واصل الشغب الجماهيرى التخيم على فعاليات بطولة أمم أوروبا يورو 2016، وواصل اطلالته القبيحة على الأراضى الفرنسية، حيث استمرت الجماهير الإنجليزية والروسية أفعالها السلبية التى ليس لها علاقة بكرة القدم، وأصبحت مدينة ليل الفرنسية التى تستضيف بعضاً من مباريات المجموعة الثانية، مركزا للشغب خلال البطولة وذلك بعد قيام الجماهير الإنجليزية بأعمال شغب جديدة فى شوارع المدينة مساء الأربعاء مما اضطرت شرطة مكافحة الشغب من التدخل للسيطرة على الوضع.
قالت صحيفة "ميرور" الإنجليزية أن الشرطة الفرنسية قامت بإلقاء القنابل المسيلة للدموع واستخدمت خراطيم المياه لتفريق الجماهير التى تسببت فى حالة من الفوضى فى شوارع المدينة.
وفى ظل التهديدات المتكررة من الجماهير للبطولة، نلقى الضوء على تلك النوعية من الجماهير التى يطلق عليها الهوليجانز، والتى يعد من أبرز شعاراتها بأنه "لا سياسة فى الملاعب"، ويتخذون ذلك سبيلاً للتغلغل فى الاتحادات والجمعيات الرياضية، لكن العديد من الأحداث أظهرت وجود روابط بينهم وبين اليمين المتطرف أو مع مؤسسات أخرى كما اتضح من أعمال العنف فى مارسيليا.
واعتبرت مجلة "شبيجل" الألمانية، أن مشاغبى الملاعب (الهوليجانز) الروس يرتبطون بصلات قوية مع السياسيين فى وطنهم، كما أفادت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن اتحاد كرة القدم الروسى، أرسل أحد الناشطين اليمينيين، ضمن الوفد الرسمى لكأس الأمم الأوروبية بفرنسا "يورو 2016"، وهو ألكساندر شبريجين، المعروف فى الأوساط اليمينية.
فى تسعينات القرن الماضى، كان شبريجين أحد قيادات الجماعات النازية، وأسس اتحادا للمشجعين عام 2007، وتحوم حوله الشبهات، كما يقوم بمهمة المتحدث باسم هذا الاتحاد، وهو عضو باللجنة المختصة بقضايا الأمن وشكاوى الجماهير فى اتحاد الكرة الروسى.
يعمل شبريجين مساعدا لـ"إيجور ليبيديف"، عضو اتحاد كرة القدم الروسى، الذى أثار جدلا كبيرا بتصريحاته، إثر صدامات دموية فى مارسيليا بين الهوليجانز الروس، والمشجعين الإنجليز والتى أسفرت عن إصابة رجل بجروح بليغة إضافة إلى إصابة 35 آخرين، جميعهم بريطانيون، وفق تصريحات النائب العام الفرنسى.
إيجور ليبيديف، كتب بعد تلك الأحداث على موقع تويتر: "لا أجد شيئا سيئا لدى مشجعين مقاتلين، بل على العكس. برافو يا أولاد واصلوا بهذا الشكل".
ودافع ليبيديف عن سلوك مواطنيه وقال "إنهم دافعوا عن شرف بلدهم ولم يسمحوا للجمهور الإنجليزى بإهانة بلدنا".
روابط بين الهوليجانز واليمين المتطرف
تشير معلومات موقع "شبيجل" إلى أن مرتكبى أعمال الشغب، فى مارسيليا، هم بصفة خاصة من مشجعى أندية زينيت سان بطرسبرج، ولوكوموتيف موسكو، وسبارتاك وتوربيدو موسكو وأورويل، وهم أكثر جماعات الهوليجانز عنفا فى كرة القدم الروسية.
وتوقعت السلطات الفرنسية، أن يكون هناك فى مارسيليا، نحو 150 من الهوليجانز الروس "وهم على استعداد بشكل متقن"، لدرجة أنهم أفلتوا من قبضة الشرطة، حسب ما اعترف النائب العام برايس روبين.
يقول جيرد فاجنر، من مركز التنسيق بمشروعات الجماهير، "إن النازية لم تتوقف أبدًا (عن مشاهد كرة القدم)، إلا أنها تظهر بقوة فى البطولات الدولية".
وعلى عكس ذلك، يرى جونتر بيلتس الباحث فى شؤون الجمهور، أن هناك توجهًا نحو اليمين، حسب ما نقلت صحيفة "برلينر تسايتونج" الألمانية.
ويؤيد الخبير فى شؤون التطرف هايو فونكه، وجهة نظر بيلتس، ويقول "هناك مزيج مرعب بين النازيين الجدد والمتطرفين اليمينيين ومرتكبى العنف من اليمين الراديكالى. هذا المزيج يزداد قوة منذ إطلاق العنان للأحقاد والضغائن عبر منظمة بيجيدا".
ويضيف فونكه، حسب ما نقلت برلينر تسايتونج، أنه فى بعض المناطق الألمانية توجد صلات بين الهوليجانز والحزب القومى الألمانى والجماعات اليمينية، مثلما اتضح بشدة فى الصدام بين السلفيين والهوليجانز فى كولونيا فى أكتوبر2015، كما كان هناك حضور للهوليجانز أيضا فى مظاهرات حزب البديل من أجل ألمانيا فى برلين.
شعارات جوفاء
ليست أعمال عنف الهوليجانز موضوعًا جديدًا، إذ يحدث مرارًا أن تتحول ملاعب كرة القدم إلى مسارح لمشاهد عنصرية من طرف اليمين المتطرف، وعلى ما يبدو هناك تداخل بين مشاهد كرة القدم وأوساط اليمين المتطرف، ويبدو أن محيط المباريات يأخذ بإعجاب اليمين المتطرف للقيام بأعمال عنف.
وقد يلتبس الأمر على الكثيرين فيخلطون بين الهوليجانز وجماعات الألتراس، لكن رغم ما قد يبدو من شبه قائم فى الشكل بين الاثنين، إلا أن هناك فوارق أساسية بينهم قد تصل أيضا إلى التناحر.
وتعتبر مجلة "شبيجل" أن العديد من جماعات الألتراس يربطون كيانهم كمشجعين بموضوعات سياسية، ويدعمون حملات ضد العنصرية ويتظاهرون ضد تحول الرياضة إلى تجارة، وهذه مسألة لا تعجب الهوليجانز وتهز عالمهم، المصبوغ بالعنف والهيمنة.
ويأخذ الهوليجانز على الألتراس، أن هؤلاء يدخلون السياسة إلى الملاعب، وتعتبر مجلة "شبيجل" أن شعار" لاسياسة فى الملاعب"، قديم استخدمه اليمين المتطرف، منذ سنوات لكى يعبر من خلاله إلى الاتحادات والحركات الرياضية فى إطار العمل التطوعى، ومن خلال الحديث عن الفصل بين الرياضة والسياسة يريد اليمين المتطرف أن يستقطب الشباب والأحداث.