وصلت سيدة الغناء العربى أم كلثوم إلى فرنسا لإحياء حفلتين على مسرح «أولمبيا» أشهر وأكبر مسارح فرنسا يومى 13، و15 نوفمبر من عام 1967، وسط مخاوف من مدير المسرح وصاحبه، «برونو كوكاتريكس»، لعدم الإقبال على شراء تذاكر الحفلتين طوال شهرين.. «راجع ، ذات يوم، 11 نوفمبر، 2021».
تبدل الحال تماما بعد أن سجل التليفزيون الفرنسى مع أم كلثوم حوارا معها وهى فى المطار وأذاعه فى نشرة الأخبار المسائية، حسبما يذكر الكاتب الصحفى شريف الشوباشى، مدير مكتب جريدة الأهرام فى فرنسا لسنوات بدأت عام 1985، فى حوار له مع مجلة الكواكب، 23 فبراير 2015 «، مؤكدا: «فى اليوم التالى فوجئ «كوكاتريكس» بتزاحم كبير يقدر بالمئات أمام شباك التذاكر، بالإضافة إلى طائرات قادمة من ألمانيا وإنجلترا، كما توافدت طائرات على متنها أمراء الخليج، وخلال يومين نفدت كل التذاكر».
بلغ الإقبال حدا أذهل «كوكاتريكس» إلى حد حدوث واقعة يذكرها «الشوباشى» نقلا عن حوار لـ«كوكاتريكس» سرد فيه ذكرياته عن هذا الحدث الكبير، قائلا: «جاء أحد الأثرياء العرب، وطلب حجز مقعد فى الصف الأول، وعرض على عاملة الشباك مبلغ 5 آلاف فرنك فرنسى (سعر التذكرة وصل إلى 300 فرنك)، لكن العاملة أخبرت الثرى بأن الصف الأول محجوز كله، وبعد إلحاحه لم يجد وسيلة سوى رفع السلاح فى وجه العاملة، وتدارك مدير المسرح الموقف بالانفراد بالرجل وإخباره أنه سيوفر له المكان المطلوب».
بعد حوار التليفزيون، كانت وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية على موعد آخر مع سيدة الغناء العربى، حيث عقدت مؤتمرا صحفيا عالميا يوم 11 نوفمبر 1967 فى أحد صالونات فندق «جورج الخامس» التى كانت تقيم فيه، واستمر المؤتمر ساعتين كاملتين، وحضره العشرات من مندوبى الصحف العالمية فى باريس ورجال الإذاعة والتليفزيون، ونشرت «الأهرام» وقائعه على صفحتها الأخيرة يوم 13 نوفمبر 1967.
وصفت «الأهرام» حالة أم كلثوم فى المؤتمر، قائلة: «امتدت ميكروفونات أجهزة التسجيل الإذاعية تسجل كل همسة تخرج من بين شفتى أم كلثوم التى كانت تستخدم اللغة العربية أحيانا والفرنسية أحيانا أخرى، بناء على رغبة مندوبى الإذاعة»، ووصفت زيها قائلة: «حضرت أم كلثوم المؤتمر الصحفى وهى ترتدى «بالطو» رماديا من نفس قماش الفستان الذى ترتديه تحته، بينما وضعت على صدرها هلالا من الألماس تتدلى منه لؤلؤة حرة».
تذكر «الأهرام» أن أم كلثوم أجابت على عشرات الأسئلة، وشملت حديثها عن أكبر أجر تقاضته فى حياتها، وعن الأغانى التى ستغنيها فى الحفلتين وهواياتها، وإقامتها فى باريس ومشروعاتها المستقبلية.. تضيف «الأهرام» : «كان أهم خبر أعلنته فى المؤتمر أنها ستغنى فى لندن بعد 6 أشهر (لم يحدث ذلك) كما أعلنت أنها ستغنى فى المغرب»، ونشرت «الأهرام» مقتطفات من إجابتها على أسئلة الصحفيين، قالت عن رأيها فى باريس: «باريس موش عاوزة رأى حد فيها.. باريس دى مدينة الحرية والنور والفن، أنا أعتبرها أعظم عاصمة فى العالم».. أضافت: «زرت باريس كثيرا قبل كده لكن دى أول مرة أغنى فيها.. أول مرة أغنى فى أوروبا.. طبعا ده أمل كبير اتحقق فى حياتى، مافيش شك إن منتهى أمل كل فنان إنه ييجى باريس ويغنى فيها».
سئلت عما إذا كانت تلعب دورا سياسيا، فأجابت: «أنا مجرد فنانة.. إذا كان الشعب الفرنسى يعتبرنى شخصية سياسية، فلازم يعرف إن ده غلط ..أنا فنانة وبس»، وعن رأيها فى جمال عبدالناصر، أجابت: «رأيى فيه إنه إنسان.. أعظم ما فى جمال عبدالناصر إنه إنسان».
وعن توقيت الاتفاق على رحلتها، أجابت: «إحنا متفقين على الرحلة من سنة قبل الحرب»، وعن شعورها عن قدوم الجمهور العربى لها من كل أنحاء أوروبا.. قالت: «دى حاجة تسعدنى، أنا أعرف أن هناك طائرات محجوزة من أنحاء أوروبا إلى باريس لحضور الحفلتين».
سئلت عن جوانب فى حياتها الشخصية، فأجابت، إنها متزوجة من دكتور طبيب «حسن الحفناوى»، وقالت: «عندى أولاد كتير جدا، فكل أغنية غنتها هى إما بنتى أو ابنى»، وعن إصابتها بالمرض، قالت: «مرة واحدة وربنا نجانى، لكن المرض ما كانش خطير».
وسئلت عن المطربات الفرنسيات وبخاصة «ماريا كلاس» و «أديث بياف» ووجه المقارنة بينها وبينهما، أجابت: «طبعا أعرف ماريا كلاس، لكن حكاية المقارنة بينى وبينها دى أشكركم عليها، ولو أنى ما أحبش أكون موضع مقارنة»، ..أضافت: «أعرف أديث بياف، كمان، قريت عنها كتير».