ضمنت الوزيرة الفرنسية السابقة ورئيسة منطقة إيل دو فرانس فاليري بيكريس ترشحها إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية عن حزب الجمهوريين، بعد انتخابات داخلية أطاحت وجوهاً بارزة من الحزب مثل المفاوض الأوروبي السابق لشؤون "بريكست" ميشال بارنييه، وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز"، تملك بيكريس حظوظاً كبيرة كي تصبح أول رئيسة لفرنسا، لتكون بذلك أول أمرأة تدافع عن ألوان الحزب الأول لليمين في أهم انتخابات في البلاد، والتي ستجرى فى 10 و24 أبريل 2022.
وقالت بيكريس أمام مناصريها منذ أسبوع إنه للمرة الأولى في تاريخه، سيكون لحزب الجنرال شارل ديجول، حزب جورج بومبيدو، حزب جاك شيراك ونيكولا ساركوزي مرشحة إلى الانتخابات الرئاسية.
وتصف بيكريس نفسها بأنّ ثلثيها أنجيلا ميركل وثلثها مارجريت تاتشر، وقالت في وقت سابق للصحيفة نفسها إنّ "خصومي يدعونني المرأة الحديدية"، كما أشاد ساركوزي الذي خدمت بيكريس في ولايته كوزيرة للتعليم العالي وللخزانة بمجهودها لكنه أضاف أنه يتمنى لو كانت "أكثر مرحاً بقليل".
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنّها تشكل خياراً حكيماً ليمين الوسط بحسب الصحيفة، وتقول شركة "إيلاب" إنّها ستهزم مرشحي اليمين المتطرف مارين لوبان وإريك زيمور حاصدة 20% من الأصوات خلال الجولة الأولى.
ويقترح استطلاع الشركة نفسها أنها ستهزم ماكرون في الجولة الثانية بـ52% مقابل 48% من الأصوات، تشير "إيلاب" إلى أن هذه "هي المرة الأولى التي يظهر فيها أي استطلاع رأي منشور خسارة إيمانويل ماكرون".
وتعلمت بيكريس الروسية واليابانية والإنكليزية وتخرجت من أبرز مؤسستين فرنسيتين: المدرسة العليا للتجارة والمدرسة الوطنية للإدارة التي تخرّج منها ماكرون أيضاً.
كما أن هناك ثمة مخاطر في أن يتم جذب بيكريس إلى ميدان سياسي غير مريح بسبب اتجاه حزبها الشديد نحو اليمين، وقد انسحبت منه موقتاً في 2019، وبسبب المزاج المشاكس للناخبين البيض الذين أثار زيمور ولوبان عدائيتهم ضد المهاجرين المسلمين.
واقترحت بيكريس خلال حملتها مضاعفة العقوبات على الجرائم الخطيرة المرتكبة في الضواحي الصعبة التي يتعرض فيها رجال الشرطة غالباً للخطر، لكنّ النقاد أشاروا إلى أنّه بالنسبة إلى شخص درّس القانون وكان عضواً في مجلس الدولة، كان يجب عليها إدراك أن هذا التمييز غير دستوري.
وتشير "فايننشال تايمز" إلى أنّ بيكريس معتدلة بالمقارنة مع المعايير المحافظة الآخذة بالارتفاع لدى الجمهوريين، لكنّ موقفها المتشدد حيال القانون والنظام والتزامها الإصلاح الاقتصادي وأرثوذكسيتها المالية ستجد أصداء جيدة بين اليمين الفرنسي.
واتهمت ماكرون بـ"اقتحام خزائن" دافعي الضرائب خلال "كورونا" وتعهدت بإلغاء 200 ألف وظيفة إدارية من جهاز الخدمة المدنية المتضخم، وهو وعد كان ماكرون قد أطلقه لكنه فشل في تحقيقه. وقالت: "لدى إيمانويل ماكرون هوس واحد – الإرضاء، أما أنا لدي هوس واحد وهو الفعل". وانتقدت أيضاً ما قالت إنه غياب التزام من الرئيس بإطلاق الإصلاحات الصعبة التي تحتاجها فرنسا.
