أزمة سياسية تعصف بالصومال، بين الأطراف الحاكمة على خلفية ارتفاع حدة الخلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء، يتخللها مشهد انتخابى معقد لمجلس الشعب الفيدرالى، ومجاعة تدق الأبواب بسبب الجفاف الشديد الذى يتعرض له البلد الأفريقى أضف إلى ذلك حركة الشباب الإرهابية الموالية للقاعدة التى تهدد البلاد بين لحظة وآخرى.
بدأت فصول الأزمة السياسية منذ فبراير 2021 بين الرئيس محمد عبد الله فرماجو، ورئيس وزرائه محمد حسين روبل، عندما حاول الرئيس تمديد فترة ولايته التي استمرت 4 سنوات لمدة عامين، مما أثار مناوشات بين فصائل الجيش المتناحرة فى العاصمة مقديشو، وبات فراغ السلطة يعصف بالبلاد.
ومنذ ذلك الحين، توصل الجانبان إلى اتفاق يسمح لهما بالبقاء فى مناصبهما لحين إجراء انتخابات لتشكيل برلمانات محلية ووطنية جديدة وحكومة اتحادية. وعلى الرغم من الجهود الواضحة لتهدئة التوترات، فى ظل نظام الانتخابات غير المباشرة، لم يتم تحديد موعد لانتخاب الرئيس المقبل للصومال.
وتصاعدت التوترات مرة أخرى هذا الأسبوع عندما علق الرئيس عمل رئاسة الوزراء للاشتباه فى فساد بعد اتهامه بتأجيل الانتخابات. وبدوره، اتهم روبل عبد الله بمحاولة انقلاب، بعد أن "اقتحم" مكتبه فى محاولة "لإطالة قبضته على الرئاسة"، الأمر الذى دفع قوات موالية لروبلى لتنظيم مسيرات فى الشوارع.
بدوره دعا رئيس البرلمان العربى عادل بن عبد الرحمن العسومى، مختلف الأطراف الصومالية إلى الانخراط فى حوار وطنى بنّاء يضمن الحفاظ على الإنجازات التى تحققت على صعيد بناء مؤسسات الدولة خلال السنوات القليلة السابقة، ويقود إلى عقد الانتخابات العامة فى البلاد فى أسرع وقت ممكن، ووضع مصالح الشعب الصومالى فوق أى اعتبار.
وطالب رئيس البرلمان العربى جميع الأطراف الصومالية بالتحلى بالحكمة وضبط النفس، وتجنب أى تصعيد قد يقود البلاد إلى العنف؛ وذلك على خلفية تصاعد الخلافات السياسية حول القضايا المتعلقة بالانتخابات البرلمانية والرئاسية فى البلاد، وما قد تشكله هذه الخلافات من تهديد للسلام والاستقرار فى البلاد.وأكد دعم البرلمان العربى الكامل للصومال، بما يحقق آمال وتطلعات الشعب الصومالى فى الاستقرار والسلام.
كما دعت الجامعة العربية الأطراف الصومالية للحوار للتعامل مع خلافاتهم، وصرح مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية بأن الأمين العام للجامعة يتابع ببالغ القلق التطورات السياسية الحالية فى الصومال، وما قد تشكله هذه الخلافات من تهديد للسلام والاستقرار.
وفى وقت أعلنت الولايات المتحدة أنها ستتخذ إجراءات ضد أى شخص يحاول زعزعة السلام فى الصومال، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، موسى فقى محمد، عن قلقه العميق إزاء التوتر السياسى الحالى الخطير فى الصومال.
يأتى هذا بينما تسعى الولايات الصومالية لاستكمال انتخابات مجلس الشعب الفيدرالى التى انطلقت مطلع نوفمبر الماضى، أصدرت لجنة الانتخابات الصومالية بولاية جنوب الغرب، اليوم السبت، قائمة 11 مقعدا تترشح لعضوية مجلس الشعب للبرلمان الفيدرالى، وفقا لوكالة الأنباء الصومالية سونا.
وبحسب البيان الصادر عن مكتب اللجنة فإنه سيتم الشروع فى عملية تسجيل المرشحين لعضوية مجلس الشعب الفيدرالى عن ولاية جنوب الغرب، ومنحهم الشهادات خلال الأيام القادمة دون تحديد الموعد.وكانت ولاية جنوب الغرب، انتخبت فى الأسابيع الماضية أعضاءا جددا تنضم إلى مجلس الشعب.
وفى ديسمبر الماضى قال رئيس الوزراء الصومالى روبلى أن إجراء الانتخابات الرئاسية هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة فى البلاد، مشيرا إلى أنه أصدر تعليمات للأجهزة الأمنية بالحفاظ على الأمن.
وفى ظل هذه الأزمات يتنامى الارهاب وتتوغل حركة الشباب الأرهابية مع مخاوف من سيطرتها على الحكم، وقالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية "بعد عام تقريبا على سحب واشنطن قواتها من الصومال، شجع تأجيل الانتخابات المسلحين، من بينهم حركة الشباب المتشددة، ما يهدد بسقوط البلاد فى فوضى أعمق".وأضافت أن حركة الشباب كانت تشن أعمال تمرد فى أجزاء من الصومال منذ أكثر من 10 أعوام.
ليس الارهاب فحسب، ففى غضون ذلك، تتسلل المجاعة نحو البلد الأفريقى لتعيد إلى اذهان الأفارقة شبح مجاعة 2011، بسبب الجفاف الشديد، وفى هذا السياق، قال آدم عبد المولى، منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية فى الصومال، أن عقودًا من الصراع والظواهر الجوية القاسية، فى الصومال أثرت على البلاد، لافتا إلى أن هناك علامات على إحراز تقدم وسط مجموعة من التحديات المستمرة، وفى حين أن هذه علامات مشجعة على التقدم، يجب ألا ننسى تحديات الصومال التى طال أمدها".
ووفقًا لتوقعات الأمم المتحدة للعام المقبل، سيحتاج ما يقدر بنحو 7.7 مليون صومالى (ما يقرب من نصف سكان البلاد) إلى المساعدة الإنسانية والحماية، ولا تزال النساء والأطفال يتحملون وطأة الأزمات الإنسانية المعقدة فى الصومال، لا سيما بين مجتمعات النازحين داخليًا.