أدوات كثيرة تعتمد عليها جماعة الإخوان الإرهابية فى نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأى العام، منها شخصيات إعلامية، وأيضاً صفحات ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعى تلجأ إليها الجماعة "لحظة الصفر" بقرار من قيادة الجماعة.
وفى تقرير للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، تم رصد الآلية التى تلجأ لها الإخوان ولجانهم الإلكترونية فى نشر الأكاذيب وإثارة الفتن، حيث تعتبر الجماعة منصات التواصل الاجتماعى الأداة الأهم والأكثر فاعلية لتأليب الرأى العام ضد القيادة السياسية منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى الآن؛ كون هذه المنصات تمثل قناة اتصال وتواصل مع فئات واسعة من الشعب المصرى وخاصة فئة الشباب الأكثر تأثًرا بما يتم ترويجه من قبل هذه العناصر واللجان الإلكترونية، كما أنها الأكثر قابلية للاستثارة لإحداث ما يصبو إليه تنظيم الإخوان من تغيير سياسى واجتماعى.
المذيعون وصفحات غير سياسية أو دينية أداة الإرهابية لترويج الشائعات
من ضمن الأدوات التى تعتمد عليها الجماعة الإرهابية للترويج للشائعات والأكاذيب وبث الفتن، يأتى دور مذيعو القنوات الإخوانية، حيث تستغل جماعة الإخوان مذيعى قنواتها فى الخارج مثل الشرق ومكملين ووطن والحوار والتلفزيون العربى فى الوصول إلى شرائح أوسع من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال إما المتابعين الشخصيين لهؤلاء المذيعين على صفحاتهم وحساباتهم الخاصة، أو من خلال ترويج وتسويق المحتوى المقدم على هذه القنوات من خلال منصات التواصل الاجتماعى.
ورصد التقرير كيف استغلت الجماعة الإرهابية مجموعات متنوعة من المذيعين سواء من المقيمين فى إسطنبول أو الدوحة أو لندن مثل معتز مطر وحمزة زوبع وعبد الله الشريف وياسر العمدة وعماد البحيرى وأحمد عطوان وأحمد سمير وسيد توكل وعصام تليمة وأحمد موالنا وأسامة جاويش وأحمد البقرى وأحمد سميح وجمال سلطان، خاصة أن بعضا من هؤلاء يمتلكون متابعين على مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى وجه الخصوص معتز مطر الذى تحقق الحلقات التى يبثها من لندن على اليوتيوب وفيس بوك ملايين المشاهدات، وكذلك عبد الله الشريف ويوسف حسين اللذين تحقق حلقاتهما على يوتيوب ماليين المشاهدات.
صفحات "رصد وعربى بوست وعربى 21" ذراع إعلامية للجماعة الإرهابية
ومن ضمن أدوات الجماعة الإرهابية الصفحات الإخبارية التى تحظى بمتابعة كبيرة، فيعمل عناصر جماعة الإخوان على تسويق أفكارهم ورؤاهم وحتى تأليب الرأى العام المصرى من خلال عدد من الصفحات الإخبارية المعروف أن توجهاتها معادية للدولة المصرية أو تابعة تماًما لجماعة الإخوان، لكنها فى الوقت ذاته تحظى بملايين المتابعات، مثل "شبكة رصد الإخبارية" وحسابات وصفحات بعض المواقع كـ "عربى بوست – نون بوست – عربى 21 – العربى الجديد"، وغيرها، إذ تلعب هذه الصفحات دوًرا كبيًرا فى تسويق الرواية الإخوانية للمواطنين بمختلف الأشكال والأساليب وبقوالب متنوعة من الأخبار والفيديوهات المصورة والإنفوجرافات والفيديو جرافات.
وهناك أيضاً" صفحات غير سياسية أو دينية"، حيث لجأت لجان الإخوان إلى تأسيس صفحات غير سياسية أو دينية، تحمل أسماء تمس التراث الفنى والأدبى والفكرى للشعب المصرى، مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب، أو بعض لاعبى كرة القدم المعتزلين المهمين. بالإضافة إلى الصفحات الإخبارية فى مجال الرياضة، حيث لا يزال رهان تنظيم الإخوان على الحماسة الرياضية وتوظيفها فى روابط رياضية تعمل وقت الحاجة ضد الدولة فى إثارة الاضطرابات فى الشارع كما جرى فى سنوات الفوضى ما بين عامى 2011 و2013.
