مع كل فقاعة تنفجر على مواقع التواصل يبدأ البعض فى محاولة تفسير، وقبل أن يصلوا إلى التفسير يكون التريند نفسه مات وولد غيره، ويتراجع الاهتمام حتى يظهر غيره، حدث هذا مع تريند «أبو بطة» أو أى أغنية، أو لقطة، أو فستان، أو لعبة، وبعض التريندات لنصابين ومدعين، والقليل منها لموضوعات جادة أو طبيعية، وهو استثناء يؤكد القاعدة.
الفاعل فى كل هذا هو الجمهور المستخدم، بدرجاته ومستوياته، هو الذى يشاهد ويتفاعل، ومن المشاهدات تأتى الإعلانات والأرباح، والمستخدم يرى نفسه فاعلا، بينما الفاعل مستتر وإن كان معلوما.
ومن يتابع على مدى سنوات يتذكر عشرات وربما مئات الفقاقيع، ظهرت وتلاشت بعد ساعات أو أيام.
وهى طبيعة عصر، وأدوات وتقنيات أصبحت فيها أدوات التواصل منصات تستثمر فى تلميع كل ما يمكن تلميعه، ببساطة لأن هذه المنصات تحقق أرباحها من هذه التريندات، وهذه المواقع تفضل دعم الأفراد، أكثر من المؤسسات.
وهو أمر منفصل عن مسارات الإعلام، وبالطبع فإن بعض المنصات الإعلامية تشارك فى الحفل كجزء من نشاط إخبارى، وربما تحت شعار «من جاور التريند يسعد».
ومع وجود مسؤولية على بعض الإعلام الذى يجرى وراء التريند بحثا عن نصيب، لكن التريند ينطلق وينتفخ وينفجر، بعيدا عن الإعلام، الذى هو رد فعل وبعضه يجرى وراء التريند، لكنه ليس مسؤولا عن الفعل، وهى أمور يفترض أن يضعها البعض فى اعتباره كل من يريد تفسير هذه الظواهر، ومن دون تعال على الظاهرة أو محاولة تلبيس الصحافة الإعلام المسؤولية، بينما المسؤولية هنا جزئية، وموزعة.
ونقول هذا لأن المناقشات تشتعل مع كل فرقعة لتريند هنا أو هناك، وآخرها تريند مطرب «البطة شيماء»، وقبلها مئات الأمثلة، فقد انفجر التريند هناك فى مواقع التواصل، وسواء تعاملت الصحافة أم تجاهلت فقد أخذ مساره بصرف النظر عن المنصات الإعلامية، ونفس الأمر يتكرر وسوف يتكرر، سواء البطة والقطة أو فستان أو لفظ أو حتى أغنية مهرجانات، وهى فرقعات تنفجر وتنتشر بصرف النظر عن أى تداخلات أو تغطيات.
فى الحديث عن علاقة الصحافة والإعلام، يمكن أن نتحدث عن ترشيد التعامل مع التريندات وتجاهل الأمر وعدم المبالغة فى الجرى وراء التريند، بحثا عن متابعين.
القصة أن أدوات التواصل أصبحت مجالا لمغامرين ومدعين، مثلما هى مكان للصادقين والمبادرين، وربما يكون الأمر بحاجة إلى ضبط، ووعى وأن يتوقف الجرى وراء كل ما يلمع من تريندات، لا أحد يعلم ما وراءها.
ولا يمكن تجاهل علاقة المستخدمين ممن يساهمون فى المشاهدة والمتابعة والمدح أو الإدانة وهم من ينتجون التريند ويضعونه فى الواجهة.
وقد طرحت هذا الأمر للنقاش فى كتاب «السيبرانى»، أن المستخدم شريك وفاعل وهو الذى يصنع التريند وأن أدوات التواصل هدفها الإعلانات والربح وأن المستخدم ما دام يستعمل أدوات التواصل فهى تستعمله، بما يسهل اختيار الإعلانات والدعايات التى تتناسب مع كل شخص بناء على تحليل كامل لسلوكه، وعليه فالجمهور فاعل شكلا ومفعول به فى بناء متشابك عنكبوتى، يفرض نفسه وقوانينه فى عالم يتطور ويقفز أسرع من القدرة على الفهم.
وهو أمر يحدث فى العالم كله، وليس عندنا فقط، لكن دور الإعلام هو تفهم دوره واستيعاب التقنية من دون لهاث أو كسل.