ليبيا من صندوق الذخيرة إلى صناديق الانتخابات.. «إعلان القاهرة» وضع أساسا لحل الأزمة السياسية والعسكرية فى البلاد.. المبادرة المصرية دفعت لوقف إطلاق النار بشكل كامل وتشجيع الفرقاء على تشكيل سلطة جديدة

يتابع أبناء الشعب الليبى، عن كثب، التحركات الأخيرة فى المشهد السياسى، والدور الكبير للمفوضية العليا للانتخابات برئاسة الدكتور عماد السايح، فى تسليم بطاقات الناخبين واستقبال طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وذلك فى رغبة من الليبيين لنسيان فترات الصراع والانتقال من مرحلة صناديق الذخيرة إلى صناديق الانتخابات. لعبت القاهرة دورا بارزا ومحوريا فى وضع أسس حل الأزمة الليبية من خلال إعلان القاهرة الذى دفع كل الأطراف للقبول بوقف إطلاق النار والشروع فى عملية سياسية شاملة، مكنت من عقد اجتماعات للأطراف الليبية فى جنيف، أفضت لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة ممثلة فى مجلس رئاسى من رئيس ونائبين ورئيس حكومة. البداية كانت من رسم الخطوط الحمراء «سرت - الجفرة»، والتى كانت بداية لطريق السلام بين الفرقاء الليبيين، خاصة أبناء المؤسسة العسكرية الذين اجتمعوا فى جنيف وحققوا إنجازا كبيرا بالتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل كامل فى البلاد 20 أكتوبر الماضى، والتشديد على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب. ومهدت المبادرة المصرية، التى طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى، للحل السلمى للأزمة الليبية المتمثلة فى «إعلان القاهرة»، والتى تم إعلانها فى يونيو 2020 بحضور رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح، وقائد الجيش الوطنى المشير خليفة حفتر، ما دفع الليبيين للاتجاه إلى طريق السلام والعودة إلى طاولة الحوار لإجراء حوار سياسى مثمر، كما شكلت طريق اللا عودة للمرتزقة والميليشيات المسلحة التى أدخلتها أطراف إقليمية لتأجيج الوضع فى ليبيا، فكان لـ«إعلان القاهرة» وتحذير الرئيس السيسى، بأن «خط سرت الجفرة خط أحمر» أبلغ الأثر على نفوس المرتزقة فى ليبيا وداعميهم، بأن يراجعوا حساباتهم من جديد، قبل أن تبدأ مصر فى اتخاذ إجراءات عسكرية للحفاظ على أمن وسلامة ليبيا. لم تكن «مبادرة القاهرة» مجرد بنود تكتب على ورق، لكنها كانت بمثابة رؤية شاملة للحل قابلة للتطبيق، حيث أكدت على عدد من الثوابت المصرية فى التعامل مع أزمة ليبيا، والتأكيد على وحدة وسلامة الأراضى الليبية واستقلالها، واحترام كل الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبناء عليه التزام كل الأطراف بوقف إطلاق النار، ارتكزت المبادرة بالأساس على مخرجات قمة «برلين»، والتى نتج عنها حل سياسى شامل يتضمن خطوات تنفيذية واضحة المسارات «السياسية، والأمنية، والاقتصادية»، واحترام حقوق الإنسان وقانون الإنسان الدولى، واستثمار ما انبثق عن مؤتمر «برلين» من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية. وأكد «إعلان القاهرة» على ضرورة استئناف أعمال مسار اللجنة العسكرية «5 + 5» فى مدينة جنيف برعاية الأمم المتحدة، وبما يترتب عليه إنجاح بقية المسارات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، أخذا فى الاعتبار أهمية قيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولى، بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كل الأراضى الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها حتى تتمكن القوات المسلحة الجيش الوطنى الليبى بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها بمهامها العسكرية والأمنية فى ليبيا. وشدد «إعلان القاهرة» على ضرورة العمل على استعادة الدولة الليبية المؤسسات الوطنية مع تحديد الآلية الوطنية الليبية الملائمة لإحياء المسار السياسى برعاية الأمم المتحدة واستثمارا لجهود المجتمع الدولى لحل الأزمة الليبية. وأعاد «إعلان القاهرة» التأكيد على أهمية إعادة سيطرة الدولة على كل المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية الجيش الوطنى الليبى، مع تحمل الجيش الوطنى بمسؤولياته فى مكافحة الإرهاب وتأكيد دوره بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية واسترداد الأمن فى المجال البحرى، والجوى، والبرى. المسار العسكرى فى جنيف نجحت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» عقب اجتماعاتها فى مدينة جنيف السويسرية على وضع رؤية شاملة للحل وإعلان كامل لوقف إطلاق النار، ووضع آلية لخروج كل المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من البلاد دون أى تأخير، وهو ما رحب به الشارع الليبى بشكل