على مدار أيام انعقاد جلسات منتدى شباب العالم، وفى جلساته المثمرة العديدة، كانت أفريقيا حاضرة بشبابها وقضاياها، فى المناقشات والتوصيات، فى الافتتاح والختام، وبقدر ما أصبح منتدى شباب العالم، تعبيرا عن البعد الدولى والإقليمى، أفريقيا موجودة تطل كل لحظة، وليس هذا مجرد تكتيك، لكنه استراتيجية تعمل عليها مصر والدولة بمختلف مؤسساتها، انطلاقا من وحدة المصير والرغبة فى تقوية القدرات الأفريقية والتعاون الثنائى، لأن أفريقيا تستحق ما هو أكثر من ذلك.
مصر تتعامل مع القارة باعتبارها امتدادا استراتيجيا، ظهر هذا واضحا فى التوصيات التى خرجت من المنتدى، لتتفاعل مع القضايا العالمية التى تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الواقع الإقليمى، وعلى رأسها الفقر، وهو قضية شغلت جزءا من مناقشات المنتدى، وقدمت مصر تجربة مهمة، واعتبرت أن التنمية والمشروعات وكل الخطط التى وُضعت، كانت هدفها الأول والأكبر هو مواجهة الفقر، ومنح المواطنين القدرة على الاندماج فى التنمية بشكل يجعلهم قوة إضافية، ولم تتأخر مصر عن تقديم تجربتها من خلال منح وفرص للأفارقة للتدريب والتعامل مع القضايا المطروحة، وخلال سنوات قدمت مصر مبادرات ومنحا دراسية للأشقاء فى أفريقيا، حتى يمكنهم التعامل والتفاعل مع التجربة المصرية.
وتضمنت توصيات منتدى شباب العالم، توحيد الجهود الأممية لتأسيس منصة تابعة للأمم المتحدة، تعنى بضمان التمويل اللازم لمسار إعادة الإعمار، وتنسيق السياسات المتعددة بين جميع الأطراف تحت مظلة واحدة، وذلك لمساعدة الدول التى تعرضت لصراعات وهزات دمرت بنيتها الأساسية وحرمت مواطنيها من ضرورات الحياة، ودفعتهم إلى محاولة الهروب عن طريق الهجرة غير الشرعية، بما يعرضهم لأخطار وأهوال أخرى.
وفيما يتعلق بفيروس كورونا، والإطار الذى يدور فيه المنتدى، وكيفية تجاوز تأثيرات الجائحة الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فى الدول الفقيرة، أوصى المنتدى منظمة الصحة العالمية بتبنى مبادرة للاعتراف المتبادل باللقاحات، وتوسيع التعامل مع اللقاحات بما ينهى سيطرة الدول الكبرى، ويخرج اللقاحات من المنافسة السياسية والتجارية، لكون اللقاحات تتعلق بحياة البشر.
وفيما يتعلق بقضية «التغير المناخى»، والتى ظلت مجرد قضية يتم تناولها فى قمم المناخ، حتى قمة «جلاسكو»، حيث طرح الرئيس عبدالفتاح السيسى مطالب القارة الأفريقية ودعا الدول الصناعية إلى الوفاء بالتزاماتها وتقديم 100 مليار دولار لطرحها فى قمم المناخ، بل وعرضت مصر استضافة قمة المناخ cop 27، وهو ما يمكن أن يسهم فى حلحلة هذه الملفات، وجعل الدول الكبرى تلتزم، خاصة أن الدول الكبرى مسؤولة عن أكثر من 50% من أزمة التغيرات المناخية، كما أن قضية التغير المناخى ليست رفاهية، لأنها تشكل خطرا على البشر، وتتسبب فى فيضانات وجفاف وكوارث طبيعية.
البعد الأفريقى انعكس فى التوصيات، والتى تضمنت تأسيس مجلس أعمال مشروعات أفريقيا، الذى يجمع رواد الأعمال من الشباب ورجال الأعمال بهدف توفير وربط أفكار وابتكارات الشباب بفرص العرض والتمويل، استمرارا لجهود الدولة المصرية، حيث حرص الرئيس السيسى على طرح القضايا الأفريقية من خلال منتديات وفعاليات: «أفريقيا، روسيا، أوروبا، اليابان، الصين»، وتقدم مصر العديد من الفرص للمنح التعليمية والتدريب بل والعلاج للأفارقة، بل إن مصر مدت مظلة المبادرات الصحية المصرية إلى أفريقيا، وفتحت الباب لعلاج مليون أفريقى من فيروس سى، ومد مراكز طبية وقوافل إلى القارة، وكل هذا يتم من منطلق الدور المصرى والعلاقة الاستراتيجية والدفاع عن مصالح الأفارقة، باعتبار هذا جزءا من الدائرة الأفريقية إحدى دوائر مصر الاستراتيجية.