- ورفع القيمة الإيجارية مع مراعاة ظروف المستأجرين والتشديد على عدم طردهم.
- أصحاب الوحدات يرفضون اقتراح زيادة الإيجار الشهرى ويطالبون برحيل السكان
قوانين الإيجار هى العقبة التى تواجه الدولة المصرية منذ خمسينات القرن الماضى وحتى الآن، والتى حاولت تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر أكثر من مرة من خلال سن تشريعات تكفل حقوق كل منهما، وفى كل مرة كانت توجه لها الانتقادات من كلا الطرفين والذين اتهموها بالمحاباة، خاصة من جانب ملاك العقارات القديمة الذين يخضعون لقانون الإيجارات القديمة.
الملاك دائما ما يتهمون المستأجرين بالاستيلاء على أملاكهم والتمتع بها دون وجه حق بحسب وصفهم فى الوقت الذى قد لا يجد فيه بعض الملاك وحدة سكنية للسكن فيها أو يعانى بعضهم من ظروف مادية صعبة على الرغم من امتلاك الكثير منهم وحدات عقارية فى أماكن مميزة ومع ذلك لا يتجاوز الإيجار الشهرى لها بضعة جنيهات.
الحاج صلاح الدين دفع كل ما يملك من أموال استطاع جمعها أثناء سفره لدول الخليج فى أحد العمارات فى منطقة شبرا ولكنه لا يجمع منها سوى 15 جنيها هى حصيلة الإيجار الشهرى لثلاثة شقق بواقع خمسة جنيهات لكل شقة رغم ضغوط الحياة وتكاليفها خاصة مع دفع كل ما يمتلكه فى شراء ذلك المنزل، وهو ما اضطره إلى استئجار إحدى المحال وتشغيله كسنترال لمعاونته على مواجهة أعباء الحياة ولكنه لم يعد مجزيا خاصة مع العروض المتكررة لشركات المحمول على الدقائق بحسب ما أكده.
ويقول الحاج صلاح "كنت أعمل فى شركات البترول خلال فترة الثمانينيات وخلال عملى ظهرت أمامى فرصة للعمل فى إحدى دول الخليج براتب مجز وهو ما قبلته وسافرت إليها للعمل هناك لعدة سنوات، وبعد جمع مالى وجدت أنه يكفى لتأمين مستقبل أولادى عدت إلى مصر وقمت بشراء منزل فى منطقة طوسون بشبرا مكون من شقة فارغة وثلاثة شقة خاضعة لقانون الإيجار، وهو ما التفت إليه وقتها ولم تكن هناك نية لطبل إخلائهم منها وقتها ولكن مع غلاء المعيشة ومعرفتى بأن السكان الشاغلين للعقار يمتلكون وحدات تمليك فى أحياء أخرى فى نفس المحافظة فى الوقت الذى لا أستطيع توفير شقة لأحد أولادى توجهت إليهم بطلب إخلاء الشقق ولكننى فوجئت بمساومات وطلبات من السكان بضرورة حصولهم على مبالغ مالية تقترب من 100 ألف جنيه، كشرط لإخلاء الشقق فى الوقت الذى يدفعون فيه إيجار 5 جنيهات للشقة الواحدة بإجمالى 15 جنيه شهريا هى قيمة ما اتحصل عليه من العقار، متسائلا "حد يقولى اعيش بيهم اذاى وأنفق منهم على أولادى الأربعة فى مراحل التعليم المختلفة من الابتدائى وصولا للجامعة".
من شبرا إلى المعادى حيث استمرت معاناة الملاك مع الإيجار القديم، ومنهم سماح حسن التى تمتلك هى وشقيقاتها الثلاثة شقتين فى المعادى تحصل منهما على 50 جنيها إيجار شهرى بسبب خضوعهما لنظام الإيجار القديم، وفى المقابل تعيش سماح حياة صعبة خاصة فى ظل احتياج والدتها لعلاج شهرى يصل إلى 1200 جنيه، فى الوقت الذى يمتلك فيه أحد المستأجرين لشقة قريبة منهم بل قام بعرضها للبيع.
تقول سماح إنها طلبت من أحد المستأجرين إخلاء الشقة مقابل أن تدفع له 20000 جنيه، وذلك بعد بنائه عمارة متعددة الطوابق وقام ببيعها ولكنه رفض ترك الشقة بسبب قربها من محل الكوافير الذى يمتلكه، حيث قام بتحويل الشقة إلى دور ملحق بالمحل لخدمة العملاء الذين يترددون على الكوافير.