وأكد التقرير أن تنظيم الإخوان يدرك مدى اهتمام الرأى العام بالأخبار الفنية خصوًصا الساعية إلى الإثارة، مثل التركيز على فضائح الفنانين وملابس الفنانات والأعمال الفنية المثيرة للجدل. وتعمل هذه الصفحات لمدة سنوات تحت إدارة لجان الإخوان دون أن تبدى رأًيا أو ملحوظة واحدة فى الشأن السياسى العام، حتى تكتسب مصداقية لدى الرأى العام، وتحصد ماليين المتابعين، وهكذا يصادر التنظيم عملية تدفق الأخبار الفنية والأدبية والثقافية والرياضية لصالح أدواته إلى أن تأتى لحظة الصفر.
لحظة الصفر تتحول صفحات رياضية وفنية إلى التعاطف مع الإرهابية
ولحظة الصفر عادة ما تكون قضية إخوانية بحاجة إلى تحرك عاجل، حتى لو كان التحرك مجرد صناعة حالة من التعاطف، مثلما جرى مع خبر وفاة محمد مرسى، حيث صدر تكليف فورى لهذه الصفحات بنشر نعى موحد لمرسى، وهكذا وخلال ساعات تم توحيد البث والإرسال عبر ديباجة موحدة بين عشرات الصفحات التراثية والفنية والرياضية والثقافية فى القضية المستهدفة.
ومن حين لآخر تقوم تلك الصفحات بإثارة الجدل حول فنانة بعينها، أو ملابس فنانة، أو قضية أو عمل فنى محدد، والغرض من ذلك ليس إثارة الجدل والفتن والإيحاء بانحراف المجتمع فى غياب الإخوان على الساحة السياسية فحسب، ولكن أيضا اختبار مدى قدرة تلك الصفحات على التسخين وإثارة الجدل والفتن وجمع البيانات الكافية حول استجابة فئات الشعب المصرى لهذه القضايا.
كما يلعب تنظيم الإخوان على فكرة تفكيك ثقة المواطن فى مؤسسات الدولة، ومن ثم طرح أنفسهم كبديل، وبالتالى فإن كل مؤسسة من مؤسسات الحكومة المصرية لها لجان نوعية متخصصة فى ضرب ثقة المواطن بها. ومع بدء جائحة كورونا حدث تحول فى بعض الصفحات التى تقدم خدمات طبية وصحية استشارية عبر وسائل التواصل الاجتماعى، حيث بدأت تتبنى خطاًبا عنيًفا وصارًما ضد وزارة الصحة المصرية وتنشر أكاذيب وشائعات عن ملايين الضحايا ما بين مصاب ومتوفى جراء وباء كورونا، وتشكك فى اللقاحات ومدى قدرة القطاع الصحى فى مصر على الصمود أمام الجائحة.
ولاحقاً اتضح كذب كافة تلك الصفحات، التى مارست النصح الطبى والصحى بوقار واحترافية عبر سنوات، رغم أن هذا الإجراء ليس قانونًيا أو احترافًيا، ولكنها صفحات قدمت خدمة مجتمعية مجانية لسنوات، قبل أن يتضح أنها خاليا نائمة تنتظر ساعة الصفر فى محاولة لإسقاط النظام الصحى لمصر بالتزامن مع أشرس جائحة طبية تمر بها البشرية منذ مئة عام. هكذا تعمل بعض الصفحات على ضرب بعض المؤسسات دون الخوض فى القضايا الرئيسية، أى صفحات تعمل على القضايا الفرعية، عن مشروع الدولة الثقافى أو النشاط الرياضى، عن مؤتمرات الشباب أو مجهودات الدولة فى مكافحة التغير المناخى.
