«هيا ضعوا أيديكم فى أيدينا.. هيا نجمع قوتنا فى قوة واحدة؛ لنخطو معا نحو مستقبل التقدم المشترك»، كلمة موجزة ختم بها رئيس جمهورية كوريا الجنوبية «مون جيه إن» كلمته خلال اجتماع المائدة المستديرة لمؤتمر الأعمال المصرى الكورى فى حضور رئيس الحكومة والوزراء ورجال الأعمال من الجانبين، وذلك بعد مباحثات مثمرة وثرية مع الرئيس عبدالفتاح السيسى.
الرئيس الكورى أشار إلى تطلع بلاده للتعاون مع مصر فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهى صناعات المستقبل، خاصة أن العاصمة الإدارية الجديدة تتوافر بها قدرات مدينة ذكية ستصبح نموذجا للصناعات المستقبلية، وفى المقابل تتمتع كوريا الجنوبية بالقدرات التكنولوجية الحديثة، وتعد بذلك أفضل شريك لمصر فى مجال التحول الرقمى.
كلمة الرئيس الكورى تشير الى أن العلاقات بين مصر وكوريا تتجاوز الزيارات البروتوكولية إلى آفاق واسعة من التعاون والشراكة، ويلمح من تحركات وكلمات الجانب الكورى، أن هناك نظرة احترام وتقدير للطموح المصرى، وهو طموح يفتح أبوابا لتعاون أوسع، حيث تعتبر كوريا القاهرة بابا للقارة الأفريقية، وهو ما يؤكد عليه الرئيس الكورى بالقول «إن مصر تعد محورا للشبكة اللوجيستية العالمية بفضل قناة السويس، كما أن لديها العديد من اتفاقيات التجارة الحرة التى تربط بينها وبين القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا، ثم إن كوريا الجنوبية لديها شبكة واسعة من الاتفاقيات التجارية الإقليمية أيضا، وهو ما يمكن البلدين من الاستفادة من هذه الاتفاقيات التجارية فى تحقيق مزيد من التقدم فى الأسواق العالمية».
يبلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وكوريا الجنوبية نحو مليارى دولار سنويا، وتصل الاستثمارات الكورية إلى نحو 800 مليون دولار، وزاد عدد الشركات الكورية العاملة فى مصر إلى 33 شركة، وتحظى السيارات الكورية باهتمام كبير فى مصر، ويعكس ذلك مدى التعاون الاقتصادى النشط بين البلدين.
ويمتد التعاون فى مجال النقل بما يلبى حاجة مصر فى تطوير النقل الجماعى، وفى نفس الوقت توطين صناعة عربات المترو فى القاهرة، وحسبما أعلن «لى يونغ بيه» الرئيس التنفيذى لشركة هيونداى روتم، فإن الشركة تعتزم توطين مشروع لإنتاج 320 عربة قطار لمترو الأنفاق فى مصر بالتعاون مع الشركة الوطنية المصرية لصناعة السكك الحديدية «نيرك»، مستغلة خبراتها فى نقل التكنولوجيا، وسيتم تشغيل هذه العربات فى خطى مترو القاهرة الثانى والثالث، وسبق أن وردت الشركة 484 من عربات القطار لخطى مترو القاهرة الثانى والثالث حتى الآن، وقد بدأت أول مرة توريد عربات القطار لخط مترو القاهرة الأول فى عام 2012. كما تخطط الشركة الكورية لإجراء مراجعة نشطة لتصدير القطارات الكهربائية المصنوعة فى مصر إلى الأسواق المجاورة على المدى الطويل والمتوسط من خلال التعاون مع «نيرك»، مما قد يوفر لمصر فرصة لفتح مجالات تصدير جديدة.
نحن هنا أمام طموحات متبادلة، وإدراك من الجانب الكورى للطموح المصرى فى التحديث، وإصرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، على قيادة التحديث الشامل للدولة، وهذا الإدراك يقوم على دراسة لقياسات ومؤشرات دولية فيما يتعلق بتقييم إيجابى للتجربة الاقتصادية والاستثمارية المصرية.
حيث أكد الرئيس الكورى أن «الاقتصاد المصرى يتمتع بقدرات هائلة تؤهله نحو تحقيق التقدم والتطور، ويمثل الشباب نسبة كبيرة من إجمالى عدد السكان، وموقع جغرافى متميز، وتسعى مصر لتنفيذ رؤيتها لعام 2030 للتنمية المستدامة لتجسيد هذه الإمكانات وتحويلها إلى واقع فعلى، وهو ما منح مصر القدرة على استقطاب أكبر عدد من المستثمرين الأجانب خلال خمس سنوات على التوالى، على الرغم من تداعيات جائحة كورونا، حيث سجلت التجربة المصرية حالة من المرونة والتفاعل، قادرة على استمرار مشروعات التنمية، مع ضمان درجات كبيرة من الاحتراز.
كل هذه العناصر تكشف كيف أصبحت التجربة المصرية، لافتة وجاذبة، وقادرة على فتح آفاق التعاون وتوسيع العمل المشترك، ونقل وتوطين التكنولوجيا والخبرة والتجربة التنموية.