عقب حكم الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، برئاسة المستشار يحيى دكرورى نائب رئيس مجلس الدولة، صباح الثلاثاء الماضى ، ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، والخاصة بجزيرتى تيران وصنافير، كان لأعضاء مجلس النواب وكبار القانونين والدستوريين أراء أخرى، مؤكدين احترامهم فى البداية لكلمة القضاء المصرى ولا تعليق على الأحكام، إلا أنهم شددوا أن الكلمة الأخيرة ستكون للمحكمة الإدارية العليا أيضا فى نظر طعن الحكومة على الحكم، وإذا رفضت المحكمة الطعن سيتم عرضها على البرلمان.
عضو لجنة الشئون العربية: لاتعليق على أحكام القضاء
وقال سامح حبيب، عضو مجلس النواب بمحافظة الغربية، وعضو لجنة الشئون العربية بالبرلمان، أنه لا يجب التعليق على أحكام القضاء فيما يخص اتفاقية تيران وصنافير، مؤكدا ان الحكم ببطلان الاتفاقية ليس حكمًا نهائيًّا، وأن الحكومة ستطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، مما سيؤخر إرسال الاتفاقية إلى مجلس النواب لمناقشتها.
وأشار نائب حزب مستقبل وطن، فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أن الاتفاقية لن تعرض على البرلمان إلا بعد صدور الحكم النهائى من المحكمة الإدارية العليا حتى لا يدخل البرلمان مع القضاء فى مشكلة تنازع الأحكام والقوانين، و إلزاما على الجميع احترام كلمة القضاء.
وأكد "حبيب"، أن الأمر الذى يحكم ويؤثر فى قرار البرلمان حول الاتفاقية هو الدستور، مشيرًا إلى أن أيّة أمور أخرى سيتم استعراضها خلال دراسة الاتفاقية وما يرتبط بها من وثائق ومستندات، لأن البرلمان سيدرس الموضوع من كل جوانبه سواء المصرى او السعودى.
فقيه دستورى: لا يوجد نص فى أى قانون أو دستور يتحدث عن اعمال السيادة
وقال الدكتور محمد فرحات أستاذ القانون والفقيه الدستورى، أن أحد المهام الرئيسية لمجلس الدولة هى الرقابة على مبدأ المشروعية، لقرار الحكومة بالتوقيع على الاتفاقية، أى على خضوع الدولة للقانون والتوقيع على الاتفاقية من ممثل الحكومة المصرية، لأنه قرار اتخذته الدوله.
وأكد الفقيه الدستورى، فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أن الحكم القضائى ملزم للدولة المصرية فقط، وغير ملزم تنفيذه من قبل المملكة العربية السعودية، لأنه حتى الآن لاتوجد معاهدة دولية، والموجود فقط هو مشروع معاهدة، والمعاهدة لاتعتبر نافذة إلا بعد وفائها بالمتطلبات الدستورية وإجراءات التصديق عليها وهذا لم يتم، إذن الحكم يلزم الدولة المصرية فقط أن تحتفظ بالجزيرتين كجزء من الإقليم المصرى.
وتابع : "إذا تضررت السعودية من احتفاظ مصر بالجزيرتين، فكل السبل القانونية والقضائية الدولية متاحة أمامها، وإن كنت أرى أن السعودية إذا لجأت للتحكيم الدولى فمصير هذا الأمر هو الخسران،لأنها قضيه خاسرة.
وأوضح "فرحات" أنه لا توجد مادة أو نص فى أى قانون أو دستور تتحدث عن أعمال السيادة، وفكرة أعمال السيادة هى اختراع قضائى ، مأخوذ من مجلس الدولة الفرنسى وكانت موجودة به منذ حوالى نصف قرن لتحسين القرارات السيادية السياسية للدولة لإبعادها عن رقابة القضاء، مشيرا أن القضاء هو الجهه الوحيدة المنوط بها تحديد ما يدخل فى أعمال السيادة وما يخرج منها.
واستطرد قائلا: صدور هذا الحكم خلق حالة من التعاطف الشعبى منقطع النظير مع الاحتفاظ بمصرية الجزيرتين، وقبل صدور الحكم كان هناك حالة جدل، إلا إذا صدر حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الحكم ، فمن الممكن وقتها أن يؤدى إلى آثار غير طيبة لدى قطاعات واسعة من الشعب.
وتابع: ما انصح به الحكومة ان تعتبر مجرد صدور هذا الحكم هو إلزام بطى صفحة هذا الخلاف، وان تمتنع عن الطعن على الحكم، وتحاول أن تستعيد تعاطف الشعب المصرى معها، وأن تحصل على نوع من التسامح تجاه ما ارتكب من أخطاء للتوقيع على هذه الاتفاقية، لأنه حتى إذا تم إلغاء هذا الحكم، فالآثار السياسية والاجتماعية ليست فى صالح الحكومة بأى حال من الأحوال.
