لم تتوقف الدولة المصرية عن توسيع دوائرها الخارجية إقليميا ودوليا، وهذا التحرك باتجاهات مختلفة، سواء فيما يتعلق برسم مواقف وتنسيق الرؤى السياسية إقليميا ودوليا، وفتح آفاق كبيرة لتعميق التعاون، وبناء علاقات اقتصادية وتجارية، فضلا عن العلاقات الصناعية والتقنية، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، قامت السياسة الخارجية على استراتيجية الشراكة والتعاون، وفتح الأسواق، وبناء علاقات متوازنة تضاعف من إمكانات التعاون.
وتأتى العلاقات «المصرية - الكورية» فى سياق سياسات مصر المنفتحة والداعمة للتعاون والشراكة، حيث استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، نظيره «مون جيه إن»، رئيس جمهورية كوريا الجنوبية، حيث عقدا جلسة مباحثات ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة ضمت وفدى البلدين، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، والتعاون فى مجال تطوير قطاع السكك الحديدية، إحدى أولويات الدولة المصرية، فى إطار التطوير الشامل والتحديث لقطاع النقل، من حيث الشكل والقدرات، والأمان ضمن بناء النقل العام والجماعى، واتجاه مصر لإحداث نقلة نوعية فى عملية التنمية الجارية حاليا بخطوات متسارعة، وباعتباره مرفقا حيويا يرتبط بحياة وحركة ملايين المصريين يوميا.
زيارة الرئيس «مون جيه» هى أول زيارة لرئيس كورى جنوبى لمصر منذ 16 عاما، وإشادته بعمق العلاقات بين البلدين الصديقين، والزخم الملحوظ الذى تشهده، وأهمية تفعيل الشراكة التعاونية الشاملة بين الجانبين، بما يتناسب مع إمكانات ومقدرات مصر وكوريا الجنوبية، ويساعد مصر على الاستفادة من التجربة التنموية الفريدة لكوريا الجنوبية.
مباحثات مصر وكوريا تناولت آفاق تعظيم التعاون بين البلدين فى توطين صناعة السيارات الكهربائية بمصر، وهى أحد الأهداف المصرية فى سياق تحديث النقل، وأيضا توسيع أدوات النقل الصديقة للبيئة، والتوسع فى إنتاج السيارات الكهربائية، أو تقليل سيارات البنزين والسولار، خاصة مع قرب تنظيم مصر للنسخة الـ27 من قمة المناخ خلال العام الجارى، والسعى لمعالجة التغير المناخى.
وبالطبع، فإن مباحثات التعاون تطرقت إلى أفق التعاون فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والرقمنة، وهى مجالات تحقق فيها كوريا خطوات متقدمة، والأمر ذاته فى مشروعات البنية الأساسية، والتعدين، فضلا عن مناقشة سبل انخراط كوريا الجنوبية فى تنفيذ مبادرة «حياة كريمة»، والتعاون فى مجال الطاقة بمختلف أنواعها، وذلك فى ضوء حرص البلدين على تنويع وتأمين مصادرهما من الطاقة.
وبجانب هذه الآفاق، تم بحث سبل تعزيز التعاون العسكرى والأمنى بين البلدين، خاصة ما يتعلق بالتعاون فى التصنيع المشترك ونقل وتوطين التكنولوجيا، فى ضوء الدور المحورى الذى تقوم به مصر فى المنطقة، ومسؤوليتها لتحقيق الاستقرار والأمن ومكافحة الإرهاب، فضلا عما تتمتع به كوريا الجنوبية من قدرات تكنولوجية متقدمة، وصناعات عسكرية متطورة.
وبجانب التعاون الثنائى اقتصاديا وتقنيا، فإن القضايا الإقليمية والدولية تأخذ مساحة فى المباحثات، حيث تم التطرق لتطورات الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتوافق الرؤى خاصة تجاه تطورات الأزمة الليبية، حيث أكد الرئيس «السيسى» من جانبه، أن استقرار الأوضاع الداخلية فى ليبيا، يمثل أولوية بالنسبة لمصر، كما أكد الرئيس - فى السياق ذاته - دعم مصر الدائم لكل الآليات التى تضمن أمن واستقرار شبه الجزيرة الكورية.
الرئيس الكورى «مون جيه» أكد تطلع بلاده لتطوير وتعزيز علاقات كوريا الجنوبية مع مصر، فى ظل دورها المحورى الرئيسى لإرساء دعائم الاستقرار والأمن فى منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، بالإضافة إلى اهتمام الجانب الكورى بزيادة استثماراته فى المشروعات التنموية الكبرى ومشروعات البنية الأساسية فى مصر، وكذا المشروعات الأخرى فى جميع القطاعات.
زيارة الرئيس الكورى الجنوبى لمصر، تأتى فى سياق سياسات مصر المنفتحة للتعاون والشراكة، ضمن سياسة خارجية تقوم على توازن واستقرار.