العديد من المبادرات تطرحها الحكومة والجهاز المصرفى لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولكن لا تلقى هذه المبادرات نجاحات تذكر بسبب المعوقات التى تواجه عمل هذه النوعية من المشروعات فى مصر.
الخبراء أكدوا أن معوقات المشروعات الصغيرة لا تقتصر على التمويل فقط، وهو الاتجاه الذى تركز عليه الحكومة والجهات المعنية بصفة مستمرة، ولكنها تمتد لعدم وجود رؤية واضحة للمستهدف من هذه المشروعات وعدم وجود مظلة واضحة تعمل تحتها كافة الجهات التى تعمل بمجال المشروعات الصغيرة وتكون لها صلاحيات محددة.
الخبراء بدورهم طالبوا من قبل بضرورة إنشاء جهة أيا كان مسماها تكون مسئولة بصورة كاملة عن المشروعات الصغيرة فى مصر، وهو المقترح الذى لاقى قبولا وتحركا لدى مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء الذى شكل لجنة عليا من خبراء وفنيين ووزراء صدر بها قرار جمهورى لدراسة فكرة إنشاء كيان مستقل قائم بذاته يكون مسئولا عن إدارة عمل المشروعات الصغيرة فى مصر.
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وعضو اللجنة الرئاسية المشكلة لدراسة المشروعات الصغيرة، إنه من المزمع إنشاء جهاز لتنظيم المشاريع الصغيرة والمتوسطة فى مصر، حتى يمكن الاستفادة من مبادرة التمويل الأخيرة بقيمة 200 مليار جنيه.
وأكدت عبد اللطيف، فى تصريحات لـ"انفراد"، أنه من المنتظر صدور قانون بإنشاء الجهاز الجديد والذى سيكون دوره تنظيم عمل المؤسسات الوسيطة التى تعمل بهذا المجال مثل الصندوق الاجتماعى والجهات الأخرى، ويضع رؤية ومستهدفات واضحة وخطة عمل محددة، وسيتبع رئاسة الوزراء مباشرة، ولن يعمل تحت مظلة أى وزارة.
ويمثل هذا الكيان حال إنشائه بداية جيدة لتحديد أهداف ورؤية واضحة للمشروعات الصغيرة فى مصر، حسبما أكد الخبراء، حيث قال علاء السقطى، رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة باتحاد المستثمرين، إن عمل كيان لإدارة المشروعات الصغيرة بكل مراحلها خطوة جيدة بشرط منحها صلاحيات كاملة بداية من منح التمويل والتراخيص والأراضى، وتكون لها رؤية واضحة تعمل على تنفيذها.
وأكد السقطى أنه يجب أن تكون من بين أولويات هذا الكيان تجنب المشاكل القديمة التى وقعت فيها المشروعات الصغيرة إذا استمر تعامل الجهات المانحة للتمويل بنفس الطريقة الحالية، فرغم تخفيض نسبة الفائدة إلى 5% لتشجيع البنوك على منح التمويل فى المبادرة الأخيرة، إلا أن بعض البنوك تتعسف فى شروطها.
ولا تقتصر المشكلة على التمويل فقط بل تتعدى لعدم وجود أماكن لإقامة المشروعات، حيث أشار السقطى إلى أنه لا توجد أراض صناعية متاحة ولا حتى تجمعات صناعية صغيرة والتى يطلق عليها "كلاكتر" وهى عبارة عن مجموعة من الورش أو المشروعات الصغيرة تقام فى محيط واحد فى مساحة بحدود 500 متر ولا خط إطفاء واحد ووسيلة انتقال واحدة، وهى ثقافة متعارف عليها فى دول كثيرة ناجحة فى هذا المجال لكن غير موجودة بمصر.
وقالت الدكتورة عالية المهدى، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة سابقا، إن سبب فشل المبادرات المختلفة لتشجيع المشروعات الصغيرة، يرجع لعدم وجود دراية واضحة بمفهوم عمل القطاع واحتياجاته من قبل القائمين عليه.
وأكدت المهدى أن مشكلة المشروعات الصغيرة لا تقتصر على التمويل، وهو الخطأ الشائع، وإلا كان الصندوق الاجتماعى نجح فى هذا المجال، وهذه الرؤية أحد أهم أسباب فشل كافة المبادرات ويجب الالتفات إليها مستقبلا.