البرمجة الفكرية غير المباشرة
إذا كانت هناك صفحة ناجحة ال يملكها تنظيم الإخوان، يسعى التنظيم إلى دس أحد عناصره فى إدارة الصفحة، ليس مطلوب من هذا العنصر التحول بالصفحة من خطابها الخاص إلى الخطاب الإخوانية، ولكن زرع بعض الأفكار غير المباشرة فى خطاب تلك الصفحة لخدمة برمجة فكرية تخدم غرضا إخوانيا، مثال لذلك: حينما صنع تنظيم الإخوان تحرك المقاول الهارب محمد على، الذى ادعى أن هناك فساًدا فى بعض المشاريع القومية للدولة المصرية، قامت بعض الصفحات الدينية بنشر آيات قرآنية تحض على رفض الفساد، بينما قامت الصفحات الفنية بنشر صور من أعمال سينمائية مصرية ترفض فساد السلطة، وصولا إلى الصفحات الثقافية التى راحت تنشر بكثافة فى تلك الفترة اقتباسات من الأدب العالمى ترفض الفساد وتدعو إلى الثورة عليه بالتزامن مع دعوات المقاول الهارب للنزول إلى الميادين.
كما أصبحت مجموعات تطبيق واتس آب شيئا أساسًيا فى بيت كل أسرة مصرية، حيث يتم استخدامها للتنسيق بين العاملين فى الشركة الواحدة، أو القسم الواحد داخل الشركة، أو سكان عقار بعينه، أو أولياء أمور فصل دراسى بعينه، أو حتى مجموعة أصدقاء أو مجموعة دراسية. وقد وجد تنظيم الإخوان أن اختراق تلك المجموعات عبر عناصره، سواء المعروفين أو الخلايا الرقمية النائمة سوف يعضد من فكرة نشر الشائعات داخل البيوت، إذ أن الحياة يمكن أن تشغل بعض شرائح المجتمع عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعى. وقد لعبت هذه المجموعات دوًرا فى محاولة تنظيم الإخوان تشكيل رأى عام مناهض لخطة تحديث وإصلاح التعليم المصرى، إذ إنها كانت المصدر الرئيسى لكل الشائعات التى وجهت لهذه الخطة، بجانب أنها كانت المصدر الرئيسى لكافة الشائعات المتعلقة بوباء كورونا فى المجتمع المصرى.
كتائب يوتيوب.. أداة إخوانية لجذب متابعين
على ضوء عزوف الشباب عن القراءة الورقية وحتى الرقمية، ورفضهم لفكرة المقالات الطويلة والمنشورات التى بها معلومات وأرقام عبر وسائل التواصل الاجتماعى، أطلق تنظيم الإخوان أكثر من منصة رقمية تنتج برامج تلفزيونية عبر منصة يوتيوب بغرض مصادرة الوعى وأخونة التاريخ والسردية السياسية لصالح الرؤية الإخوانية. الملاحظ هو التمويل المرتفع والإنفاق الواضح على كتيبة اليوتيوب التى تبث من قطر وتركيا ولندن بكل حرية، حيث يتم "أخونة المعرفة"، بمعنى أن كل قضية تتعلق بالمعلومات العامة والمعروفة والثقافة، يتم وضع الإخوان بها وجعلهم الطرف المظلوم أو المنتصر، وصياغة القضية بما يتفق مع رؤية الإخوان ويهدم ثوابت الدولة المصرية حتى لو كانت قضية عامة أجنبية وليس للدولة المصرية عالقة بها، ولكن يتم توظيف المعلومة والمعرفة دائما من أجل خدم السرديات الإخوانية وتفكيك سرديات الدولة المصرية وتاريخها.
ولا ننسى وسط كل هذه الأدوات الظهير المدنى للإخوان، وهم شخصيات غير إخوانية تنتمى إلى التيارات السياسية الأخرى، الليبراليين واليسار، أو المجتمع المدنى والتيار الحقوقى، ولكنها تلتزم بالخط الإخوانى وديباجات لجان الإخوان على طول الخط. هذا الظهير المدنى للجماعات الإرهابية يلعب دور تمرير آراء وأفكار تلك الجماعات للرأى العام عبر صفحاته الشخصية الموثقة المتاحة مجاًنا من خلال منصات التواصل الاجتماعى.
ويضاف إلى كل ذلك تطبيق "كلوب هاوس"، الذى أصبح بمثابة راديو سوشيال ميديا، حيث استطاع هذا التطبيق تسويق فكرة الحوار مع الإرهابيين عبر غرف الشات، حيث يقوم اليسار والليبراليون باستضافة العناصر الهاربة من أجل شرح رؤيتهم للشعب المصرى.