- العشوائيات بيئة ناتجة لكل أنماط الانحراف والجرائم و"حياة كريمة" عالجت جذريا مشاكل استمرت لحقب طويلة
- الإدمان واختفاء دور الأسرة واقتصار مهمة المدارس على الجوانب المعرفية ساهم في ارتفاع الجرائم بين الأسر
- السوشيال ميديا أشبه بـ"قعدة المصاطب" ووسيلة لإفراغ الذات بما فيها من موضوعية وقلة خبرة
- تحويل "وادى النطرون" لمركز للإصلاح والتأهيل من أفضل القرارات.. مفهوم السجن كعقاب بدني ونفسي انتهى والعالم يعتبر "المجرم" مريض يحتاج لعلاج
- انتشار مراكز اللايف كوتشينج وتدريب المقبلين على الزواج أو الطلاق ناتج عن عشوائية السلوك الإنسانى.. وأعددنا قانونا لمزاولة المهن الاجتماعية لمواجهة منتحلى الصفة
- النسبة العالمية للأخصائيين الاجتماعيين 50 فردا لكل أخصائى لملاحظة السلوك ومتغيراته وعلاجه
- السلوك البشرى قبل كورونا غير بعدها.. القلق والاضطراب النفسى، نتيجة لتأثر البعض والعزلة أبرز التأثيرات
- صندوق المعاشات حقق عجزا غير مسبوق بلغ -23 مليونا وأنتهينا من إعدادا تعديلات على قانون النقابة لتحسين مواردنا
أكد الدكتور عبد الحميد زيد نقيب الاجتماعيين، أن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" أفضل رؤية منذ فترات وحقب تاريخية طويلة تتم فى عدة مجالات، وتمثل علاجا جذريا لمشكلات عانى منها المجتمع لحقب تاريخية طويلة، بناء على رغبة سياسية، ليس فقط فى السكن العشوائى غير الأمن، بل أيضا السكن العشوائى بشكل عام بتحسينه، ونقل سكانه إلى بيئة جديدة تتلاءم والشرائح المنقولة إليها، وتوفير كافة الخدمات الإنسانية من تعليم.
وأوضح زيد، في حوار خاص لـ"انفراد"، تأثير تلك المبادرات الرئاسية على سكان المناطق العشوائية، حيث أكد أن المناطق العشوائية بيئة ثقافية ناتجة لكل أنماط الإنحراف، والقضاء عليها يمثل حماية للمجتمع.
نص الحوار:
- ما تأثير المبادرات الرئاسية "حياة كريمة" للقضاء على العشوائيات على المجتمع وسكان تلك المناطق؟
تلك المبادرات أفضل رؤية من فترات وحقب تاريخية طويلة تتم فى عدة مجالات، وتمثل علاجا جذريا لمشكلات عانى منها المجتمع لحقب تاريخية طويلة، بناء على رغبة سياسية، حيث تمثل المناطق العشوائية بيئة ثقافية ناتجة لكل أنماط الإنحراف، والقضاء عليها يقلل من نسب الانحراف ونسب الخطورة المجتمعية، حيث مثلت تلك المناطق بؤرة لإنتاج السلوك غير السوى والجرائم بشكل غير عادى، فقد كان سكانها فئة من أعضاء المجتمع لكنهم يشعرون أنهم على هامشه ولا يتمتعون بعوائد التنمية فى السابق.
وعند نقل سكانها لبيئة جديدة جيدة، يجب أن يستخدم ضوابط وحسم فى التعامل مع أى تجاوزات بالمناطق الجديدة، مع مساحة من التسامح والتوعية لزيادة قدرة هذه الفئات على الاستخدام الأفضل للأمكانيات التى أُتيحت لهم، وإجراء تدريبات لمهن قد يحتاجونها كبديل لما اعتادوا عليه فى مناطقهم، والدولة تسير بشكل جيد فى هذا المجال وتراعى كثيرا من المعايير.
- ما تفسيرك لزيادة معدلات الجرائم بين أفراد الأسرة؟
من وجهة نظرى أن الجرائم موجودة منذ خُلق آدم، لكن الجرائم هذه الأيام تغيرت سماتها مستوياتها، حيث شملت فئات لم تكن ترتاد الجريمة، ونطاق قرابى لم يكن موجود مثل الأسرة، وشدتها من حيث الدموية والتشهير، أما عن الدوافع للوصول إلى هذا الوضع يرجع إلى العديد من الأسباب قد يكون من بينهم الإدمان، الشراكة، ولأن القيم تغيرت فالشرف لم يعد لكثيرين له قيمة مثل السابق، وبالتالى الأسباب المعلنة غير حقيقية وتحتاج إلى دراسات علماء نفس واجتماع للوقوف على الأسباب الحقيقة.
كما أن تغير القيم، أدى إلى اختفاء ضوابط محورية كانت موجودة فى السابق تحكم سلوك الإنسان والتى كانت تحدد السلوك المرغوب فيه، أو السلوك المرفوض، وتلك القيم نتعلمها من المدرسة والدين، كما أن الأسرة لم تعد هي المعلم الأول فى زرع القيم حيث لم يعد لديهم الوقت، ومضمون التربية والجهد الذى كان يبذله الوالدين فيها لم يعد كما كان، إذن كل ذلك يعنى أن المؤسسات الوسيطة التى تؤدى دورا فى التنشئة بها خلل سواء الأسرة أو المدرسة، حيث اكتفت المدارس بالشق المعرفى دون التربية، فضلا عن إبراز نماذج سلوكية سيئة فى الإعلام صابها التعميم من فئات مجتمع ليس لديها الوعى.
- رغم ما نعانيه من مشكلات من السوشيال ميديا.. يستعد العالم حاليا لإطلاق خاصية "الميتافيرس"، فى رأيك ما تأثير التطور المتسارع فى التكنولوجيا؟
تطور التعامل والخدمات المتاحة بالعالم الافتراضى يحدث دون رغبة منا، أى "غصب عنا" فالشئ الوحيد الآن الذى لا يمكن للأسرة أو الدولة حجبه هو مصادر المعلومات عبر وسائل التكنولوجيا، إذن كان على المجتمع أن يستعد للقفزات غير العادية بإعادة بناء وصياغة العقل المصرى لتحصينه ليكون المواطنين قادرين على الفرز دون قلق وفق ما لديه من معارف، والتحصين الطبيعى لأفراد المجتمع لمواجهة حملات التشويه والتقدم التكنولوجى يتم من خلال زيادة الوعى بالشئ.
أصبحت الآن السوشيال ميديا مثل "قعدات المصاطب" لكنها سهلت التواصل حتى أصبحت وسيلة لتفريغ الذات بما فيها من موضوعية وخيبة أمل وقلة خبرة وكل شىء، هذا بخلاف اتجاه البعض لعمل حسابات للمواليد منذ اليوم الأول لميلادهم، والذى يُعد مؤشرا لأشخاص لديها ولع بالشهرة والحديث عن الذات وكثيرا من الأمور الأخرى.
- كيف تفسر تحويل السجون مثل " وادى النطرون" لمركز للإصلاح والتأهيل؟
من أفضل ما تم خلال الفترة الحالية هو تأهيل السجون المصرية، وأتمنى أن يشمل ذلك كل السجون، خاصة أن هذا هو الطبيعى الآن فى السجون فى كل دول العالم، حيث كان مفهوم السجن قديما هو العقاب البدني والنفسي على من يرتكب جرما، وبالتالي كان ينظر للمنحرف باعتباره مجرما، وفى كثيرا من الدول يتم التعامل مع هذا المنحرف باعتباره نتاج كثيرا من العوامل الاجتماعية وبالتالى ينظر على كونه مريض وأصابه مرض وإن كان اجتماعيا، والباب مفتوحا والأولوية كانت منصبه على العلاج قبل العقاب، أى أن الإصلاح والتأهيل هو العلاج، ويأتى هنا دور المهن الاجتماعية لدراسة الحالة، حيث لا يولد إنسان مجرما على الإطلاق وبالتالى إذا أقر المجتمع بأن هؤلاء المجرمين أعضائه فعليه أن يعيدهم إلى سلوكه وقيمه، بدلا من التركيز على العقاب البدنى والنفسى والذى لا يفيد مع من وصلت به الدرجة إلى العناد للنظام المجتمعى.
- أين النقابة من انتشار مسميات جديدة للتعامل مع المشكلات المجتمعية مثل " اللايف كوتشينج - استشارى المشاكل الزوجية"، وغيرها؟
أعددنا قانونا لمزاولة المهن الاجتماعية وأرسلناه لوزارة التضامن، ونرغب فى تقديمه لمجلس النواب، لتحديد من هم المؤهلين للعمل كأخصائيين اجتماعيين، وما الدور الذى يمكن أن يقوم به، ومتى يُصرح له العمل منفردا، وما هى المعايير والضوابط التى تجعل المجتمع آمنا، حيث نرى الآن فى الشوارع لافتات ملئ السمع والبصر تحجب الشمس خاصة بمراكز تخاطب، ومركز تدريب المقبلين على الزواج أو الطلاق، وغيرهم بمسميات كثيرة أخرى، أغلبهم ينتحلون صفة نظرا لأنهم غير حاصلين على شهادات تؤهلهم لهذا العمل أو ضمن مؤهلات الاخصائيين الاجتماعيين، وهذا نتاج عشوائية السلوك الإنسانى.
والقانون سيحمى المجتمع من الممارسات الخاطئة، حيث لا يجب أن يمارس أى إنسان مهنى أى علاج لأى سلوك دون أن تعلم النقابة، لمحاسبته حال تسببه فى أخطاء أو أضرار، مثل تراخيص الصيدليات من نقابة الصيادلة مثلا.
- لماذا لا نشعر بدور الأخصائيين فى المدارس؟
أعداد الأخصائيين الاجتماعيين بالمدارس ليست نفسها المُقررة عالميا، حيث يُخصص لكل 50 فرد أخصائى نفسى، لكن لدينا في المدرسة بشكل كامل أقصى تقدير هناك 2، ولأنه لا يقوم بالأدوار المنوطة به، ولا تتاح له الفرصة لملاحظة سلوك الطلاب وعلاجه، وبالتالى يتم تحميله مسئولية تنظيم الرحلات أو الحصص الاحتياطية.
- هل تؤثر الجوائح على السلوك الإنسانى؟
بالطبع، سلوك ما قبل كورونا، غير السلوك البشرى بعد كورونا، فمسألة التفاعل والمعاملة عن قُرب أصبحت فعل ماضى وإن كان هناك بعض الناس مازالوا متمسكين بها، وهى أمور قد يترتب عليها الكثير من الأمور بالصحة النفسية مثل القلق والإضطراب النفسى، نتيجة لتأثر البعض بالعزلة وشعورهم بعدم الثقة، ناهيك عن التأثير الاقتصادى على مستوى العالم.
- لماذا توقفت النقابة عن صرف المعاشات منذ عام؟
المورد الوحيد للنقابة هو اشتراكات الأعضاء، والتى حددها القانون منذ عام 73 حتى عام 93 بقيمة 12 جنيها سنويا، ومنذ 93 وحتى 2009 كانت قيمته 24 جنيها سنويا، وبدءا من 2009 وحتى 2018 أصبح الاشتراك 48 جنيها، أى أنه إذا عمل الأخصائى الاجتماعى عملا متواصلا لمدة 35 عاما فلن يزيد ما يتم تحصيله منه عن 650 جنيها كحد أقصى، ويتم توزيعهم 25% النقابات الفرعية، 15% للنقابة العامة، و60% صندوق المعاشات أى حوالى 400 جنيه فقط طوال فترة الخدمة، وبالتالى كيف ينتظر أن يكون هناك معاشات نقابيا لائقا بالأعضاء وهو لا يتعد إجمالى ما يسدده الـ500 جنيه.
والنقابة لا تحصل على أى إعانة من أى جهة، ووزارة التضامن كانت تدفع 5 آلاف جنيه سنويا منذ عام 92 لم يتخطوا حاليا الـ10 آلاف جنيه حتى الآن، لكننا حاولنا مع وزارة المالية فى زيادة موارد النقابة، لكن ذلك دون جدوى، وحاليا خاطبت وزيرة التضامن لتعديل قانون النقابة لتغيير مصادر دخولها، وأن تصبح الجمعية العمومية للنقابة هى الوحيدة التى لها سلطة تحديد المعاش والاشتراك وفقا لتقرير الحساب الاكتوارى، وانتهينا من إجراء دراسات حول القانون التى يمكن تغييرها بما فيهم قانون مزاولة المهنة.
كما أن قيمة المعاش 50 جنيها يتم دفعها كل 3 أشهر، لكن النقابة توقفت منذ عام عن سداد المعاشات، حيث أكد الجهاز المركزى للمحاسبات أن هناك مناقضة فى استمرار الصرف، حيث حقق الصندوق رقما سلبيا مخيفا، بقيمة -23 مليون جنيه، وبالتالي طالبنا الجهاز بإصلاح الصندوق لضمان استمرارية الدفع.