منذ تم الإعلان عن إنشاء العاصمة الإدارية لم تتوقف الأسئلة عن مصادر تمويل العاصمة وهل تأتى من الموازنة العامة، ثم إن بقاء الحكومة والوزارات فى قلب القاهرة دائما ما كان يثير أزمة فى المرور وفى الزحام، مع توقعات بشلل تام، واليوم بينما يجرى البدء فى الانتقال بالحكومة والوزارات إلى العاصمة الإدارية، تتجدد الأسئلة عن شكل القاهرة بعد الانتقال ومدى انعكاس هذا على الإدارة، وأيضا على باقى مناطق الجمهورية.
اليوم هناك بالطبع تساؤلات عن سكن موظفى العاصمة الذين سينتقلون مع الوزارات إلى العاصمة الإدارية، وتمت الإجابة عليه فى افتتاح إسكان موظفى العاصمة فى مدينة بدر، وغالبا فإن انتقال الوزارات والمجالس التشريعية سوف يرفع الطلب على المدن السكنية الموجودة فى هذه المناطق، وبعضها كان شبه خال، ثم إن الانتهاء من مشروعات القطارات والمترو والمنوريل وربطها بشبكات الطرق سوف تكون عوامل تشجع على الانتقال إلى المدن والمناطق القريبة من العاصمة الإدارية كما تسهل الانتقال لها ومنها.
وتتنوع المناطق السكنية بين إسكان اجتماعى ومتوسط واستثمارى، وربما تكون هناك حاجة لتشجيع الإسكان المتوسط مع تفعيل مبادرات التمويل طويلة الأجل حتى يمكن تشجيع انتقال الشركات وموظفيها، حيث إن الطلب أكثر على الوحدات المتوسطة، وليس على الإسكان الفاخر الذى تتضاعف إعلاناته بشكل مبالغ فيه، وسبق وتم الإعلان عن ضوابط لمراقبة إعلانات تسويق الإسكان من الشركات التى تعلن عن وحدات قبل أن تبدأ فى أى مشروعات رهانا على جمع أموال وقد تم التأكيد على أنه لا يسمح بإعلانات من شركة قبل أن تكون انتهت من 30% من المشروعات.
وهناك أسئلة يتم طرحها حول العاصمة الإدارية بعضها ينطلق من رغبة فى المعرفة، والبعض الآخر يأتى من خلط وتداخل بين الأفكار، فالعمل فى العاصمة لم يوقف إنشاء وتطوير شبكات الطرق والنقل، بشكل جعل الحركة أسهل وأسرع، وعائد هذا يأتى من مضاعفة فرص الاستثمار الصناعى والسياحى، بما ينعكس على توسع الأنشطة والتى تولد فرص عمل، وهو أمر يظهر فى القطاعات السياسية وغيرها من الأنشطة، وفى ذلك إجابة عن جدوى هذه الطرق والكبارى والقطارات والمترو، وهناك البعض ممن يتساءلون عن نصيب الفقراء من العاصمة الإدارية وهؤلاء يتجاهلون عشرات المليارات التى تم إنفاقها لنقل مئات الآلاف من سكان العشوائيات إلى مجتمعات حضارية، أو مبادرات القضاء على فيروس سى، أو تكافل وكرامة، وهى مبادرات تسهم فى توزيع الدخل وتجيب عن أسئلة حول نصيب المواطن فى التنمية، أما التحديث فى الطرق والمدن والنقل فهو ينعكس فى صورة مشروعات وفرص عمل.
أما السؤال عن أين باقى محافظات وأقاليم مصر من التنمية، حيث يسكن أغلبية المصريين، وأن يشعر سكان الأقاليم، وفى القلب منه الريف، بثمار الإصلاح الاقتصادى؟، وهنا يمكن البحث عن الإجابة فى إعادة تعمير سيناء وربطها بالوادى والدلتا، من خلال الأنفاق الخمسة والكبارى والقطار، ثم استصلاح الأراضى ومحطات تنقية وتحلية المياه، التى توفر سبل التنمية المستمرة، وتضيف مجتمعات تتوازى وتتواصل مع التنمية فى القطاع الغربى فى مجتمعات زراعية وصناعية، بما يضيف مساحة إلى الوادى والدلتا، لتكون مجالا لتنمية وحركة بناء وتعمير تستوعب مجتمعات مقيمة، محطات تحلية المياه، وسدود لتخزين مياه السيول، ومؤخرا محطة لتنقية مياه الصرف لأغراض الزراعة والصناعة.
أما مدينة العلمين الجديدة فمن المنتظر أن تستوعب نحو 2 مليون نسمة، فى مجتمعات زراعية وصناعية متكاملة وليست منتجعات للصيف كما هو الحال فى الساحل الشمالى، وهو أمر يقوم على تخطيط وآراء خبراء التخطيط والعمران بأن تكون تنمية سيناء والقطاع الشمالى الغربى أكبر من مجرد تنمية سياحية، لكن مجتمعات متكاملة، ومدن قادرة على البقاء، تتضمن مجتمعات زراعية وصناعية وتجارية، لا ترتبط بمواسم الشتاء والصيف.
أما مبادرة «حياة كريمة»، فهى إعادة صياغة للخدمات والبنية الأساسية من طرق وكهرباء واتصالات وتعليم وصحة، وهى تشمل أكثر من نصف سكان مصر تقريبا، وتجعل الريف شريكا فى التنمية، وتم رصد 700 مليار جنيه على 3 مراحل، فى 20 محافظة، بإجمالى 1367 قرية وتوابعها، وفى هذا إجابة عن سؤال مطروح عن نصيب الريف من التنمية.
وهذه كلها إجابات عن أسئلة حول العاصمة وما حولها، ونصيب المواطن فى عوائد التنمية، لمن يريد حوارا حول المستقبل.