مستشار رئيس الجمهورية السابق: الحكومة غير أمينة فى عرض اتفاقية "تيران وصنافير"
وقال الدكتور عبد الله المغازى استاذ القانون والفقيه الدستورى و مستشار رئيس الجمهورية السابق ، أن نظر مجلس الدولة لقضية تيران وصنافير صحيح ومن اختصاصه مائة بالمائة، لأن السلطة التنفيذية من صميم اختصاص القضاء الإدارى، و مراقبة أعمالها والحكم على جميع أعمالها التى تصدرها ، ومن حق مجلس الدولة أن ينظر هذا القرارات ، وهذه الإجراءات التى تتبعها عن ممارستها لسلطتها، فهى تمارس سلطة إبرام المعاهدات وتوقيع الاتفاقيات، بتتبع مجموعة إجراءات لكى تصل إلى هذه المرحلة، ولابد أن تكون جميع الإجراءات صحيحة، لأنها بمخالفتها لأحكام الدستور يكون معناه أن من حق القضاء أن يبطل هذه الإجراءات ويبطل ما يترتب عليها من آثار، مثل هذه الاتفاقية وما تم اتخاذه من إجراءات وقرارات مخالفة لأحكام القانون والدستور وبالتالى تعتبر الاتفاقية باطلة، وبالتبعية تظل سيادة الجزيرتين لمصر.
وأضاف "المغازى" فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أن حكم اتفاقية تيران وصنافير، هو حكم تاريخى وسوف يتم تدريسه للطلبة من الناحية القانونية والدستورية والوطنية، على أنه نموذج من النماذج الذى يكون القضاء فيها بالفعل حائط الصد الأخير للرعونة فى قرارات السلطة التنفيذية.
وأكد مستشار رئيس الجمهورية السابق، أن القضية ممنوع أن تعرض حاليا على مجلس النواب لأنه يحكمنا قاعدة "ما بنى على باطل فهو باطل"، وبناء عليه إذا كان أصل الموضوع باطل فما يترتب عليه من آثار مثلما قالت المحكمة "باطلا"، مشيرا أن الحكم ملزم للكافة بما فيها البرلمان، مثلما أكدت سياسات الدستور.
وتابع: يحزننى حديث البعض من القانونين الغير مختصين وبعضهم قامات كبيرة، عن عرض الاتفاقية على البرلمان وأنه مخالف للدستور أو سقطة، ومن يقول هذا الكلام لم يقرأ الحكم نفسه، ولابد من عقوبتهم بتهمة إهانة القضاء.
وأوضح لـ"إنفراد"، أن اتفاقية مصر والسعودية لا تعتبر لها وجود سوى بعد التصديق عليها من البرلمان بموجب القانون الدولى ، وإذا رفضت المملكة الاعتراف بحكم القضاء المصرى فمن حقها أن تلجأ للتحكيم والكل يقدم ما لدية من وثائق، وتابع: "المشكلة تكمن فى هل تلك الحكومة أمينه عندما نلجأ للتحكيم ولا هتعتمد على قناعتها أنها تخسرنا القضية؟
أقول بصراح صادمة .. إن حكومة شريف إسماعيل بتخسرنا أى شئ، ومن الممكن أن تخفى وثاق وتسبب لنا مشاكل، والقضاء لن يصدر حكما إلا بالمستندات.
واستطرد قائلا: على مسئوليتى الشخصية لايوجد فى الدستور المصرى مايسمى بقائمة أعمال السيادة ، بالعكس هذه نظريه كان متبنيها مجلس الدولة، والمادة 97 تمنع تحصين أى عمل وأى قرار إدارى من رقابة القضاء ، بمعنى أن أى شئ تفعله السلطة التنفيذية تحت رقابة القضاء وهذه حماية للمواطنين، وتوضح كيف يكون للمواطن حق اللجوء للقضاء، وكانت أعمال السيادة فى مجلس الدولة دون توضيح وهى مأخوذة من مجلس الدولة الفرنسى عندما أنشأ عام 72، والمجلس الفرنسى ألغى أعمال السيادة.
وأضاف : أتمنى أن تؤيد المحكمة الإدارية العليا الحكم ، والعلاقة الطيبة بين البلدين"مصر والمملكة"، لا يمكن أن تتأثر بجزيرتين عليهما خلاف فى السيادة وإذا تأثرت يكون معناه أن العلاقات بين البلدين كانت "هشه"، ولابد أن تحترم السعودية هذا.