واسع. وتشكلت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» عقب مؤتمر «برلين 2»، والذى رسم رؤية الحل للصراع العسكرى فى ليبيا باقتراح تشكيل لجنة تتكون من 5 ضباط عن المنطقة الشرقية، و5 ضباط من المنطقة الغربية، والعمل على عقد اجتماعات لبحث وضع رؤية لوقف إطلاق النار وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، والمقاتلين الأجانب. واحتضنت مصر اجتماعين للجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5»، كان آخرهما الاجتماع الذى عقد فى القاهرة، بمشاركة بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، والذى ناقش آلية إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب التابعين لدول جوار جنوب ليبيا وتحديدا تشاد والنيجر والسودان. ويتطلع أبناء الشعب الليبى والأطراف الإقليمية والدولية لنجاح اللجنة العسكرية الليبية «5+5» فى توحيد المؤسسة العسكرية، والشروع فى عملية حل التشكيلات المسلحة غير النظامية فى البلاد والتى تشكل تهديدا لأمن واستقرار ليبيا ودول جوارها. ومن المقرر أن تعقد اللجنة العسكرية الليبية المشتركة اجتماعات فى روسيا وتركيا خلال أيام للعمل بحث آلية إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا تفعيلا لقرارى مجلس الأمن 2570 و2571 والشروع فى عملية فرض السيادة الليبية بشكل كامل، والشروع فى توحيد مؤسسة الجيش وإصلاح المؤسسات الأمنية فى البلاد. المسار السياسى .. ملتقى الحوار السياسى مهد «إعلان القاهرة»، الأرضية للأطراف السياسية لاستئناف المشاورات لحل الأزمة وهو ما شجع البعثة الأممية على تشكيل ملتقى حوار سياسى بدعوة 75 شخصية ليبية للمشاركة فى اجتماعات مكثفة فى دولة تونس لوضع أسس الحل السياسى، وشكل الاجتماع أول لقاء بين الأطراف السياسية الليبية منذ سنوات وكان لـ«إعلان القاهرة» دور فى رسم خطوط الحل السياسى فى البلاد. ونجحت الشخصيات الليبية المشاركة فى ملتقى الحوار السياسى الليبى، فى وضع رؤية الحل للأزمة وذلك بالاتفاق على عقد اجتماعات فى مدينة جنيف السويسرية لانتخاب سلطة تنفيذية جديدة ممثلة فى انتخاب مجلس رئاسى جديد، من رئيس، ونائبين، ورئيس حكومة مؤقتة، على أن تكون مهمة هذه الحكومة هى توحيد المؤسسات الوطنية الليبية، وحل المشكلات المعيشية، والتمهيد لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى البلاد 24 ديسمبر المقبل. وشرعت السلطة التنفيذية الجديدة فى ليبيا بالعمل على توحيد المؤسسات وبحث المشكلات والتحديات التى تواجه أبناء الشعب الليبي، بالإضافة لطرح رؤية واضحة لتفعيل المصالحة الوطنية بين كافة الأطراف الليبية، والشروع فى الترتيبات اللازمة لإجراء انتخابات عامة فى البلاد نهاية العام الجارى. ويتطلع أبناء الشعب الليبى للأمن والاستقرار، فى الفترة المقبلة ويترقبون ما ستسفر عنه اجتماع مؤتمر باريس الدولى لوضع آلية واضحة لتفعيل ما تم الاتفاق عليه فى ملتقى الحوار السياسى الليبى الذى وضع خارطة طريق واضحة ومحددة، بالإضافة لتفعيل مخرجات اللجنة العسكرية الليبية «5+5» التى تواصل الليل بالنهار للعمل على فض الاشتباك والتأكيد على مخرجات اللجنة فى اجتماع جنيف 20 أكتوبر 2020. كان «إعلان القاهرة»، قد أكدت على ضرورة الشروع فى اتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتوحيد كل المؤسسات الاقتصادية والنقدية فى شرق وجنوب وغرب ليبيا، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، إلى جانب منع وصول الأموال الليبية إلى أى من الميليشيات، كذا العمل على ضمان توزیع عادل وشفاف للموارد الليبية لكل المواطنين، وتعتبر هذه الرؤية أحد الأسس التى أفضت اجتماعات ملتقى الحوار السياسى الليبى للتوصل إليها. وتشرف الأمم المتحدة بشكل كامل على سبل نزع فتيل الأزمة السياسية فى ليبيا وتفعيل مخرجات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، وضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل فى البلاد، والشروع فى إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب وفق جدول زمنى محدد وضرورة التزام كل الدول المنخرطة فى الصراع بهذا الجدول الزمنى، وذلك لتمهيد الطريق للجنة العسكرية للشروع فى بحث عملية توحيد المؤسسة العسكرية وإصلاح المؤسسات الأمنية. تبقى الانتخابات الرئاسية والتشريعية هى الحل السحرى للصراع الراهن بين المكونات الليبية، وذلك للشروع فى تجديد شرعية المؤسسات فى البلاد، وتمكين الأشقاء فى ليبيا من توحيد كل الجهود للعمل على بناء المؤسسات الوطنية، وتفعيل دورها بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.










الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;