فى تقرير سابق وخلال تناولنا للإجابة على سؤال "كيف يستخدم الإخوان ولجانهم الإلكترونية منصات التواصل الاجتماعى فى نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأى العام؟"، رصدنا الأساليب الخمسة التى تعتمدها على جماعة الإخوان الإرهابية فى تحقيقها مسعاها الخبيث.
وفى هذا التقرير نصل إلى الجزئية الثانية التى تحدث عنها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية من خلال رصده الدقيق والشامل لكل تحركات وتكتيكات جماعة الإخوان الإرهابية، والمتعلقة بالأفكار الأساسية التى يجرى ترويجها والضخ المكثف باتجاهها.
وتعد منصات التواصل الاجتماعى الأداة الأهم والأكثر فاعلية لدى تنظيم الإخوان الإرهابى وعناصره فى الداخل والخارج لتأليب الرأى العام ضد القيادة السياسية منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى الآن؛ كون هذه المنصات تمثل قناة اتصال وتواصل مع فئات واسعة من الشعب المصرى وخاصة فئة الشباب الأكثر تأثًرا بما يتم ترويجه من قبل هذه العناصر واللجان الإلكترونية، كما أنها الأكثر قابلية للاستثارة لإحداث ما يصبو إليه تنظيم الإخوان من تغيير سياسى واجتماعى.
ويضاف إلى ذلك استغلال الجماعة لمنصات التواصل الاجتماعى فى تصدير صور زائفة خارجًيا توحى بوجود حالة من الغضب والسخط الشعبى العارم داخل مصر ضد القيادة السياسية، وأن الدولة المصرية بكافة أركانها على صفيح ساخن طوال الوقت جراء هذا السخط –المتنامى حسب ادعائهم- من جهة، واستمرار القيادة السياسية والحكومة فى مشروعها –لسحق المصريين على كافة المستويات حسب ادعائهم- من جهة أخرى.
التسويق لأكاذيب وأفكار غير موجودة
يأتى فى مقدمة الأفكار الأساسية التى يجرى ترويجها والضخ المكثف باتجاهها من جانب جماعة الإخوان الإرهابية وعناصرها، تصدير فكرة "تدهور الوضع الاقتصادي"، حيث تركز المنصات التابعة للجماعة على مواقع التواصل على الوضع الاقتصادى بشكل كبير جدا لكونه ملف محورى يتماس مع حياة المواطنين ومعيشتهم بشكل جوهرى ومباشر. وتعمد الجماعة إلى خلق رأى عام بأن الوضع الاقتصادى فى مصر متردٍ ومتدهور إلى أقصى حد، مع التركيز بشكل ضخم على ملف الديون، والحديث عن أن النظام السياسى المصرى لا يملك أى استراتيجية اقتصادية ولا يملك أى خطط اقتصادية سوى الاقتراض من المؤسسات الدولية والدول الصديقة والشقيقة، وأن هذا هو ما بنى عليه النظام بعد 30 يونيو من خلال المبالغ التى قدمتها الدول الخليجية، وهو أسلوب مستمر حتى الآن، بما يسهم فى ارتفاع الديون بشكل ضخم، وبلوغها نسبة عالية تفوق الناتج المحلى الإجمالى. وذلك للوصول إلى نتيجة مفادها أن الانهيار الاقتصادى لمصر وشيك للغاية، مع الاستشهاد ببعض الملفات المثارة مؤخًرا مثل انخفاض ما تمتلكه البنوك المصرية من عملة أجنبية، واقترابها من الإفلاس.
كما تركز العناصر التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية من خلال منصات التواصل على خلق حالة عامة من الاعتقاد لدى جموع المواطنين بأن كل الإجراءات التى تتخذها الدولة بكافة أجهزتها وقطاعاتها لا تهدف إلا إلى سحق المواطنين، وتحصيل على كل ما يملكونه من مدخرات وأموال، والاعتماد عليهم كمصدر أساسى للتمويل إلى جانب الديون، ومن ثم الزعم بأن القيادة السياسية والحكومة تبنى "نجاحاتها الوهمية" على أكتاف المواطنين الذين يتحملون منذ عام 2014 الكثير والكثير من الأعباء دون أى عائد ملموس.
أكاذيب وأفكار وهمية
والمتابع لكل الخطاب الإعلامى للجماعة الإرهابية سيجد أنها دائما ما تردد فكرة أن مصر خاضعة تحت حكم عسكرى بناء على الزعم بأن ما حدث فى 3 يوليو 2013 هو انقلاب عسكرى، لذلك تحاول الأوساط الإخوانية الإيحاء للمواطنين بأن سبب كل المشكلات التى تعانى منها مصر حالًيا هو الحكم العسكرى، مع التأكيد على أن نظام الحكم القائم حاليًا هو امتداد للحكم القائم منذ ثورة يوليو 1952 الذى سمح بسيطرة العسكريين على كل مقاليد الأمور فى مصر وأدخل البلاد فى آتون من الفساد والتردى السياسى والاقتصادى، ويحاول الإخوان الترويج للمواطنين بأنهم لن يتمكنوا من تحقيق أى نجاح سياسى أو اقتصادى الا بالتخلص من هذا الحكم العسكرى.
ويتضمن هذا الإطار الحديث عن القوات المسلحة بزعم أنها المتحكم الأساسى فى كل الأمور داخل الدولة سياسًيا واقتصادًيا، مع الحديث عن دور الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى المشروعات التى تنفذها الدولة، وأن كل هذه المشروعات تسند بالأمر المباشر إلى الهيئة دون مراعاة دراسات الجدوى أو المناقصات التى نص عليها القانون. ويتم هنا الترويج للمزاعم التى يقولها المقاول الهارب محمد على، وكذلك لبعض الأحاديث الأخرى مثل تصريحات رجل الأعمال نجيب ساويرس حول مزاحمة القوات المسلحة للقطاع الخاص.
ويضاف إلى ذلك الكذبة الكبرى التى اخترعتها الجماعة الإرهابية والمسماة بالصراع بين الأجهزة والمؤسسات، وأن مصر دولة قمعية، حيث تروج العناصر الإخوانية من خلال منصات التواصل الاجتماعى وكذا القنوات التلفزيونية بشكل دائم إلى أن مصر بها آلاف المعتقلين والمختفين قسرًيا، والترويج لمظلوميتهم المزعومة فى هذا الإطار، وأن مصر دولة غير آمنة لا يأمن فيها المواطن على نفسه أو ماله أو أهله أو بيته، وأنها بيئة مثلى لانتهاكات حقوق الإنسان على كافة المستويات، بادعاء وجود معتقلين ومختفين قسرًيا ووجود تعذيب داخل السجون، وإساءة معاملة المسجونين، وعدم توفير الرعاية الطبية لهم. وتستغل فى هذا الإطار التقارير التى تصدرها بعض المنظمات الحقوقية مثل هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وبعض المنظمات المحسوبة على الإخوان فى الغرب، بالترويج لها بشكل ضخم ومكثف بوصفها تمثل الحقيقة المطلقة حول وضع حقوق الإنسان فى مصر، وكذلك تستغل بعض القضايا للناشطين المشهورين مثل قضية الناشط علاء عبد الفتاح ورامى شعث.