وقال: السعودية تقريبا ليس لديها وثائق بالجزيرتين ، ولكن البعض ممكن من دعاة الوطنية يحاولوا إخراج وثاق تثبت ملكية السعودية للجزر.
وأكد: إذا تم رفض الحكم من المحكمة الإداريه العليا ، فقد أصبحت فى هذه الحالة السلطة من حقها نقل الاتفاقية إلى البرلمان للتصديق عليها ، أو عدمه، وتوضع البرلمان أمام التاريخ حول إثبات أو عدم إثبات مصرية الجزيرتين ، ولابد من دراسة و ومراجعة الوثائق، وتابع: أقول للبرلمان الحكومة غير أمينة فى عرض الموضوع والدليل أن الحكومة وقعت المعاهدة من شهر إبريل حتى صدور الحكم ، وهى تتلكأ فى عرض الاتفاقية على البرلمان للتصديق ولا نعلم لماذا؟
وبالتالى على البرلمان فى هذه الحاله أن يعيد فحص الإجراءات والمستندات من الأول للآخر ، لأنى غير واثق فى الحكومة.
نائب حزب الوفد : الاتجاه الغالب فى البرلمان هو اعتبار الجزيرتين سعوديتان
وقال النائب أشرف عزيز اسكندر عضو مجلس النواب عن حزب الوفد ، أنه بعد نقض مجلس الدوله للحكم وتحويله للإدارية العليا، سنكون أمام أمرين، أما أن تؤيد المحكمة للقرار ونقول "غلت يد البرلمان"، ولا داعى لتوجيه الموضوع للبرلمان ويوقف أى فاعليه أو تأثير للاتفاقية، وكأنها لم تكن، لكن إذا الإداريه العليا نقضت الحكم بأى حيثية سواء عدم اختصاص الإحالة للإدارية العليا أو غيرة، فى هذه الحاله فقط تحال أوراق القضية برمتها إلى البرلمان، لفحص الموضوع من جديد، وكأنه لم يكن ولم يحال للمحكمة، وخط السير الطبيعى الذى كان متوقع سيسير.
وأضاف نائب حزب الوفد بمحافظة الفيوم فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أنه لا يصح التعليق على أحكام القضاء، كما يرى أن هناك رأى غالب لعدم اختصاص المحكمة الإداريه العليا لنظر الموضوع ، وإذا تم هذا ستحال الاتفاقية للبرلمان لفحصها ، مؤكدا أن الاتجاهين موجودين داخل البرلمان مابين مؤيد لمصرية الجزيرتين ومؤيد لسعوديتهما .
وتابع: " يوجد اتجاه متشدد جدا لاعتبار الجزيرتين مصريتين ، وبالعكس فيه اتجاه آخر، وكل اتجاه يدافع عن آرائه مثل الدكتور سمير غطاس من أشد المؤيدين لمصرية الجزر، وأنا كنت النائب الوحيد اللى أعتبر نفسى موعود ، ورجليه لمست هذه الجزر بحكم عملى فى جنوب سيناء كضابط شرطه ، والأرض غالية جدا علىّ ، ولكنى اثق حتى هذه اللحظه فى القيادة المصريه السياسية أنها لن تفرط فى حبة رمل من أرضنا واستحاله جيشنا يعمل كده، ومستغرب من حكم المحكمة الإداريه العليا، ولا اعتقد أن عندنا لا المتخصصين فى الخارجية ولا وزارة الدفاع ولا كل من ساهم فى دراسة هذا الموضوع، واللجان اللى تمت بالدولتين أن يكون عندنا حد يفرط فى حبة رمل.
وأضاف "عزيز": لدى المبررات، لذلك فإن السعوديه تاخدهم ليه؟
هى ناقصها أرض يعنى؟
ومع احترامى لأى رأى يخون حد من قيادتنا أعطينى مبرر واحد هل السعوديه من أجل القرض أو المنحه أو المشروعات والاستثمارات عندنا لازم المقابل ويكون جزيرتين؟
وتابع: البرلمان سيتم مهاجمته دائما لأن الاتجاهين موجودان وإن كان الغالب، اعتبار الجزيرتين سعوديتين سواء فى الشارع أو البرلمان، لأنه نبض الشارع وهو شريحة من المجتمع ، الرؤية كده والمعيار الأخير للحجج والأساليب، ومن حق كل واحد فى البرلمان يطلب إحضارها من براهين ومستندات وخرائط ومن حق أى عضو أن يستدعى أى خبير أو يطلع على أى مستند ولا يكون الأمر اعتباطا لأنه مهم جدا ولا نقول موافقون ولا ننصاع لأحد من أجل الشعب يقتنع، وأقول للاتجاهين نحكم عقلنا ونهدى الشارع.