سارع الجنرال موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، ومعه أركان حرب قيادة الجيش إلى موقع منطقة «الشط» بسيناء، لمعاينة آثار هجوم جرىء قامت به سرية المشاة المصرية ضد مواقع العدو ليلة السبت، وصباح الأحد، 30 نوفمبر 1969، وفقا لجريدة الأهرام، 1 ديسمبر 1969.
كانت هذه العملية من أكبر العمليات التى أجرتها قواتنا المسلحة فى الفترة الأخيرة، وفقا لتقدير بيان المتحدث العسكرى، ووقعت أثناء حرب الاستنزاف التى كان الجيش المصرى يخوضها ببطولة ضد القوات الإسرائيلية فى سيناء المحتلة منذ 5 يونيو 1967، وكان «ديان» فى مهمته يعاين على الطبيعة كيفية اقتحام القوة المصرية التى ضمت 120 ضابطا وجنديا الأسلاك الشائكة والألغام التى يحمى بها العدو قواته، واقتحام هذه القوة المواقع والتحامها المباشر بالسلاح الأبيض والمدافع الرشاشة مع العدو، وتكبيده خسائر بين 50 و60 قتيلا وجريحا.
تكشف «الأهرام» تفصيلات هذه الغارة الجريئة والناجحة لسرية المشاة المصرية، موضحة أن قائد القوة قسم مجموعته إلى وحدات قامت إحداها باقتحام دشم العدو ودمرتها وطهرتها ممن بها من أفراد بالسلاح الأبيض، بينما قامت وحدة ثانية بتدمير الهاونات والمدافع الثقيلة والقضاء على أفراد طواقمها، ونسف مخازن الذخيرة فى الموقع، وفى أثناء العملية استطاعت مجموعة من خمسة أفراد أن تأسر قائد الموقع، وهو ضابط برتبة نقيب أثناء محاولته الهرب، وخلال انسحاب القوة المصرية بعد انتهاء العملية انفجر مخزن ذخيرة، فأصيب الأسير إصابة خطيرة أدت إلى وفاته.
أكدت «الأهرام» أنه بالرغم من كبر عدد القوة المصرية فى العملية إلا أن جنودها عبروا قناة السويس، واقتربوا من مواقع العدو، وفى صمت تام، ودون أن يشعر العدو فتحوا ثغرة فى الأسلاك الشائكة وحقول الألغام المحيطة بالموقع، ثم فاجأوا العدو بالنيران تنهال عليه من كل اتجاه، وتتركز داخل دشمه وتحصيناته وعلى أسلحته، وأثناء القتال قامت مدفعية الجيش المصرى بقصف مركز طوال فترة الاقتحام على مواقع العدو المجاورة، فعزلت المواقع التى تهاجمها عن باقى المواقع المعادية، ومنعت العدو من استخدام قواته الاحتياطية، واستمرت النيران المركزة نحو ساعتين، ثم استؤنفت نيران المدفعية بعد ذلك على فترات متقطعة، حتى الساعة السادسة إلا عشر دقائق صباح 30 نوفمبر 1969، تضيف الأهرام، أنه تأكد من استجواب أفراد القوة بعد عودتهم أن عشرات من جنود العدو سواء الذين كانوا يعملون على الأسلحة، أو الذين كانوا مختبئين بالدشم قتلوا وأصيبوا أثناء هجوم جنودنا على الموقع، وأثناء تطهيرهم الدشم بالسلاح الأبيض.
تؤكد «الأهرام» أن القوة المصرية عادت إلى قاعدتها بجميع أسلحتها بعد تنفيذ مهامها، وفقدت شهيدين اثنين من أفرادها، وأصيب خمسة بجراح متوسطة أثناء قيامهم بتنفيذ مهمة أسر الضابط الإسرائيلى قائد الموقع، حيث انفجرت مخازن الذخيرة المجاورة لمركز القيادة أثناء وجودهم بجواره.
فى 2 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1969، أجرت «الأهرام» لقاء مع قائد القوة التى نفذت هذا الهجوم الكبير، وذلك دون الكشف عن اسمه مكتفية بوصفه «ضابط شاب»، وخرجت الجريدة بالمانشيت الرئيسى لها بعنوان «قائد الهجوم الأخير على مواقع العدو يتكلم»، وأكدت أن هذا اللقاء تم بإذن خاص من وزير الحربية الفريق أول محمد فوزى، وكشف الضابط الشاب أن الفرقة التى قامت بالهجوم ليست من القوات الخاصة أو قوات الصاعقة، وأكد أن المدفعية المصرية فى القناة قامت بمهمتها كاملة، حيث ضربت نطاقا محكما من النيران حول منطقة الهجوم، وقال إن خسائر العدو بين 70 و80 قتيلا وجريحا، وكشف عن أن جنديا مصريا وضع شحنة متفجرات فى دبابة فنسفتها بمن فيها، وقال إن الجنود كانوا يهاجمون وبعضهم يهتف: الله أكبر، وكنا نسمع جنود كتيبتنا على الضفة الأخرى يرددون معنا: الله أكبر.
يكشف الضابط الشاب، أنه قبل العملية بساعات عرف أن سريته ستقوم بهجوم ليلى عبر القناة.. يضيف: «هيأت نفسى منذ الصباح، وحضرت اجتماعا مع بعض القادة درسنا فيه العملية، وتلقيت صورة كاملة عن كل المعونات التى ستقدم إلينا لنقوم بمهمتنا، وأهم شىء فى ذلك دور المدفعية التى كان عليها أن تعزل القاعدة التى سنقوم بالهجوم عليها، وقال إن أفراد السرية عرفوا بمهمتهم بعد الظهر، وعرف كل واحد موقعه فى مجموعته، وكان الكل سعداء بأن الفرصة تتاح لهم للاشتباك مع العدو، وأكد أنه لم تكن هناك مفاجآت، فالرجال تصرفوا تحت النار بنفس الثبات الذى يتصرفون به أثناء التدريبات.
يؤكد أن الشىء الذى اختلف فى التنفيذ عما كان مخططا له هو، أننا لم نستطع أن نعود بقتلى منهم، فالمعركة كانت حامية، وكان تركيز النيران شديدا، والنتيجة أن أفراد قواتنا لم يكن فى استطاعتهم أن يعودوا بقتلى، لأنه لا فائدة من ذلك.