أصبحت مشكلة نقص المدرسين أزمة تهدد الكثير من المدارس فى الولايات المتحدة، والتى ينعكس تأثيرها على ملايين الطلاب الذين عانوا بالفعل خلال العامين الماضيين بعدما أجبر وباء كورونا المدارس على الإغلاق واللجوء إلى التعليم عن بعد، والذى أثر على تحصيل الطلاب.
وقالت صحيفة "يو إس إيه توداى" الأمريكية إن المدارس عبر الولايات المتحدة تقوم بإلغاء الدراسة بها أو العودة إلى التعليم عن بعد، فى الوقت الذى يعانى فيه مديرو المدارس والإدارات من الفصول الدراسية الفارغة والحافلات بلا سائقين والكافتريات التى تعانى نقص العمالة، وكل ذلك سببه إهلاك واسع للمعلمين، ومخاوف من فيروس كورونا، واستقالات كبرى.
وشهدت ولاية ميتشيجان فى الأسابيع الماضية إغلاق ثمانية مدارس على الأقل أو العودة للتعليم الإلكترونى بسبب نقص العاملين. وفى فلوريدا، قالت مدارس بريفارد العامة يوم الأربعاء إنها ستقوم بمد عطلة عيد الشكر، بينما منحت مدارس عامة فى سياتل وبورتلاند وأوريجون المدرسين والطلاب يوم عطلة إضافية احتفالا بيوم المحاربين.
ويعترف القائمون على الإدارات التعليمية بأن التغيير فى الجداول المقررة أحدث عقبة أمام الطلاب الذين يحاولون تعويض ما فاتهم من تعليم بعد إغلاق المدارس بسبب وباء كورونا. ويقول الخبراء أن المزيد من تفويت الدراسة يعنى أن بعض الأطفال، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى الأسر ذات الدخل المنخفض سيتراجعون بشكل أكبر من أقرانهم.
لكنهم يقولون إن المدرسين المنهكين من تعليمات الوباء بحاجة ماسة إلى وقت لاستعادة الطاقة بعد عام آخر مضطرب ملىء بالكمامات والاختبارات والمرض ومعارك السياسة العامة المستمرة، إلى جانب محاولة مساعدة الطلاب الذين لا يزالون يتعلمون كيفية العودة إلى الفصل الدراسى.
وفى ولاية واشنطن، اضطر المسئولون إلى إغلاق المدارس، الجمعة، لأن عددا كبيرا من المعلمين يأخذون هذا اليوم عطلة بعد إجازة يوم المحاربين، ليحصلوا على عطلة نهاية أسبوع تمتد أربعة أيام.
وقالت إليسون سنو، المعلمة للصف الخامس، ورئيسة اتحاد محلى، إن الجميع منهك. وأضافت أن المعلمين يعانون بتدريس من تدريس مواد جديدة مع تقديم الدعم العاطفى والنفسى لطلابهم البالغ عددهم 20 ألف، وتعويض ما فاتهم. وتقول إنهم فى كل مرة تسير فى الأروقة تجد الغضب والدموع والجزع، وترى أحيانا حالات الصداع والقلق والغثيان من الضغوط المستمرة.
تحدثت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أيضا عن الأزمة، وقالت إنه فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة كان نقص المدرسين حادا، حتى أن المعلمين البدلاء، الذين كانت أجورهم ضعيفة دائما، وجدوا أنفسهم على الجانب المستفيد فى معادلة العرض والطلب، وقد أدى هذا أحيانا إلى ارتفاع فى أجورهم، وعمل ثابت.
لكن مع استمرار الأزمة، تخفض بعض المدارس معاييرها الخاصة بالمعلمين البدلاء، والتى كانت بالفعل أقل من تلك الخاصة بأعضاء هيئة التدريس المتفرغين. وأصبح الوضع مروعا لدرجة أنه خلال الشهر الماضى، قامت ولايتان على الأقل، ميزورى وأوريجون بإلغاء متطلب الحصول على درجة جامعية للتعينات المحتملة، وذلك بشكل مؤقت.
ولفتت نيويورك تايمز إلى أن هذه التحركات أدت إلى مخاوف من قبل الآباء والمعلمين وصانعى السياسات بشأن جودة التعليم. ومن الواضح بالفعل أن الجمع بين إغلاق المدارس والتعليم عن بعد أدى إلى خسائر كبيرة فى التعلم للطلاب.
وتوضح الصحيفة أن المشكلة بدأت بالحاجة إلى معلمين بدوام كامل فى العديد من الإدارات التعليمية. ففى أريزونا، ترك نحو 1400 معلم المهمة خلال الأشهر الأولى من العام الدراسى، وفقا لإحدى الدراسات. وفى ولاية فلوريدا، بدأ العام الدراسة بعدم وجود نحو 5 آلاف معلم، وفقا لفيديو نشره رئيس اتحاد التعليم بالولاية أندرو سبار.
وحددت الصحيفة أسباب هجرة المعلمين لفصولهم، وقالت إن ضعف الأجور والضغط الهائل وظروف العمل الصعبة قد أثرت على المهنة لسنوات، لكن الخوف من الإصابة بكورونا أدى إلى الوضع الكارثى، وفقا للخبراء، وأصبح المعلمون يغادرون عملهم أو يتقاعدون مبكرا.