مع بدايات أزمة جائحة كورونا، اتخذت الدولة والحكومة المصرية العديد من الإجراءات والتدابير والقرارات لمواجهة التداعيات والآثار الاقتصادية السلبية للأزمة، كما زادت الحاجة لتعديل تشريعي يمنح جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية سلطة الرقابة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ أو ما يعرف بالتركز الاقتصادي، وذلك لضبط الأسواق وحماية الشركات الصغيرة والمتوسطة، وخلق مناخ تنافسي حر، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
من بين القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في نوفمبر من العام الماضي، الموافقة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون رقم 3 لسنة 2005 بإصدار قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، حيث نص التعديل على إضافة تعريف للتركز الاقتصادي يقضي بأن "كل تغيير في التحكم أو التأثير المادي في شخص أو عدة أشخاص، والذي يكون ناتجا عن اندماج شخص أو أكثر في شخص قائم يحتفظ بشخصيته القانونية عقب الاندماج، أو إنشاء شخص جديد عن طريق مزج اثنين على الأقل من الأشخاص، التي كانت مستقلة سابقا، وانقضاء شخصيتها القانونية، أو أي من أجزائها، أو يكون التركز الاقتصادي ناتجا عن استحواذ شخص أو أكثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على التحكم أو التأثير المادي في شخص آخر أو جزء منه بموجب عقد، أو عن طريق شراء أوراق مالية، أو أصول أو غيرها من الطرق، ويمكن أن يتم الاستحواذ بشكل فردي أو جماعي، كما يمكن أن يكون التركز الاقتصادي ناتجا عن طريق إنشاء مشروع مشترك، أو استحواذ شخصين أو أكثر على شخص قائم، بغرض إنشاء مشروع مشترك يمارس نشاطا اقتصاديا بشكل مستقل ودائم.
وأوردت التعديلات الحالات التي لا تعتبر تركزا اقتصاديا، كما أشارت إلى تعريف كل من التحكم والتأثير المادي، مشيرة إلى أن التركز الاقتصادي يخضع لرقابة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ويجب إخطار الجهاز به قبل إبرام العقد للحصول على موافقته المسبقة، وذلك وفق عدد من المحددات.
كما نصت التعديلات على أنه يحظر التركز الاقتصادي إذا كان من شأنه الحد من حرية المنافسة، أو تقييدها، أو الإضرار بها، وبالأخص إذا كان ذلك من شأنه إنشاء وضع مسيطر، أو تدعيم وضع مسيطر قائم بالفعل، أو تسهيل ارتكاب أي من المخالفات الواردة بالقانون.
ويجوز للجهاز التصريح بإجراء التركز الاقتصادي إذا كان من شأن عدم تنفيذه خروج أشخاص من السوق، أو إذا ثبت أن التركز الاقتصادي سينتج عنه كفاءة اقتصادية تفوق آثار الحد من المنافسة وذلك حال توافر الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
جاء قرار مجلس الوزراء بالموافقة على التعديل التشريعي في نوفمبر 2020 وتمت إحالته إلى مجلس النواب وفي انتظار إقراره.
وجاء الهدف من التعديل التشريعي حظر عمليات التركز الاقتصادي التي يكون من شأنها الحد من حرية المنافسة أو تقييدها أو الإضرار بها، وبالأخص إذا كانت من شأنها إنشاء وضع مسيطر أو تدعيم وضع مسيطر قائم بالفعل أو تسهيل ارتكاب أي من المخالفات الواردة بالقانون، والحد من عمليات التركز الاقتصادي التي يكون من شأنها خلق كيان مسيطر أو تعزيز سيطرة كيان على السوق وتذليل عوائق الدخول والتوسع في السوق المعنية، مما يحد من قدرة المنافسين الحاليين أو المحتملين، وخلق مناخ تنافسي حر يطبق فيه القانون على كل الشركات العاملة بالسوق دون تمييز وذلك مع مراعاة قواعد العدالة الإجرائية، مما سيساهم بشكل كبير في خفض نسب التركز الاقتصادي في الأسواق وتعزيز ثقة المستثمرين.
ويسهم التعديل التشريعي في التعزيز من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبالأخص الاستثمارات الجديدة والتي يكون من شأنها زيادة الهياكل الإنتاجية، والتعزيز من قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الدخول والمنافسة في السوق، ورفع المستوى التقني والتكنولوجي، وزيادة الطاقات الإنتاجية، وزيادة العمالة، وتكوين رأس المال.
واتجهت معظم دول العالم إلى تبني نظام للرقابة المسبقة على عمليات التركز الاقتصادي ومن ضمن هذه الدول توجد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى المملكة المتحدة والدول الأوروبية الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب دول أمريكا الشمالية وأستراليا.
وعلى صعيد الدول المشابهة للاقتصاد المصري، تتواجد دول أمريكا اللاتينية وآسيا وغالبية الدول الإفريقية والدول العربية، حتى وصل عددها إلى أكثر من 135 دولة وفقًا لآخر إحصائية.