وقال المهندس عمر حجازى نائب رئيس المتضررين من الإيجارات القديمة، إن المستأجرين يعتمدون على قوانين استثنائية تم إقرارها خلال فترة الخمسينات مع ثورة يوليو بهدف كسب مؤيدين ولكن للأسف الشديد مازال العمل بها حتى هذه اللحظة.
وكشف حجازى أن عدد الوحدات الخاضعة لنظام الإيجار القديم فى مصر يبلغ 5.3 مليون وحدة بحسب إحصائية لوزارة الإسكان، منها 3 ملايين وحدة غير مستغلة. لافتا أن جمعية المضارين من الإيجار القديم رصدت انهيار 403 عقارات بين انهيار جزئى وكلى موزعة على أنحاء الجمهورية، منها ما يعتبر تراثا معماريا نادرا متوقعا أن يزيد عدد الوحدات المنهارة بسبب غياب الصيانة نتيجة لضعف القيمة الإيجارية. مشددا أن الحل الوحيد لإنهاء تلك الأزمة هو صدور تشريع من الدولة يتم بموجبه إنهاء الإيجارات القديمة، وعودتها إلى أصحابها دون الالتفات إلى المقترحات الخاصة بزيادة القيمة الإيجارية، مؤكدا أن هذه المطالبات صادرة من مجموعة من المنتفعين الذين يهمهم بقاء الوضع كما هو عليه لأن عددا كبيرا منهم يشغل وحدات فى أماكن راقية تخضع لنظام الإيجارات القديم.
ورفض عدد من المستأجرين مطالب ملاك العقارات بإلغاء الإيجار القديم، مؤكدين أن الملاك استفادوا من القيمة الإيجارية التى كانت مرتفعة وقت بناء العقار، وهو ما أكده الحاج إبراهيم عمر أحد سكان حى بولاق وأحد ساكنى الإيجار القديم، واصفة مطالب الملاك بأنها تعبر عن أنانية مفرطة، قائلا لا يمكن الأخذ أو التسليم به لأن الملاك استفادوا من المستأجرين زمان وقت البناء العقارات فكانت القيمة الإيجارية 6 جنيهات للشقة الواحدة، فى الوقت الذى كان سعر كيلو اللحم هو 65 قرشا!، و كان الملاك بيبخروا الشقة عشان يتم تأجيرها".
وقال سيد حسين عامل طلاء وأحد سكان الإيجار القديم فى مدينة إمبابة، إنه على الرغم من صعوبة ما ينادى به الملاك بطرد السكان إلا أنه لابد من تعديل القيمة الإيجارية فى القانون، مع عدم السماح بتوريث الوحدات المؤجرة إلا بموافقة المالك مع تعويضه عن ذلك.
فيما جاء رد هانى يونس المتحدث باسم وزارة السكان، بان الوزارة تتابع الأزمة بين الملاك والمستأجرين وتتطلع إلى إنهائها من خلال الوصول إلى حل عادل يرضى الطرفين وهو ما يمكن تحقيقه من خلال مجلس النواب المعنى بحل هذه الأزمة.
وقال عبد الوهاب خليل وكيل لجنة الإسكان داخل مجلس النواب، إن أعضاء لجنة الإسكان لا يحملون رؤية واحدة لهذه القضية فهناك آراء متعددة سوف يتم تدارسها للوصول إلى إقرار مشروع قانون يراعى مصلحة الطرفين، وذلك بعد عقد حوار مجتمعى ولجان استماع لطرفى الأزمة الملاك والمستأجرين إلى جانب دعوة عدد من القضاة من أصحاب الخبرة فى النزاعات الإيجارية للتعرف على وجهة نظرهم بخصوص تلك القضية والاستفادة من خبراتهم.
وأشار إلى أن تلك الخطوات سوف تبدأ فى التنفيذ بعد إرسال الحكومة لتصوراتها بخصوص قانون الإيجار الجديد وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة حيث لم ترسل الحكومة أى مقترحات أو قرارات.
وكشف خليل عن الاتجاه الذى يؤيده وهو فسخ كل عقود المنشآت التى تستأجرها الحكومة بنظام الإيجار القديم، وهو ما يتطابق مع الشقق المهجورة والشقق المستغلة تجاريا أما الشقق التى يشغلها المستأجرون فيتم رفع القيمة الإيجارية بما يتماشى الإيجارات الموجودة فى كل منطقة مع مراعاة ظروف كل مستأجر والتشديد على عدم طرده .