أكد السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك أن الأرض الفلسطينية المحتلة شهدت تزايد عمليات القتل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل خاصة الأطفال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، الذين تزايدت انتهاكاتهم على مرأى ومسمع من قوات الاحتلال دون توفير الحماية اللازمة للفلسطينيين، بالإضافة إلى ما شاهدناه مؤخراً من قرار إسرائيل تصنيف ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية باعتباره منظمات إرهابية على الرغم من أنها تتعاون مع الجهات الدولية المانحة وعلى رأسها الأمم المتحدة.
ولفت "عبد الخالق" خلال كلمته بجلسة النقاش المفتوح لمجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية أن شهر ديسمبر الماضي شهد مرور خمسة أعوام على اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016، حيث أكد القرار على كافة المبادئ التي تضمنتها القرارات السابقة للمجلس بشأن القضية الفلسطينية، فضلاً عن التأكيد على عدم شرعية النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، وأهمية التمييز بين الأراضي التي احتلت عام 1967 وإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال.
وأوضح مندوب مصر أنه على الرغم من مرور خمسة أعوام على اعتماد القرار ونحو 74 عاماً على نكبة عام 1948 و55 عاماً على نكسة عام 1967، إلا أن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة لا يزال يشهد مزيداً من التدهور بصورة متسارعة في مخالفة صريحة للقرار 2334 لعام 2016 وكافة قرارات مجلس الأمن السابقة. فقد تزايدت وتيرة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، وهدم المنازل والمنشآت الفلسطينية بما في ذلك الممولة من الجهات المانحة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، فضلاً عن محاولات تهجير العائلات الفلسطينية قسراً من منازلهم بالشيخ جراح وسلوان بالقدس الشرقية المحتلة.
وتطرق السفير أسامة عبد الخالق إلى ما شهدته الأرض الفلسطينية المحتلة خلال شهر مايو الماضي من تصعيد خطير أودى بحياة نحو 253 شهيداً من المدنيين العزل من بينهم نحو 66 طفلاً و39 سيدة، مضيفا "وفي ضوء ذلك تطالب المجموعة العربية من المجتمع الدولي توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بشكل فوري، كما نطالب بوقف كافة إجراءات الاحتلال غير القانونية وانتهاكاته لحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، بما في ذلك الاعتداء على المدنيين وبناء المستوطنات والتهجير القسري ومصادرة الأراضي وهدم المنازل والبيوت."
وطالب السفير أسامة عبد الخالق في كلمته نيابة عن المجموعة العربية بالضغط على اسرائيل للتراجع عن تصنيفها لمنظمات المجتمع المدني الفلسطينية بالإرهاب، ونطالب الدول والجهات المانحة لهذه المنظمات بعدم التعاطي مع هذا التصنيف والاتهام المفبرك، بما في ذلك من خلال مواصلة دعم هذه المنظمات.
وتدعو المجموعة العربية مجدداً للتأكيد على ضرورة احترام الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس الشرقية والوصاية الأردنية الهاشمية على الأماكن المقدسة، بما في ذلك الحرم الشريف. وفي هذا الإطار، تثمن المجموعة العربية الجهود المتواصلة للملك عبد الله الثاني بن الحسين، الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، لإحلال السلام والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة، وخصوصاً في المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف. كما تثمن المجموعة كثيراً الجهود المتواصلة لجلالة الملك محمد السادس العاهل المغربي في ظل رئاسة المغرب الشقيق للجنة القدس، مرحبة بتوقيع جلالته مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان على "نداء القدس" بمدينة الرباط في 30 مارس 2019 من أجل الدعوة لجعل القدس مدينة للسلام والأخوة والتسامح والتعايش بين أتباع الديانات السماوية الثلاث.
وأشادت المجموعة العربية بدعم الجزائر للسلطة الفلسطينية بـ 100 مليون دولار من أجل مساعدتها على تجاوز الضائقة المالية التي تمر بها وتنوه بدعوة الرئيس عبد المجيد تبون الفصائل الفلسطينية للاجتماع بالجزائر لتوحيد الصف الفلسطيني وتقدر الخطوات التي تم اتخاذها في سبيل تحقيق هذا المسعى، مثمنة كذلك جهود مصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتثبيت وقف إطلاق النار بالتعاون مع كافة الأطراف المعنية، والإعلان عن تخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة عبر مشروعات تنفذها الشركات المصرية، وبحث سبل استئناف المفاوضات عبر استضافة اجتماع سداسي خلال الشهر الماضي بمشاركة وزراء الخارجية ورؤساء أجهزة المخابرات في كل من دولتي الأردن وفلسطين الشقيقتين.
وأكد السفير أسامة عبد الخالق أن استمرار الاحتلال لن يؤدي إلا إلى المزيد من التصعيد، حيث يستحيل تصور استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه تحت دعاوى أن الوضع الراهن غير مناسب لاستئناف المفاوضات أو الاكتفاء بإجراءات بناء الثقة بمعزل عن عملية سياسية تهدف لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام. لذا تشدد المجموعة العربية على ضرورة وضع رؤية لضمان احترام القانون الدولي ووقف الإجراءات الأحادية غير الشرعية واستئناف المفاوضات في أسرع وقت ممكن عبر الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام بناء على المرجعيات الدولية المتفق عليها ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وفي هذا الصدد تدعو لتفعيل كل من الرباعية الدولية على المستوى الوزاري ومجلس الأمن باتجاه تحقيق الحل العادل للقضية الفلسطينية بموجب قراراته.
ودعا "عبد الخالق" إلى تقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني بما في ذلك عبر دعم الحكومة الفلسطينية ووكالة الأونروا، التي مازالت تعاني من أزمة مالية تمنعها من القيام بولايتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين بصورة كاملة.
وتابع مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة "وفي الوقت الذي نسعى فيه لتحقيق الاستقرار والأمن الإقليميين عبر تسوية كافة الأزمات طبقاً للقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، فقد شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة هجوماً إرهابياً استهدف عاصمتها. ومن هذا المنطلق، فإن المجموعة العربية تدين بأشد العبارات استهداف ميليشيات الحوثي الإرهابية للمدنيين ولمناطق ومنشآت مدنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتؤكد على ضرورة وقوف المجتمع الدولي صفاً واحداً في مواجهة هذا العمل الإرهابي الذي يهدد السلم والاستقرار الإقليميين."
وأكد السفير أسامة عبد الخالق باسم المجموعة العربية على أن السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقق سوى بتحرير الأراضي العربية التي احتلت عام 1967 في فلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا وشمال قرية الغجر والمنطقة المجاورة، ووقف كافة الإجراءات الأحادية بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية، والالتزام الكامل بمقررات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرارات الأمم المتحدة ومبادئ الميثاق خاصة حق تقرير المصير واحترام السيادة والتكامل الإقليمي للدول، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى.