"عقارب يوم القيامة".. قصة ساعة رمزية يديرها مجموعة علماء للتحذير من "دمار الكوكب".. تأسست عام 1947 للتوعية بالصراع النووى بين الكبار.. وبى بى سى: 100 ثانية تفصلها عن نقطة الدمار

ساعة رمزية يعود تاريخها إلى عام 1947 تم تدشينها للتحذير من الأخطار التي تهدد البشرية وتنبئ باقتراب دمار كوكب الأرض، ليكون اسمها "ساعة يوم القيامة"، وبحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، فإن الساعة علم بأمرها الباحث في المخاطر الوجودية اس جيه بيرد في منتصف ‏التسعينات، عكست منذ ذلك الحين مدى قرب البشرية من نهاية العالم، مشيرا إلى انه لسنوات عديدة كان يعتقد أن عقاربها بمثابة ‏عد تنازلي للوقت المتبقي قبل النهاية، لكن اتضح أن هذا لم يكن دقيقًا تمامًا.‏ ووفقا لشبكة بي بي سي، ينشر العلماء المسؤولون عن "ساعة يوم القيامة" في نشرة علماء الذرة حكمهم ‏السنوى للمرة الخامسة والسبعين هذا العام، ودائما ما يسلط هذا الإعلان الضوء على الشبكة المعقدة ‏من المخاطر الكارثية التي تواجه البشرية، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل والانهيار البيئي ‏والتكنولوجيات المدمرة.‏ وفي عام 2020، أعلنت رئيسة النشرة، راشيل برونسون، رسميًا أن عقارب الساعة اقتربت من نهاية العالم ‏أكثر من أي وقت مضى - ولم يتبق سوى 100 ثانية فقط. لكن لفهم ما يعنيه ذلك حقًا، يتعين فهم قصة ساعة يوم القيامة، ومن أين أتت، وكيف نقرأها، وما تخبرنا به عن المأزق الوجودي للبشرية.‏ ضبط الساعة في وضع الحركة كانت السرعة التى تطورت بها التكنولوجيا النووية مذهلة، حتى للمشاركين في التطوير، ففي عام 1939، ‏كتب العالمان ألبرت أينشتاين وليو تسيلارد إلى رئيس الولايات المتحدة عن تطور مفاجئ في التكنولوجيا ‏النووية كان قوياً وله عواقب في ساحة المعارك، لدرجة أن قنبلة نووية واحدة "يحملها قارب وتنفجر في ‏ميناء، يمكن أن تدمر الميناء بالكامل".‏ وأدت هذه الرسالة إلى تأسيس تعاون علمي وعسكري وصناعي هائل يعرف بـ "مشروع مانهاتن"، الذى ‏أنتج بعد ست سنوات فقط قنبلة أقوى بكثير من تلك التي تخيلها أينشتاين وتسيلارد، قادرة على تدمير ‏مدينة بأكملها وسكانها. وبعد سنوات قليلة فقط، كانت الترسانات النووية قادرة على تدمير الحضارة كما ‏نعرفها.‏ وأثير القلق العلمي الأول من أن الأسلحة النووية قد تكون قادرة على إنهاء البشرية من قبل العلماء ‏المشاركين في التجارب النووية الأولى، إذا كانوا قلقين من أن أسلحتهم الجديدة قد تتسبب عن طريق ‏الخطأ في إشعال الغلاف الجوي للأرض. وسرعان ما تبددت هذه المخاوف وثبت - لحسن الحظ - أنه لم ‏تكن لها أساس من الصحة.‏ ومع ذلك، استمر العديد ممن عملوا في "مشروع مانهاتن" في إبداء تحفظات قوية حول قوة الأسلحة التي ‏ساعدوا في صناعتها. وبعد أول محاولة ناجحة لتقسيم الذرة في جامعة شيكاغو عام 1942، تشتت فريق ‏العلماء العاملين في مشروع مانهاتن، وانتقل العديد منهم لمختبرات حكومية أخرى لتطوير أسلحة نووية، ‏في حين بقي آخرون في شيكاغو لإجراء أبحاثهم الخاصة، وكثير منهم كانوا مهاجرين إلى الولايات المتحدة ‏ومدركين تمامًا للتشابك بين العلم والسياسة.‏ وبدأوا بنشاط العمل على الحفاظ على مستقبل التكنولوجيا النووية آمنا. على سبيل المثال، ساعدوا في ‏تقديم "تقرير فرانك" في يونيو 1945، والذي توقع حدوث سباق تسلح نووي خطير ومكلف، وعارضوا ‏شن هجوم نووي مفاجئ على اليابان. وبالطبع، فإن توصياتهم لم تلق قبولا من صناع القرار في ذلك ‏الوقت.‏ وواصلت هذه المجموعة عملها وأطلقت ما يسمى بـ "نشرة علماء الذرة في شيكاغو"، والتي تعرف ‏اختصارا بـ "النشرة"، وجاء عددها الأول بعد أربعة أشهر فقط من القنبلة الذرية على هيروشيما وناجازاكي.‏ وبدعم من رئيس جامعة شيكاغو، ومشاركة زملاء في القانون الدولي والعلوم السياسية والمجالات الأخرى ‏ذات الصلة، ساعد هؤلاء العلماء في إطلاق ودعم حركة عالمية تضم مواطنين عاديين وعلماء من أجل ‏التأثير على النظام النووي العالمي. أثبتت نجاحها في تأسيس "محظور نووي".‏ ومن خلال اختيار البقاء في شيكاغو، أشار المؤسسون إلى عزمهم التركيز على التواصل مع زملائهم العلماء ‏وأفراد الجمهور حول التحديات السياسية والأخلاقية للتكنولوجيا النووية، وبعد عامين من تأسيس ‏‏"نشرة علماء الذرة في شيكاغو"، قررت النشرة التحول من رسالة إخبارية مطبوعة إلى أن تصدر في شكل ‏مجلة من أجل إشراك أكبر عدد ممكن من القراء.‏ وفي هذه المرحلة، طلب المؤسسون من فنانة المناظر الطبيعية، مارتيل لانجسدورف، تصميم رمز ‏لغلاف المجلة الجديدة، وصممت أول ساعة ليوم القيامة.‏ وفي عام 1949، اختبر الاتحاد السوفيتي أسلحته النووية الأولى، وردًا على ذلك حرك محرر النشرة عقارب ‏الساعة من سبع إلى ثلاث دقائق قبل منتصف الليل. وبذلك، عمل على تنشيط الساعة، وتحويلها من ‏استعارة ثابتة إلى استعارة ديناميكية. ‏ وفي عام 1953، تحركت الساعة للأمام مرة أخرى، لمدة دقيقتين قبل منتصف الليل، بعد أن فجرت ‏الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي أول أسلحة نووية حرارية. وكان هذا هو أقرب توقيت إلى منتصف ‏الليل على هذه الساعة في القرن العشرين.‏ قراءة الساعة المقصود من ساعة يوم القيامة هو الإشارة إلى المستوى الحالي للمخاطر التي تواجه البشرية، وقد حاول ‏البعض بالفعل تقييم ذلك.‏ في عام 2003، قال مارتن ريس، عالم الكونيات والفلك البريطاني: "أعتقد أن احتمالات بقاء حضارتنا ‏الحالية على الأرض على قيد الحياة حتى نهاية القرن الحالي لا تتجاوز 50 في المئة".‏ وتحتوي قاعدة بيانات تقييمات المخاطر، التى جمعها باحث فى جامعة أكسفورد، حاليًا على أكثر من ‏‏100 تنبؤ من قبل مختلف العلماء والفلاسفة الذين يدرسون هذه المسألة. ومع ذلك، قد تكون هذه ‏التقديرات مفيدة لأنها قد تكون تقييمات بعيدة المدى.‏ كما يفسر مراقبو الساعة المتخصصون حركة "ساعة يوم القيامة" بشكل مختلف نوعًا ما، ولا يتمثل في ‏الإشارة إلى حجم الخطر الذي تواجهه البشرية، ولكن الهدف هو قياس مدى نجاحنا في الاستجابة لهذا ‏الخطر.‏ في عام 1962، جرى الاتفاق بشكل عام على أن أزمة الصواريخ الكوبية كانت أقرب حرب نووية على ‏الإطلاق في العالم، لكن حدوثها لم يحرك عقارب الساعة على الإطلاق. وقال اس جيه لشبكة بي بي سي: "إن أحداث مثل هذه ليست ببساطة هي ما نقضي معظم وقتنا في ‏دراستها أو الشعور بالقلق حيالها. في الواقع، إنها تقلبات طبيعية تمامًا في السياسة الدولية والدبلوماسية. ‏لكن ما يقلق الناس مثلي هو أولاً وجود أسلحة يمكن للقادة الاعتماد عليها في مثل هذه الأزمة، وثانيًا ‏المؤسسات والأطر غير الملائمة، وأحيانًا المختلة، لمنعهم من القيام بذلك. هذه المشاكل لا تنشأ عن ‏أزمات عالمية فردية، فهي ذات طبيعة نظامية وهذا ما تحاول ساعة يوم القيامة قياسه".‏



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;