"أنا تعبان .. تعالى .. أفكر" ، تلك أخر كلمات أحد المحتجزين لزوجته قبل إغلاق هاتفة وانقطاع الاتصال به وزملائه .. "مش عارفين مخطوفين ولا محتجزين " كلمات تتردد ليس فقط على ألسنة اسر المحتجزين فى ليبيا بل جميع أهالى قرية ساقية داقوف التابعة لمركز سما لوط بالمنيا.
على جانبى الطريق عند مدخل القرية تحول سوق الخضار إلى مكان للنقاش حول واقعة تغيب أو احتجاز 21 من أبناء القرية ، بينما استمرت دموع الأطفال على فقدان ذويهم وعيونهم مليئة بالآسى ، خوفا من تكرار مشهد استشهاد 21 قبطيا من أبناء قرية العور التابعة لمركز سمالوط فى ليبيا على يد تنظيم داعش الإرهابى.
ترى المشهد الأكثر آلما عندما تشاهد الأم تحتضن أبنائها الصغار وتمنع دموعها خوفا من إثارة الحزن فى قلوبهم أما الآباء الذين أنهكهم والحزن وأصابهم المشيب وابيضت عيناهم من كثرة البكاء على ذويهم فيرفعون أيديهم إلى السماء طالبين من الله أن يحمى أبنائهم ويعيدهم إليهم ، تلك الأحزان جعلتهم يقولون فى صوت واحد "أصبحنا نخاف من الفرح والأعياد " عندما يأتى العيد ندرك أن هناك كارثة ستحدث .
وبالتنقل داخل أرجاء القرية الصغيرة التى يقطنها نحو 10 آلاف نسمة تربطهم صلات النسب والقرابة بدليل أن 17 من العمال المحتجزين ينتمون إلى أسرة واحده
التقينا "هناء إبراهيم" زوجة " عمر نصار " - 38 سنه احد المحتجزين - فقالت والدموع تملأ عيناها فقالت : "كلمته من 15 يوم وقال لى أنا تعبان ، قلت له ارجع ، فقال لى هفكر" ، وبعدها انقطع الاتصال بيننا ومن وقتها لا أعرف عنه شىء .
وأضافت : "عندى 5 أبناء 3 بنات وولدين ، وهو طلع علشان أكل العيش ، الحياة صعبه علينا جدا ، تحملنا الغربة علشان نعيش ، وسمعت من أصدقائه فى ليبيا انه أتخطف هو واللى معاه وآخرين يقولون لا هو محتجز من السلطات الليبية وأصبحنا مش عارفين الصح فين وأطالب الرئيس السيسى بالتدخل وأقول له ولادك يا ريس لا تتركهم وحدهم "
وقال الطفل محمد احد أبناء عمر نصار :"انا متأكد أن الرئيس مش هيسيبهم وهيرجعهم لينا " وهذا ما أكده شقيقه عمار وأضاف :تلقيت اتصالا من أبناء عمومتى فى ليبيا، أن حرس المنشات النفطية بليبيا تحفظ على العمال، بعد ضبطهم فى منطقة "زلة " وبحوزتهم مبالغ كبيرة، من متحصلات عملهم فى الخردة، وذلك للتحرى عنهم، وحتى الآن لم يتم الإفراج عنهم.
وأشار عمار إلى أن قائد حرس المنشات النفطية الذى تحفظ على شقيقه والعمال الآخرين يدعى هلال موسى نزواوى حسب ما قال اقاربه هناك.
أما شقيقته "عمر نصار"وتدعى"محجوبة" فقالت:" لا نعلم شىء عن مكان تواجد أخى ولا نعلم أن كان محتجز لدى السلطات الليبية أم مختطف من قبل الميليشيات الإرهابية فبعد أن انقطع الاتصال به و أبناء عمومتى لم نعلم عنه شىء".
وبدوره أوضح عبد الحكيم طه والد أمير : تلقىت اتصالًا من أحد أبناء القرية، فى ليبيا، قال لى ابنك أتخطف هو و20 على يد عناصر مجهولة وبين المختطفين 17 شابًا من أسرة واحدة، جميعهم مقيمون بمنطقة "زلة" التابعة لمنطقة الكفرة فى ليبيا، .. وفقدنا الاتصال بهم منذ 31 ديسمبر الماضى وفى آخر مكالمة بيننا قال لى ابنى :أبويا خد بالك من اخواتى أنا كويس متخفش عليا" .
وأضاف " جمال سعد طه " والد المحتجزين " هشام ، وهيثم " :الاتصال بينى وبينهما انقطع منذ نحو 10 أيام ، وفى أخر اتصال قال لى هشام ادعيلنا يا أبويا ، الظروف تعبانه جدا هنا والفلوس قليله "
وأضاف جمال والد الشابين المحتجزين، أن ظروف الحياة الصعبة هى اللى دفعت أولادنا ل مغادرة البلد عشان أكل العيش ، ومفيش حاجة اسمها سفر شرعى وغير شرعى ، يسافر ويشتغل ولا العيال تموت من الجوع ؟ مضيفا : هيثم ترك مدرسته وقرر السفر مع شقيقه .
وفى السياق تلقت أسر المحتجزين اليوم اتصالا من حمادة ماهر سليمان أحد المحتجزين فى ليبيا، قال فيه بإنه تم احتجازهم من قبل قوات الجيش النظامى ولم يصبهم أى مكروه، وإن قوات الجيش تحقق معهم لحيازتهم مبالغ مالية.
كان 21 من ابناء قرية ساقية داقوف التابعة لمركز سمالوط تعرضوا للاحتجاز فى ليبيا وهم " حسن حامد سليمان ، وهيثم جمال سعد طه، ، وهشام جمال سعد طه، ، وجمال عبد الباسط عبد العظيم، و محمود عبدالجواد زغبى ، وأحمد عبدالجواد زغبى ، ومحمد مجدى ماهر، ، وربيع أحمد على ، وعمر نصار حسان محمد، ومحمد وحيد باهى طه ، ومحمد سالم سليمان ، وسلمان سالم سليمان ، وسعداوى عبدالحفيظ عبد الستار ، أمير عبد الحكيم باهي، جاسر عصام الدين طه".