فشلت حركتا فتح وحماس فى إنهاء الانقسام الفلسطينى على مدار 9 سنوات رغم الجهود الكبيرة التى تبذلها القيادة المصرية لنزع فتيل الأزمة بين الحركتين والدفع باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطى صفحات الانقسام الفلسطينى، وفتح صفحة جديدة بين أبناء الشعب الواحد للم الشمل الفلسطينى وترتيب البيت الداخلى، والتفرغ بشكل كامل لقضية العرب الأولى وهى القضية الفلسطينية.
وبلا شك يؤثر الانقسام الفلسطينى على القضية المركزية للدول العربية التى تشهد حالة من التشتت فى ظل الوضع الراهن فى المنطقة، وأدى تناحر فتح وحماس وتبادل الاتهام وحملات التخوين لوجود هوة كبيرة بين أبناء الحركتين، مما أدى لزيادة الاحتقان بين أبناء الشعب الواحد، إضافة لسعى البعض لتحقيق مصالح شخصية ومكاسب لا تخدم أبناء الشعب الفلسطينى.
وعلى مدار تسع سنوات من الفشل والدمار الذى حل بقطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلى ونجاح تل أبيب فى تفتيت أبناء الشعب الواحد اجتماعيا وجغرافيا، وبالرغم من المحاولات التى بذلتها الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة، تراوغ الأطراف الفلسطينية فى إنجاز المصالحة بشكل كامل لطى صفحة الانقسام التى ستدفع بالقضية لمستنقع الهاوية.
وقد بذلت الفصائل الفلسطينية وفى مقدمتها حركة الجهاد الإسلامى وأمينها العام رمضان شلح الذى يقوم بجولات مكوكية ولقاءات مكثفة مع أبناء حركتى فتح وحماس لإقناعهم بتحقيق المصالحة الشاملة بين أبناء الشعب الفلسطينى، وسعت حركة الجهاد فى السنوات الأخيرة للم الشمل الفلسطينى ورأب الصدع كى تنفرج الأزمات على كافة الأصعدة ولاسيما آلية العمل على معبر رفح وتنسيق المواقف مع مصر فى العديد من الملفات والتفرغ للقضية الفلسطينية التى عانت من الترنح فى السنوات الخمس الأخيرة.
ويبدو أن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى قد فشل فى مهمته بشكل كامل لذلك فضل الصمت اعتراضا على تعنت الحركتين المتصارعتين على سلطة زائلة ، وشعوره باليأس من الحالة التى وصلت إليها القضية الفلسطينية وسط الصراع الدولى والإقليمى على المنطقة، وتمثلت تحركات قائد حركة الجهاد فى محاولة تخفيف الاحتقان بين الأشقاء الفلسطينيين ومحاولة تقريب وجهات النظر وتذكير حركتى فتح وحماس بدورهم الوطنى تجاه القضية الفلسطينية ومسئوليتهم عن تردى الأوضاع لكن ما حدث فى الدوحة يؤكد فشل كافة الأطراف الفلسطينية من قيادات فى السلطة وفى حركة حماس فى التوصل لحل ينهى الانقسام الفلسطينى.
واستغلت الدوحة الحالة الفلسطينية والصراع القائم بين حركتى فتح وحماس واستضافت اجتماعات للحركتين منذ مارس الماضى، بزعم محاولة التوصل لاتفاق شامل ينهى الانقسام الفلسطينى، لكن التصرفات الأخيرة التى خرجت من الدوحة من نشر صور لوفد فتح أثناء تناولهم لوليمة أعدت للوفد ونشر "الجزيرة" لتقرير لأبناء الرئيس عباس يؤكد اصطياد قطر فى الماء العكر لإفساد العلاقة بشكل كامل، وذريعة قطر فى استضافة القيادات الفلسطينية تواجد رئيس المكتب السياسى خالد مشعل على أراضيها واتصالاتها بالحكومة والسلطة الفلسطينية لمتابعة ملف الاعمار فى البلاد.
والمتابع للملف الفلسطينى بشكل دقيق ولاسيما العلاقة بين فتح وحماس يلاحظ أن القيادة الفلسطينية تحتاج لدماء جديدة تحمل بارقة أمل لأبناء الشعب الفلسطينى المحبط، ولاسيما مع تأكيد القيادة الفلسطينية تسليم الراية لجيل جديد من الشباب الفلسطينى، وكذا هو الحال مع قيادة حماس التى تحتاج لقيادة جديدة تكون قادرة على الحسم واتخاذ قرارات جريئة وتضحيات من أجل أبناء الشعب الفلسطينى الذى تسلل اليأس إلى قلبه، وتأكيد رئيس المكتب السياسى لحركة حماس على عدم ترشحه لفترة جديدة يبعث الأمل داخل نفوس الفلسطينيين أملا فى تولى قيادة جديدة تعمل لصالح الشعب الفلسطينى وليس لأهداف ومصالح شخصية.
ويحسب للقيادة المصرية صبرها ومحاولاتها المستمرة وإصرارها على تحقيق الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطينى، والتأكيد على ضرورة نزع فتيل الأزمة بين حركتى فتح وحماس، ونجحت الدولة المصرية عام 2011 فى دفع فتح وحماس للتوقيع على اتفاق القاهرة، وهو الأفضل حتى اللحظة لكن قادة الحركتين يلجأون للتنصل من بعض البنود ويعمل الطرف الآخر على وضع عراقيل لتطبيق الاتفاق لتحقيق مصالح لا تخدم القضية الفلسطينية بل تنال منها فى المحافل الإقليمية والدولية.