خطوات هامة تعمل عليها الدولة المصرية، فى إطار تحسين أوضاع السجون وتنفيذ رؤية للإصلاح والتأهيل للسجناء، ويستعد مجلس الوزراء، لإرسال مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون، إلى مجلس النواب عقب موافقته عليه.
ويأتى التشريع فى إطار خطة الدولة لتطوير المؤسسات العقابية فى مسمياتها، وابنيتها، وإدارتها على نحو يهدف إلى ترسيخ قيم ومبادئ حقوق السجناء، ويسعى إلى توفير الحماية المجتمعية لهم، وإصلاحهم وإدماجهم ضمن مكونات المجتمع الإنسانى، والاستفادة من تأهيلهم فى برامج وخطط التنمية للدولة.
وتمثل ما جاء بمشروع القانون بأن تنفذ العقوبات المقيدة للحرية فى مراكز الإصلاح والتأهيل طبقاً لأحكام القانون، وتخضع عمليات التنفيذ للإشراف القضائى، لرعاية وتأهيل المحكوم عليهم اجتماعياً وثقافياً، وعلى إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية تشجيع النزلاء على الإطلاع والتعليم، والتيسير على المحكومين بالاستذكار لمن لديهم الرغبة فى استكمال الدراسة.
ويأتى التشريع على خطى ما بدأت فيه الدولة من افتتاح مجمعات إصلاحية وآخرها افتتاح مركز الإصلاح والتأهيل وببدر، الذى يُعد هو الثانى داخل قطاع الحماية المجتمعية، فى مطلع ديسمبر الماضى والذى يقع على مساحة 85 فدان ومخصص للنزلاء الذين يمضون مدد قصيرة ويوجد به فصول تعليمية ومكتبة وفصول الهوايات وورش تدريبية وتأهيلية.
وتتمثل تلك الخطوة لتترجم ما جاء بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بشأن السجون، والتى أكدت على أن الدستور يشدد على أن السجون دور إصلاح وتأهيل، وتخضع السجون
وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائى، كما نوهت إلى أن الدولة توسعت فى البرامج التأهيلية للسجناء لتدريبهم على الحرف المختلفة، ومنحهم أجورا واستحداث آليات متطورة لتنظيم الزيارات بالسجون باستخدام تطبيق إلكترونى، إنشاء وتشغيل بعض المدارس الثانوية الصناعية، وإنشاء مشروعات صناعية، وزراعية، وإنتاج حيوانى داخل السجون، وإلحاق المسجونين بالعمل بها براتب شهرى، وتوفير الرعاية للسجينات، وحاضنات الأطفال، مع توفير ورش وأنشطة لتأهيلهن للعودة للحياة الطبيعية عقب الإفراج عنهن، كما أوصت بضرورة التوسع فى إقامة ندوات دينية وثقافية لنزلاء السجون بالتنسيق مع وزارة الأوقاف والهيئة العامة لقصور الثقافة؛ لتنمية الجانب الدينى والثقافى لدى النزلاء، والتوسع فى إنشاء فصول محو الأمية بكافة السجون العمومية والليمانات، مع تقديم حوافز عينية ومادية لجذب النزلاء وتشجيعهم على الالتحاق بها.
واعتبر الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى، أن هذه التعديلات التشريعية ستمثل نوعا من أنوع إعادة لتأهيل للسجناء المنفذ عليهم العقوبات المقيدة للحريات، وهى تأتى مكملة لما تتخذه الدولة من خطوات فى إنشاء مراكز للإصلاح والتأهيل خلال الفترة الأخيرة، وهى تتفق مع ما جاء باستراتيجية حقوق الإنسان.
ولفت إلى أن التعديل أكد على أن مراكز الاصلاح والتأهيل تخضع للإشراف القضائى وهو ما يضمن ألا تحدث أى تجاوزات على القواعد المنصوصة ويصب فى حماية حقوق الإنسان.
وشدد أن ذلك يساعد على الاندماج مرة ثانية فى المجتمع ويسهم فى إعادة خلق مواطن صالح بالمجتمع ويمارس حياته بشكل طبيعى.
وأوضح أنه من المنتظر أن يشمل مشروع القانون، مادة تحدد نطاق تطبيق القانون بما يتماشى مع الاتجاهات الخاصة بحماية حقوق الإنسان والتى تؤكد على أن العقوبة ليست نوع من الزج بالسجون بل تسهم فى الإصلاح والتأهيل.
وفى السياق ذاته، رحبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالتعديل الذى أقره مجلس الوزراء لتطوير المؤسسات العقابية على نحو يتسق مع الطفرة الجارية والمتمثلة فى إنشاء مجمعين نموذجيين للتأهيل والإصلاح فى شرقى الدلتا وغربها، بما أتاح إغلاق ١٥ سجنا عموميا، والسير على الطريق نحو استيعاب ٣٣ سجنا عموميا آخرا فى أربعة أو خمسة مجمعات جديدة توفر الظروف المعيشية والصحية والقانونية اللائقة للسجناء والمحتجزين.
وأشار علاء شلبى، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إلى أن الغالبية الكبرى من السجون العمومية يعود تأسيسها إلى النصف الأول من القرن العشرين، ورغم عمليات الصيانة والترميم والتجديد، لكنها لا توفر السبيل نحو إصلاح جدى ممتد.
وأضاف أن السلطات المصرية بذلت جهودا كبيرة فى تحسين أوضاع السجون، وتجرى الجهود الآن على نحو يتفق مع فلسفة حفظ الكرامة التى تشكل القيمة الجوهرية لحقوق الانسان، والتى باتت تشكل الركن الجوهرى فى التنمية الوطنية، معربا عن أمله فى تيسير منظومة زيارات أسر المحتجزين فى السجون العمومية التى لا تزال قيد التطوير أو سيتم إحلالها فى مجمعات جديدة.
وأوضح شلبى أن تطوير لائحة السجون تم على ٣ مراحل بمشاركة بعض منظمات حقوق الإنسان، لافتا إلى أن مثل هذا البرنامج سيغلق الباب أمام المبالغات والادعاءات غير الصحيحة.
واعتبر النائب طارق الخولى، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن إقرار الحكومة لتعديلات بقانون تنظيم السجون تعزز وتوسع من فرص بالتأهيل والدمج المجتمعى للسجناء، تمثل منظور جديد فى ترسيخ مبادئ الإصلاح وإعداد السجناء.
ولفت عضو تنسيقية شباب الأحزاب، إلى أن هذا الملف كان محل اهتمام كبير لديه خلال الفترة الماضية، موضحا أن الدولة بدأت فى اتخاذ خطوات ملموسة فى تعظيم مفهوم الدمج المجتمعى للمسجونين.
وشدد "الخولى” أن الإصلاح والتأهيل يعد من أرقى الوسائل فى تقويم من ارتكب جرم، وفقا لأحكام القانون بإعادة تأهيله لما يضمن عدم عودته مرة آخرى وإعداده ليكون شخص آخر يبنى ويطور ويسهم فى التنمية.
وشدد أن ذلك التعديل يأتى اتساقا مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والذى من المتوقع أن يشهد تفاعلا كبير داخل البرلمان فور وصوله، مشيرا إلى أن إعداد السجناء ليكونوا أشخاص صالحين للاندماج فى المجتمع، تعد واحدة من أهم العناصر التى تصب فى تنفيذ هذه الاستراتيجية وهى خطوة عملية تعبر عن الإرادة فى تنفيذ خلال الفترة الزمنية المحددة وخطوات اهم الإجراءات التى تحركت بها الحكومة فى صالح التطبيق العملى للاستراتيجية الوطنية.