ولفتت الصحيفة النظر إلى أنّ بيكريس تدرك تاريخها والعلوم الاقتصادية ولديها سجل صلب في الحكم. يقول أحد أصدقاء بيكريس: "في مواجهة امرأة كفء، لا أرى ماكرون مرتاحاً جداً".
وفي أغسطس 1994، تزوجت فاليري بيكريس برجل الأعمال، جيغوم بيكريس (54 عاماً)، وأنجبا 3 أبناء.
وبداياتها في السياسة، كانت في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك وانضمت إلى «كَابِينِي» رئاسة الجمهورية في عام 1998، ليتم تصنيفها لاحقاً كـطفل شيراك، كما حدث مع سياسيين شباب آخرين؛ بينهم فرونسوا باجوان، وجون فرونسوا كوبي، وفيليب بجيون، وبرونو لومير أو دومينيك دو فيلبان.
وفي عام 2002، تم انتخاب فاليري بيكريس عضوة في البرلمان، نائبة عن إيفلين (إقليم فرنسي)، كما أنها كانت تحتل مكانة مرموقة داخل الحزب الرئاسي، حيث أصبحت في العام نفسه المتحدثة باسم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، الذي كانت فاليري بيكريس منضمة إليه ما بين 2002 و2015.. وفي عام 2004، تم انتخابها مستشارة جهوية لإيل دو فرونس.
وفي عهد الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي ، وعينت فاليري بيكريس وزيرة للتعليم العالي والبحث، لتشغل بعدها، بين عامي 2011 و2012، منصب الوزيرة المسؤولة عن الميزانية، والناطق الرسمي باسم الحكومة.. وعادت فاليري بيكريس إلى البرلمان كعضوة، بعد ترشحها في الانتخابات التشريعية، التي نظمت بعد انتخاب الرئيس الفرنسي السابق فرونسوا هولوند رئيساً للجمهورية في عام 2012.
وفي الوقت نفسه، كانت فاليري بيكريس تواصل رسم مسارها السياسي؛ ففي عام 2009، فازت بأول انتخابات تمهيدية لها، والتي تم خلالها (الانتخابات التمهيدية) اختيار مرشح حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية لانتخابات 2010 الجهوية في إيل دو فرونس، لكنها ستتعرض للخسارة على يد جان بول هوشون المنتهية ولايته (ترأس المجلس الجهوي لإيل دو فرونس ما بين مارس 1998 وديسمبر 2015).
وفي عام 2015، تم استثمارها مرة أخرى من قبل حزب اليمين، الذي سيصبح اسمه حزب الجمهورين Les Républicains، وحصلت قائمتها على 43.80% متقدمة في الجولة الثانية على كلود باروتلون (42.18%)، لتصبح فاليري بيكريس أول امرأة تتولى رئاسة المجلس الجهوي لإيل دو فرونس. وتمت إعادة انتخابها بشكل واسع في عام 2021، مع 45.92% من الأصوات في الجولة الثانية، مقابل 33.68% لقائمة عالم البيئة، جوليان بايو.
وفي يوليو 2017، أنشأت حركتها الخاصة داخل حزب الجمهورين Les Républicains، وأطلقت عليها اسم «لنكن أحراراً»، وهي قائمة أكثر وسطية من تلك التي جسدها رئيس منطقة أوفرن رون ألب (جهة فرنسية)، لوغون فوكيي.
وتركت فاليري بيكريس الحزب (الجمهورين Les Républicains) في عام 2019، بعد هزيمة الحزب في الانتخابات الأوروبية.. وقالت حينها: «لقد اكتسبت قناعة بأن إعادة تأسيس اليمين لا يمكن أن تتم من الداخل، بل يجب أن يتم ذلك من خارج الحزب... الحزب مغلق من الداخل، في منظمته، وفي أفكاره».
وأعلنت فاليري بيكريس في 22 يوليو 2021 ترشحها لانتخابات 2022 الرئاسية، من خلال دعم فكرة الانتخابات التمهيدية التي ينظمها الحزب، لاختيار مرشحه لأهم انتخابات في البلاد، واستعادت بطاقتها في الحزب في خريف عام 2021.