مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى قمة «محيط واحد»، فى فرنسا، جاءت تأكيدا لاتخاذ خطوات جادة فى قضية المناخ، والتى تمثل تحديا يواجه البشر وكل من يسكن الكرة الأرضية، فلم تعد قضية المناخ والتغيرات التى تشهدها الأرض ترفا أو موضوعا هامشيا، لكنها أصبحت خطرا يهدد البشر - على كل مستوياتهم - خلال العقود الأخيرة، حيث تعبر الطبيعة عن غضبها فى صورة فيضانات وأعاصير وحرائق وسيول وجفاف، ما يعكس حجم ما أصاب الطبيعة بسبب التلوث واختلال المناخ، فضلا عن سقوط وفيات تتزايد سنويا، وعن الخسائر المادية والفقر والجوع نتيجة موجات الفيضانات والجفاف وتغير المواسم وتدمير المحاصيل، ثم إن الدول الفقيرة تسدد ثمنا مضاعفا لطموحات ومصالح الدول الصناعية الكبرى.
كل هذا يجعل قضية التغير المناخى أمرا يتشابك مع السياسة والاقتصاد، لكونه يتعلق بطعام وكساء سكان الأرض، وينعكس أكثر على الدول التى لا تمتلك إمكانات لمواجهة التأثيرات السلبية.
وقد طرحت مصر مطالب الإقليم وأفريقيا أمام قمة المناخ الـ26 فى جلاسكو، وقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى رؤية أفريقيا ودول العالم الثالث تجاه أزمة المناخ، وأعلن استضافة مصر للنسخة 27 من القمة - «COP 27» - وتستهدف مصر منها التركيز على القارة الأفريقية، وتستعرض دول القارة طلباتها لتواكب المتغيرات والتهديدات التى تواجه الكوكب وتهدد البشر، ويسدد فقراء العالم فاتورة أنشطة ومنافسات وطموحات الدول الكبرى، الرئيس فى قمة جلاسكو قدم رسالة الدول الأفريقية والمنطقة، لأن الدول الكبرى تعهدت سابقا بتقديم 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية والفقيرة فى تخطى تأثيرات التغيرات المناخية والتلوث والانبعاث الحرارى، ولم تلتزم الدول الصناعية الكبرى بتعهداتها السابقة، وتعد قمة المناخ فى مصر، فرصة لطرح قضية تغير المناخ، ومواجهتها بجدية، من خلال وفاء الدول المسؤولة بتعهداتها تجاه إصلاح ما تسببت فيه.
من جانبها، فإن مصر تتعامل مع الظاهرة بالاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، بل ودعم وسائل المواصلات التى تعمل بالغاز والكهرباء، وبدءا من 2023 سيتم إنتاج أول سيارة كهربائية مصرية، مع تدعيم عمليات إحلال السيارات بهذا النوع من السيارات الكهربائية.
وتأتى مشاركة الرئيس فى قمة «محيط واحد» بجانب أنها فرصة لعقد لقاءات ومشاورات ومباحثات مع أطراف مختلفة فى الاتحاد الأوروبى، فإنها تأتى فى توقيت مهم قبل عقد مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ نوفمبر المقبل، تأكيدا لالتزام مصر بمواجهة التغير المناخى بالمحيطات التى تمثل 70% من حجم الكوكب، وتسهم فى حركة التجارة والملاحة الدولية، فضلا عن كونها مصدرا مهما للغذاء والموارد الطبيعية، ومحفزا للنشاط الاقتصادى، كما أكد الرئيس فى كلمته أمام القمة، مؤكدا أن تغير المناخ سيظل التحدى الأصعب، بما له من آثار سلبية، خاصة أن الاحتباس الحرارى، رفع مستوى حمضية المياه، وانخفاض الأكسجين بها، وتدهور الحياة البحرية فضلا عن التهديد المستمر، الذى يمثله ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات، على المناطق الساحلية فى العديد من دول العالم، وهنا يشير الرئيس إلى توقعات غرق مناطق مختلفة وأراض وعمران فى دول مطلة على البحار، بسبب التحولات المناخية الخطرة، التى تمثل تهديدا لمئات الملايين من البشر.
وكل هذا يجعل قضية المناخ إحدى القضايا التى تتعلق بالسياسة والاقتصاد، لكونها تتعلق بغذاء البشر، وتنعكس أكثر على حياة مئات الملايين فى أفريقيا والعالم، والذين يواجهون تأثيرات تغير المناخ، فى صورة فيضانات وجفاف وسيول، وحرائق تلتهم غذاء الإنسان وكساءه، وتهدد حاضره ومستقبله.