"شراكة.. أخوة.. صداقة"، بهذه الكلمات دائمًا ما يصف قادة مصر والصين العلاقة الثنائية المتميزة بين البلدين، حيث دشن الرئيسان عبدالفتاح السيسى ونظيره الصينى شى جين بينج الشراكة الاستراتيجية الشاملة، خلال أول زيارة للرئيس السيسى للصين فى ديسمبر 2014، ووقع الجانبان فى البرنامج التنفيذى للشراكة والذى استمر حتى 2020.
وشهدت تلك الفترة تعاونا مكثفا فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية توج بالتعاون فى مواجهة جائحة كورونا، والعام الماضى احتفلت الصين ومصر بالذكرى الـ65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، وأكد السفير الصينى بالقاهرة لياو ليتشانج فى أكثر من مؤتمر صحفى عقد خلال العام 2021، أن الصين تضع مصر فى مكانة خاصة حيث أن العلاقات الثنائية نموذجًا يحتذى به وتتسم بالتعاون والتضامن والمنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة، وأكد أن بلاده ومصر تلتزمان بالاحترام المتبادل والتنمية المشتركة، وأنهما قطعا شوطًا طويلًا منذ إقامة العلاقات، حيث تعززت الثقة المتبادلة بين البلدين، وأصبحت بكين والقاهرة صديقتين وشريكتين يعتمد عليهما فى مساندة إحداهما للأخرى، وأكد أنه منذ 65 عاما، سجل البلدان تقدمًا كبيرًا فى كل المجالات، ومصر كانت أول دولة عربية وأفريقية تعترف بالصين، وفى 1963 قام رئيس وزراء الصين الأسبق بزيارة القارة الأفريقية، وكانت مصر المحطة الأولى، لافتا إلى أنه فى عام 2002، تم تأسيس المركز الثقافى الصينى بالقاهرة كأول مركز فى الشرق الأوسط، ومصر كانت أول دولة أنشأت قسما للغة الصينية فى جامعاتها، وعرض التليفزيون المصرى مسلسلات صينية، وأضاف أنه بقيادة وتخطيط شخصى من قبل الرئيسين الصينى والمصرى، كان هناك الكثير من المشاريع الكبرى التى تعمل عليها الصين فى مصر، مثل مشاريع بناء المدن والسكك الحديدية، ومدينة العلمين الجديدة فضلًا عن مبادرة الحزام والطريق ورؤية مصر 2030، وقال إن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتى تضم منطقة «تيدا» الصناعية، شاركت فيها 96 شركة صينية، يعمل بها حوالى 4000 مصرى، فضلًا عن شركات أخرى فى المنطقة وفى المشاريع الكبرى الأخرى.
وتابع أنه خلال فترة الجائحة، تقدمت المشاريع التعاونية بين البلدين بخطوات منتظمة سواء فى منطقة قناة السويس أو العاصمة الإدارية الجديد أو مشروع القطار فى منطقة العاشر من رمضان، لافتًا إلى وجود تعاون فى مشاريع جديدة، مثل مشروع إنشاء 5 أبراج فى مدينة العلمين الجديدة، ومشروع السيارات الكهربائية فى مصر، كما أشار إلى وجود تعاون كذلك فى مجال التعليم، مثل المنح التعليمية فى الصين وتدريس اللغة الصينية فى المدارس المصرية كلغة أجنبية اختيارية، وفى مجال التعاون التكنولوجى، قدمت الحكومة الصينية منحا لعشرات العلماء الشباب للسفر إلى الصين لإجراء الأبحاث فى المراكز المعنية، وهناك مشروع للتعاون فى الفضاء، وفى مجال السياحة، أضاف السفير أنه فى عام 2018، أصبحت مصر من أفضل 5 وجهات سياحية أفريقية للمواطنين الصينيين، وبلغ عدد السياح نصف مليون سائح، وتم تنظيم رحلات طيران مباشرة عديدة بين البلدين من وجهات مختلفة.
وخلال العامين الماضيين، قام عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصينى وانج يى بزيارة مصر مرتين، وتبادل خلال الزيارتين وجهات النظر والتوصل إلى توافق فى الآراء مع القادة المصريين حول تعزيز التعاون البراجماتى بين الصين ومصر، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
كما هنأ الرئيس السيسى فى يوليو من العام الماضى 2021 الرئيس الصينى شى جين بينج بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعى الصينى، معربًا عن استعداد مصر للعمل مع الصين لزيادة تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والدفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى آفاق أوسع.
وفيما يتعلق بمجال تعزيز التجارة، أكد السفير الصينى أن الصين ظلت على مدار 8 سنوات متتالية أكبر شريك تجارى لمصر، وبلغ إجمالى حجم التبادل التجارى فى الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2021، 14.77 مليار دولار أمريكى، بزيادة سنوية قدرها 44.9%، وبلغت واردات الصين من مصر 1.23 مليار دولار أمريكى بزيادة 70.3% على أساس سنوى، بينما بلغ الاستثمار الصينى المباشر فى مصر فى المدة نفسها 223 مليون دولار أمريكي، بزيادة 1.5 مرة على أساس سنوى.
أما التعاون فى مجال اللقاحات، أكد لياو ليتشيانج سفير الصين بالقاهرة أن بلاده تقدم دعمًا قويًا لمصر لتحقيق هدفها الرامى إلى تطعيم 70% من المواطنين بحلول منتصف العام الحالى، وقال - فى تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى، تويتر، أن الحكومة الصينية ستتبرع بـ10 ملايين جرعة من لقاح كوفيد-19 لمصر، مضيفًا أن هذا التبرع يعد إجراءًا عمليًا لتنفيذ الخطاب الذى ألقاه الرئيس شى جين بينج فى منتدى التعاون الصينى - الأفريقى فى نوفمبر الماضى، كما شهد تعاون الصين ومصر فى هذا المجال توقيع اتفاقية تعاون بين الشركة القابضة للقاحات والمستحضرات الحيوية «فاكسيرا» وشركة "سينوفاك بيوتيك".
وخلال توقيع اتفاقية التعاون الشهر الماضى، بحث الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى والقائم بأعمال وزير الصحة والسكان، مع الجانب الصينى، فرص التعاون مع شركة «سينوفاك» لإنشاء معمل متطور داخل شركة «فاكسيرا» لأبحاث علوم الفيروسات، مماثل للمعامل المتواجدة بمقر شركة «سينوفاك»، ليصبح نقطة اتصال بين الباحثين فى مصر والصين، مؤكدًا أهمية تلك المعامل فى بناء الكوادر البحثية المصرية، وإثراء الأبحاث الخاصة بتطوير الأمصال واللقاحات بمختلف أنواعها لمواجهة أى جوائح أو أوبئة مستقبلية، وخلال كلمته، أوضح السفير الصينى، أن مجمع التبريد سيكون أكبر مجمع لحفظ اللقاحات فى أفريقيا، وتأتى الاتفاقية ضمن ثمار التعاون بين شركتى «سينوفاك» و«فاكسيرا» فى مجال إنتاج وتطوير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا والمتحورات الجديدة، حيث يوجد تعاون فى إنتاج الأدوية المضادة لفيروس كورونا، فضلاً عن التعاون الجارى فى مجال نقل تكنولوجيا التصنيع.