أقدر على الصمود ومجابهة الصدمات.
وفيما يتعلق بالتحولات فى أنظمتنا، فإننا نُركِّز على أكثر الأنظمة إطلاقا للانبعاثات-الطاقة والصناعات التحويلية والنقل والزراعة واستخدام الأراضى والمدن. ونظرا لأن قطاع الطاقة مسؤول عن ثلاثة أرباع الانبعاثات العالمية، فإن خطتنا بشأن تغير المناخ تُشدِّد على التحوُّل فى مجال الطاقة حيث نساند البلدان والجهات المتعاملة معنا من القطاع الخاص على التحوُّل بعيدا عن أنظمة الطاقة مرتفعة الانبعاثات الكربونية من خلال تحوُّل منصف.
ويتطلب العمل المناخى الانخراط فى طائفة واسعة من الأنشطة منها دعم السياسات، وتهيئة بيئة داعمة للاستثمار، وإعداد وتصميم المشروعات، والأهم من ذلك كله، تمويل المشروعات. وهو يتطلب منحا مقابلة، وحيثما أمكن التمويل الهجين، مختلف أشكال رأس المال - التجارى والميسر والمنح- لتمويل المكون المناسب فى كل مشروع.
ومع حرص العالم على تعزيز تمويل العمل المناخى، من الضرورى إعداد مشروعات عالية الأثر، ودراسة معايير التبادل بين مقدمى ومستخدمى رأس المال المناخي. وستكون الشراكات وجهود التنسيق، بما فى ذلك من خلال البرامج القطرية، وإيجاد سبل مبتكرة لتجميع الموارد من المؤسسات والشركات الخاصة التى تتطلع إلى الوفاء بالتزاماتها بالوصول إلى صافى الانبعاثات إلى الصفر- ذات أهمية بالغة لتعزيز التمويل المتاح من أجل تحقيق نتائج فعالة.
"وأشار " تظهر تحليلاتنا أن تغير المناخ قد يؤدى إلى سقوط ما يربو على 130 مليون شخص فى هوة الفقر بحلول عام 2030 وإلى هجرة أكثر من 200 مليون شخص بحلول عام 2050."
ولا شك أن مجموعة البنك الدولى آلية قوية لمساندة البلدان النامية فى السعى لتحقيق أولوياتها المناخية والإنمائية. ونحن أكبر مقدم للتمويل المناخى للبلدان النامية، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، قدمنا فى المتوسط أكثر من 21 مليار دولار للتمويل المناخي. وسنذهب أبعد من ذلك، فقد ارتبطنا بتقديم 25 مليار دولار سنويا فى المتوسط، دون احتساب الموارد التى تمت تعبئتها من الغير، خلال فترة الخطة الجديدة من السنة المالية 2021 إلى السنة المالية 2025 وذلك من خلال مشروعات وبرامج فعالة تكفل خفض انبعاثات الدفيئة، وتشجع على التكيف والحد من الفقر وعدم المساواة وتحسين النواتج الإنمائية. أن معالجة تغير المناخ هدف عاجل ويحرص نهجنا على تحويل الطموحات إلى أفعال.